الجمعة 28 يونيو 2024

خلاف بين النجوم ومسئولى مسرح الدولة ثلاثون مزادًا علنيًا لعروض مسرح الدولة..!

16-9-2017 | 18:00

تحقيق يكتبه:محمد رمضان

«ألا أونا.. ألا دو».. جملة هزت عرش مسرح الدولة بعد إعلان المخرج إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح عن بيع حق بث مسرحياته تليفزيونياً إلى الفضائيات فى «مزاد علنى» ..!

البداية جاءت من خلال طلب الفنان الكبير لطفى لبيب شراءه لحق إذاعة مسرحيته «ليلة من ألف ليلة» تليفزيونياً والتى يشارك الفنان الكبير يحيى الفخرانى فى بطولتها.. فتم عرض الأمر على المستشار القانونى لقطاع شئون الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة الذى أفادهم بأنه ينبغي بيع حق البث التليفزيونى لها من خلال قانون المزايدات والمناقصات رقم ٨٩لسنة ١٩٩٨ فاعتقد رئيس البيت الفنى أن الأمر سهل فأعلن عن بدء عرض حق بث المسرحيات، لم يتخيل مختار أن هذا الإعلان سيكون صدمة للبعض وأنه سيثير غضب كبار الفنانين والكتاب المسرحيين ظناً منهم بأن كلمة «مزاد علنى» يهدر قيمة إبداعاتهم الفكرية والفنية ويعطى انطباعاً لدى البعض بكونها تشبه أيه سلعة أخرى تباع وتشترى..!

البعض وصف هذه المسألة بأنها أشبه بسوق نخاسة جديد للفنانين أنفسهم المشاركين فى هذه العروض المسرحية إلا أن رئيس البيت الفنى نفى ذلك ..!

اعتلى صوت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب سيدة المسرح العربى ثورة غضب عارمة عند علمها بالإعلان عن هذا المزاد وقالت: أرفض بشدة التعامل مع إبداعاتنا المسرحية بهذا الأسلوب الفج لأن كلمة «مزاد علنى» تمثل إهانة بالغة للفكر والإبداع الفنى الذى نقدمه من خلال أعمالنا فى مسرح الدولة وهذا الرفض لا يعنى أننى أمانع تصوير هذه الأعمال الفنية تليفزيونياً لكننى أرى أن أسلوب تسويقها من خلال هذا المزاد يهدر قيمتها والأفضل البحث عن طرحها تسويقياً بأى طريقة أخرى بحيث يكون هناك وسيلة أخرى لا تحمل كلمة «مزاد علنى» من خلال الاتفاق مع الفضائيات على شراء هذه المسرحيات من خلال تقديم عروض شرائها للبيت الفنى للمسرح الذى يتعين عليه فى هذه الحالة اختيار العرض المناسب منها وفقاً لما يحققه من مردود مادى، لكن مع ضرورة الحفاظ على ما تحمله هذه الأعمال المسرحية من رسائل تنويرية وثقافية.

خانه التعبير..!

الفنان الكبير أحمد بدير يرفض هو الآخر عرض مسرحيات مسرح الدولة من خلال البيع فى مزاد علنى، وقال أعتقد أنه ربما قد خان رئيس البيت الفنى للمسرح التعبير فى إعلانه عن طرح هذه المسرحيات للبيع من خلال هذا المزاد العلنى لأن هذه الكلمة لا تتناسب مع تسويق أى منتج ثقافى لأن أعمالنا المسرحية ليست ترابيزة أو نجفة تباع وتشترى فى مزاد علنى بل أخشى بعد بيع هذه المسرحيات من خلال هذا المزاد قيامهم ببيع الممثلين أنفسهم إلى ملاك هذه القنوات فلا يعقل أن نتخيل بأن أعمال توفيق الحكيم، يوسف إدريس ونجيب محفوظ بما تحتويه من إبداع أدبى وثقافى تباع فى مزاد علنى، وكان يجب على البيت الفنى للمسرح التشاور فى تسويق هذه الأعمال المسرحية مع الفضائيات واختياره أعلى سعر لكى يتم بيع حق إذاعة هذه المسرحيات.

فرصة سعيدة..!

الفنان الكبير فتوح أحمد رئيس البيت الفنى للمسرح قال: «إنه لا ينبغي الوقوف عند المسميات فلا يجب التعامل مع كلمة مزاد علنى بهذا الشكل لأن الهدف منه فى النهاية هو تسويق هذه الأعمال الفنية لأننى أرى أن الأهم من الاعتراض على هذا المسمى هو تصوير هذه المسرحيات تليفزيونياً حتى لا نهدر قيمتها ولكى نحتفظ بها للأجيال القادمة لكى يستفيدوا من خبرات من سبقوهم وبالتالى نحدث تطوراً داخل الحركة المسرحية فلا أجد عيباً فى استخدام كلمة مزاد فى تسويق هذه الأعمال ولكن الأهم أن هذه الأعمال سوف يتم تصويرها وتسويقها بشكل قانوني بعيداً عن المسميات فأنا كفنان لى العديد من المسرحيات التى اشتركت فى بطولتها داخل المسرح الحديث ولم يتم تصويرها ومن ثم افتقدت جزءا كبيرا جداً من حياتى الفنية فضلاً عن أنى لى تجربة مع وزارة المالية حيث عرضت عليهم تحمل نفقات تصوير وشراء المسرحيات أثناء رئاستى للبيت الفنى للمسرح لصالح التليفزيون المصرى إلا أننى فوجئت بالمسئولين يردون بالرفض على التليفزيون علماً بأننى الذى تقدمت إليهم بهذا الطلب وليس التليفزيون وفِى رأيى لو تم بيع حق بث هذه المسرحيات للفضائيات الخاصة فلابد من حصول التليفزيون المصرى على نسخة مجانية منها والاتفاق على عرضها بعد فترة معينة من شراء الفضائيات لها لأن تليفزيون الدولة لابد وأن يمتلك تراث الدولة المسرحى ..ومن أهم الأعمال المسرحية التى سوف نقدمها خلال الفترة القادمة مسرحية بعنوان «فرصة سعيدة» بطولة الفنان الكبير أحمد بدير وهشام سليم وأشاركهما البطوله فيها والجديد فى هذه المسرحية أننا سوف نبدأ عرضها بمحافظة الفيوم لإيماننا بخروج المسرح إلى الأقاليم وسوف نجوب بها بقية المحافظات ثم نعرضها فى القاهرة والإسكندرية وسوف يتم افتتاحها مع بداية العام الجديد.

هدم المسرح..!

الكاتب المسرحى الكبير لنين الرملى يؤكد أنه ليس ضد تصوير هذه المسرحيات بل يرحب بفكرة تسويق المسرحيات بعد تصويرها ولكن دون المساس بالمحتوى الفكرى لها.. ولذلك يجب أن يتم الرجوع إلى كمؤلف العمل المراد تصويره لكى أشرف على عملية تصويره حتى لا يتم حذف أى شىء منه ويجب الحصول على موافقتى على التصوير لكونى مؤلف النص المسرحى ولى الحق فى حالة وجود خلل سوف يؤثر عليه أن أرفض تصويره.. مثلما للبيت الفنى للمسرح حق إنتاج مسرحياتى أو رفضها فلى الحق نفسه فى عدم تصويرها إذا وجدت أن هناك ما سيؤثر على مستواها الفكرى والثقافى.. مضيفا كما أننى أرى أن بيع المسرحيات بهذه الطريقة سوف يجعل هذه القنوات الفضائية تتحكم فى اختيار العروض التى يتم تصويرها وفقاً لسياسة كل قناة وبالتالى سيكون هناك عروض لن يتم تصويرها أو تسويقها.. أضف إلى ذلك أن هذه الطريقة التسويقية سوف تعمل على هدم المسرح لأن الجمهور سوف يكتفى بمشاهدة هذه المسرحيات تليفزيونياً وسوف يعزف عن الذهاب إلى المسرح.

دافع للتميز..!

بينما يرى الفنان القدير أشرف طلبة مدير عام المسرح الحديث أن تسويق المسرحيات بهذا الشكل سوف يخلق الحافز للإجادة لدى كل العاملين بها قائلاً: إن بيع هذه العروض المسرحية سوف يخلق الدافع لدي كل فنان على التميز فى أداء دوره وسوف يشجع المخرجين على ضرورة انتقاء نصوصهم المسرحية الجيدة التى تحقق أعلى الإيرادات لكى يتم طرحها تسويقياً فيما بعد بشكل أفضل بين العروض المسرحية الأخرى.

لطفى لبيب السبب ..!

الإ أن الفنان القدير يوسف إسماعيل مدير عام المسرح القومى يكشف لنا أبعاد الإعلان عن إقامة هذا المزاد قائلاً: إن الفنان الكبير لطفى لبيب أحد أبطال عرض «ليلة من ألف ليلة» طلب شراء حق تصوير وإذاعة المسرحية تليفزيونياً فتم عرض الأمر على المستشار القانونى لقطاع الإنتاج الثقافى بالوزارة الذى أشار علينا عمل مزايدة من خلال إجراء مزاد علنى أو مزاد بالمظاريف المغلقة فتم الاتفاق على عمل مزاد بالمظاريف المغلقة وعمل إعلان فى الجرائد الرسمية للدولة عن رغباتنا فى بيع حق استغلال الرواية للقنوات الفضائية وسوف يتم نشر هذا الإعلان الأسبوع القادم وبعد ذلك سوف يتم اختيار القناة التى سوف تقدم أفضل عرض لكى تشترى حق بث المسرحية وسوف يتم استئناف عرضها من أجل التصوير.

ويؤكد يوسف إسماعيل بأن هناك كراسة شروط لدخول هذا المزاد يوجد بها مجموعة من الاشتراطات التى تضمن الحفاظ على محتوى هذه المسرحية الفكرى والفنى بحيث إنه سيتم تصويرها بأعلى التقنيات الفنية ووجود اسم المسرح القومى داخل أشرطة تسجيلها وعدم وجود فواصل إعلانية أثناء عرضها ولكن سوف يسمح بها بين فصلى المسرحية حتى لا تهدر قيمتها الفكرية والفنية.

ليس سوق نخاسة..!

على الجانب الآخر يروى لنا المخرج إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى تفاصيل إقامة هذا المزاد قائلاً: عندما توليت رئاسة البيت الفنى للمسرح وجدت أن هناك «بروتوكول» مبرما بين البيت الفنى للمسرح وشركة صوت القاهرة بشأن تصوير وشراء المسرحيات المنتجة نظير أجر محدد ويختلف هذا الأجر من مسرحية لأخرى.

مضيفا: فوجئت بشراء صوت القاهرة حوالى واحد وعشرين مسرحية لم يتم إذاعة معظمها وترتب على هذا عدم دراية المتفرج المصرى بهذه العروض بالإضافة إلى شعوره بغياب مسرح الدولة بل إن الصورة الذهنية لدى المشاهد ارتبطت بالعروض المسرحية المعتاد إذاعتها خلال المناسبات مثل الأعياد وكأنه ليس هناك أى تواجد فنى لمسرح الدولة على الساحة ولذلك أردنا نشر رسالتنا الثقافية والتنويرية من خلال هذا المزاد الذى سوف يقام، ولكن ليس بالصورة المعروفة للمزادات العلنية لأننا حرصنا على إجراء هذا المزاد بالمظاريف المغلقة لتحقيق مبدأ الشفافية وللحفاظ على القيمة الفكرية والثقافية والفنية لهذه العروض المسرحية وبالفعل تم تشكيل لجنة تضم فى عضويتها أحد مسئولى الجهاز المركزى للمحاسبات وأحد أعضاء مجلس الدولة وقد قامت هذه اللجنة بتحديد قيمة الأعمال المطروح عرضها فى هذا المزاد وإذا وجدنا أن العروض المقدمة إلينا لشرائها أقل مما قد حددته هذه اللجنة فإننا سوف نعيد طرحها للبـيـع مـرة أخـرى. عـلماً بـأنـنا لا نبيع هذه الأعمال بشكل مطلق لكن يتم بيع حق بثها تليفزيونياً لمدة خمس سنوات فقط عكس ما كان معمولا به فيما سبق حيث كانت هذه الفترة تصل إلى عشر سنوات أيضاً من ضمن شروط هذا المزاد أنه مقصور دخوله على التليفزيون المصرى والقنوات الفضائية المصرية فقط ولذلك أرى أن تقليص فترة بيع حق البث التليفزيونى لهذه الأعمال إلى خمس سنوات لا يعنى بيع قيمة العمل الفنى نفسه ولا يصح تشبيه هذا المزاد بأنه سوق للنخاسة لأننا نحترم تاريخ نجوم مسرحياتنا فليس معنى أننا نبيع حق بث هذه المسرحيات بأننا نبيع هؤلاء الفنانين أنفسهم المشاركين فيها.

وتابع مختار حديثه: نحن حريصون فى حالة بيع أى مسرحية لأية قناة فضائية حصول التليفزيون المصرى على نسخة من العرض المصور وعرضها بعد فترة متفق عليها من شراء القناة الفضائية لها، وفكرة هذا المزاد تأتى فى إطار ما نص عليه قانون رقم ٨٩ لسنة ١٩٩٨ الخاص بالمزايدات والمناقصات لكى نضمن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والشفافية وسوف يتم طرح كل عمل مسرحى على حدة من خلال إقامة مزاد خاص به ومن المقرر طرح حوالي ثلاثين عملاً مسرحياً في الفترة القادمة من خلال بيع حق البث التليفزيون لها وسوف نبدأ بعرض «ليلة من ألف ليلة» للفنان الكبير يحيى الفخرانى وليس الهدف من بيع حق بثه تليفزيونيا الحصول على المردود المادى فقط ولكننا سوف نراعى توافر الشروط الفنية التى سوف تحافظ على قيمة العمل وتقديمه بشكل جيد يتناسب مع قيمته الثقافية وتاريخ أبطاله.. بحيث تخضع عملية تصوير هذا العرض المسرحى لإشراف ومتابعة المسئولين داخل مسرح الدولة بصفة عامة والمسرح القومى بصفة خاصة لأنه هو المنتج لهذه المسرحية.

والهدف من ذلك هو تحول المسرح من كونه عبئا على كاهل ميزانية الدولة إلى داعم للتنمية المستدامة بها من خلال تحقيقه مكاسب مالية إضافية تضاف إلى أرصدة الخزانة العامة للدولة.