الأربعاء 26 يونيو 2024

فردوس محمد.. أشهر «أم» في السينما يتيمة الأبوين

23-9-2017 | 00:20

كتب ـ خليل زيدان
من الطبيعي أن يكون لكل فنان معين يستمد منه إبداعه، ليعينه هذا المعين على أداء أدواره واستكمال مشواره، لكن إن لم يكن هناك معين ولا خبرات سابقة، فكيف يبدع الفنان؟ تلك هي المعادلة المستحيلة التي رأيناها في أداء الفنانة فردوس محمد التي تحل ذكرى رحيلها اليوم، فهي الفنانة التي حرمت من حنان الأب والأم، ومع ذلك جسدت الأمومة على الشاشة في أروع صورها.

تعتبر الفنانة فردوس محمد من أقدم أمهات السينما المصرية، فقد أدت دور الأم في وقت كانت فيه الفنانة أمينة رزق تؤدي دور الزوجة، وهذا ما رصدته السينما من خلال فيلم "الدكتور" عام 1939، فقد أدت فردوس دور "أم حلمي" بينما كانت أمينة رزق تؤدي دور الزوجة "إحسان".. وأداء فردوس محمد في تلك السن الصغيرة لدور الأم يثير التعجب، فقد كانت ابنة الثالثة والثلاثين آنذاك، فهي المولودة عام 1906 وعاشت طفولتها يتيمة الأبوين، ولم تجد من يحنو عليها أو يرعاها، فتولت إحدى الأسر تربيتها وألحقتها بإحدى المدارس بحي الحلمية حتى تعلمت القراءة والكتابة والتدبير المنزلي.

عند بزوغ فجر الشباب للفتاة فردوس محمد تم تزويجها، ولم تدم الزيجة طويلاً وانفصلت بعد فترة قصيرة، وفي تلك الفترة بدأت البحث عن عمل تقتات منه وقد ولدت عندها الميول الفنية، فالتحقت بفرقة عبد العزيز خليل المسرحية، وقامت بعدة أدوار، تنقلت بعدها للعمل بعدة فرق مسرحية منها  فرقة فوزي نجيب التي كانت تطوف بلاد الشام وفلسطين لتقديم عروضها هناك.. وقد عزمت الفرقة على السفر إلى فلسطين وكانت فردوس ضمن أبطال الفرقة، وكانت القوانين تقتضي بعدم سفر غير المتزوجات، إذن لابد أن تتزوج فردوس محمد حتى تتمكن من السفر والقيام بأدوارها في الفرقة، وقد انتهى الأمر بأن يتم عقد قران فردوس على أحد أعضاء الفرقة، وهو المنولوجست الفنان محمد إدريس حتى تتمكن من السفر.. والطريف أنه أثناء عروض الفرقة في فلسطين ولدت مشاعر المودة بين الطرفين، وأخبرها إدريس بما يجول بخاطره، وهو أن يصبح الزواج حقيقة وليس صورياً، فوافقت فردوس على الفور وتم الزفاف وسط فرحة الزملاء، واستمرت الزيجة 15 عاماً قضتها مع إدريس في سعادة وأنجبت منه إبنتها الوحيدة ناني.

بدأت فردوس محمد العمل في السينما عام 1935 في فيلم دموع الحب مع محمد عبد الوهاب، وقامت بدور زهرة زوجة المعلم حنفي، لتصبح أيضاً زوجة لنجيب الريحاني في فيلم سلامة في خير، وقد ظهر لب تلك الشخصية في السينما المصرية، حيث كان وجهها يفيض طيبة ومودة وحناناً، وانطلقت بعد ذلك  تؤدي دور الأم في السينما المصرية، وقد بلغ أجمالي أعمالها 149 فيلماً، أدت فيه معظمها دور الأم الحنون الصورة التي تغمر أولادها محبة وفيض من الحنان، ومن أشهر أدوارها دور الأم في ردفيلم رد قلبي وفيلم صراع في الميناء وزينب وعائشة وحميدو وشباب إمرأة وعنترة بن شداد وحكاية حب مع عبد الحليم حافظ ..

والشئ الغريب هو كيف كانت تلك الفنانة تؤدي تلك الأدوار المميزة التي جعلتها أشهر أم في السينما، دون أن ترى هي ذلك الحنان أو تعيشه؟ كيف لسيدة لم تعش مع أمها أن تجسد دور الأمومة بتلك البراعة التي لم يصل إليها أي من نجوم السينما غيرها؟.. ربما يعود ذلك إلى إلهام إلهي أو شعور جارف إفتقدته في طفولتها فجسدته بأروع صوره في السينما المصرية لتصبح أشهر وأحن أم في كل أدوارها، ولن تنسى الجماهير المحبة لفردوس محمد طرافتها في بعض الأفلام، منها المشهد المميز في فيلم سيدة القصر عندما طلبها استيفان روستي للرقص، فقالت له: وماله يا خويا، ما ترقص.. حد حايشك؟