الخميس 28 نوفمبر 2024

مقالات

حتى أولى ساعات النهار

  • 2-5-2023 | 11:48
طباعة

هدأ الكون من حولها، وانسدلت ستائر الليل الثقيلة على زجاج نافذتها، قرأت في وجه القمر الذي تسلل بنوره إلى حجرتها حديثًا رقيقًا يداعب بين اللحظة والأخرى جفونها المثقلة ، لقد كاد الأرق أن يطويها لولا بعض من شعور بالأمل بشرها بقرب الحصول على رحيل تلك الأفكار المتلاحقة وبنوم آت نحوها يسبح ضد التيار، حملتها الأفكار في رحلة على غير هوى منها لتدفع بها في طريق لم تعتده من قبل ، طريق تسير فيه مثقلة ومن خلفها يأتي قطار مهمته طمس هدوء ليلها بضجيجه ليوقظ النوم ذاته ويضطره للبقاء لساعات في ساحات الانتظار.

إن الذاكرة القوية التي تحتفظ بحيويتها الكاملة لن تسمح لأصحابها بالراحة المطلقة، لم تمكنهم بتفوقها ونبوغها من الاستمتاع بنصيبهم في نوم هادئ وشعور بالاسترخاء من أول نداء ، فحينما يستحضرون قرار نومهم تتشابك حلقات الكلمات لتبدو قيودًا وأغلالًا تلتف من حولهم لتقودهم عمدًا للخضوع لها فتسكنهم جبرًا في منطقة عدم الاستقرار ، أحلام تحاصرهم ، رغبات تغادرهم دون أن يتمكنوا من الحصول على سبيل للخلاص ، ساعات وساعات تمر بشريط مليء بالذكريات متخم بالحكايات والأسرار.

تمر الساعات الثقال نستعطفها في طلب الخلود للنوم وندعوها لتحريرنا من سلاسل الأفكار، تنكر علينا ما نفعله بأنفسنا بمكرها، تندد بطرق خاطئة  ارتدناها وأقمنا فيها راجين منها بعض الإغفاءات، تتعجب منا أنفسنا وتردد أن انتبهوا واخضعوا للنوم قبل أن يباغتكم الفجر بمطلعه، أو ترسل إليكم الشمس أشعتها لتوقظكم.

نتعرض لضغوط الحياة التي عايشتنا حتى عز عليها مفارقتنا لننال قسطًا من الراحة بساعات نومنا القليلة، ترسل إلينا بآلاف الرسائل وتذكرنا بكل مالم نرد أن نذكره، كأنها طفل عنيد بعثر لعبه في أنحاء غرفته ليربك المشهد ويرغم أهله على إعادة ترتيبها، وما أن يطمئن لهذا حتى يعود لعمل آخر كأن بفتح بخزانة ملابسه ليلقي محتوياتها على الأرض مدعيًا براءته ، فيضطر الجميع للمشاركة في إعادة تنظيمها له من جديد.

عذاب يحل علينا في أغلب ليالينا ، يدور بنا في عالم من خيال على غير هوانا ، تسيطر علينا فكرة أو يحل بنا حنين للقيام بعمل شيء لم يكن وقته مناسبًا أبدًا ولكنه الحصار، حصار الأفكار الذي ينصب شباكه بكل مهارة لينزع عنا غطاء الخلود للنوم ، يقف متحديًا لنا ثم يفاجئنا بعودة النوم مصاحبًا لشروق شمس وطلوع نهار.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة