الخميس 27 يونيو 2024

اتفاق فتح وحماس كلاكيت لعاشر مرة

24-9-2017 | 21:23

بقلم –  نجوان عبد اللطيف

للمرة العاشرة يتم الاتفاق بين حماس وفتح برعاية مصرية، اتفاقات وتفاهمات عقدها من قبل الإخوة الأعداء، لم تتجاوز كونها حبراً على ورق، غالبيتها عقدت فى القاهرة باستثناء اتفاق فى مكة وآخر فى صنعاء وثالث فى الدوحة وقبل الأخير كان فى غزة، المبتدأ كان فى القاهرة ٢٠٠٥ والأخير قبل أيام فى ١٧ الجارى، سنوات وسنوات من الخلاف الفلسطينى الفلسطينى، وصلت فى عام ٢٠٠٧ إلى القتال بين فتح وحماس، وانتهى الأمر بسيطرة حماس كاملاً على غزة واستمرارسيطرة فتح على الضفة الغربية، ليصبح الانقسام واقعاً على الأرض؟

السؤال الآن هو هل سيكون مصير اتفاق القاهرة ٢٠١٧ أفضل من الاتفاقات السابقة؟ أم سيكون مصيره كمثل سابقيه؟

ربما يكون أول طريق النجاح لهذا الاتفاق أن حماس أعلنت بالفعل حل اللجنة الإدارية التى شكلتها فى مارس الماضى لتدير قطاع غزة كحكومة حمساوية بديلة عن حكومة الوفاق الوطنى برئاسة رامى الحمد الله. ودعوة وزارة حمد الله لتسلم إدارة القطاع.

وعلى الجانب الآخر رحبت فتح بالقرار وأعلن عضو مركزية فتح أحمد حلس أن السلطة الفلسطينية ستلغى الإجراءات التى اتخذتها من قبل ومنها إعادة الخصومات بأثر رجعى لموظفى السلطة الوطنية الفلسطينية فى غزة.وصرف الرواتب المتأخرة.

كما صرح مصدر فلسطينى أن وفداً مصرياً سيقوم بزيارة غزة للتحقق من تنفيذ الاتفاق.

وبعد أسبوع من التنفيذ، سيتم عقد اجتماع تمهيدى بين فتح وحماس قبل الاجتماع الموسع للفصائل الفلسطينية المزمع عقده قريباً فى القاهرة.

ولكن المثير للتساؤل هو لماذا لم يتحاور الطرفان وجها لوجه، حيث جرى الحوار عبر الوسيط المصرى، رغم أن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس اتصل من القاهرة بالرئيس الفلسطينى محمود عباس وتم التأكيد خلال الاتصال على الأجواء الإيجابية التى سادت الساحة الفلسطينية، بعد إعلان الحركة حل اللجنة الإدارية والترحيب بقدوم حكومة التوافق الوطنى لممارسة مهامها فى القطاع وصولا ٌ لإجراء الانتخابات العامة وبدء الحوارات الثنائية والفصائلية فى القاهرة بشأن ملفات المصالحة بما يتطلب وقف الإجراءات التى اتخذتها السلطة فى الفترة السابقة، وأكد هنية على أن حماس عاقدة العزم على المضى قدماً فى خطوات إنهاء الانقسام.

ما الذى دفع بحركة حماس للتنازل عن سلطتها وإدارتها لقطاع غزة؟ هل بسبب تضييق الخناق عليها، سواء من نقص فى الأموال بسبب توقف الدعم السورى لموقفها ضد النظام الذى كان حاضنتها الأولى، وانحيازها لولائها الإخوانى، ومن ثم فقدان الدعم الإيرانى الذى كان هو المصدر الأساسى للأموال والسلاح والتدريب وبالطبع من خلفه حزب الله اللبنانى، أم لأن الدعم القطرى فى مهب الريح، ومن قبل الحصار المفروض عليها والتى رأت التضحية بحركة حماس لتخفيف الضغوط عليها وطالبت- كما تردد- بعض قياداتها بمغادرتها بعد أن كانت الملاذ لهم عقب خروجهم من سوريا، وفوق هذا وذاك تأتى قرارات السلطة الفلسطينية بمنع الرواتب عن الموظفين فى غزة وعدم دفع ثمن الكهرباء لإسرائيل، وغيرها من الإجراءات العقابية.

وعلى الجانب الآخر ما الذى يجعل محمود عباس يقبل أن يحمل عبء غزة الذى لا يرغب فيه؟

مربط الفرس بالنسبة لأبو مازن كان ظهور محمد دحلان الذى يقود داخل الحركة تياراً فتحاويا يطلق عليه إصلاحياً، حيث كان قد بدأ التيار بعقد اجتماع فى العين السخنة، مصدراً لإزعاج أبو مازن وفريقه، وزاد الطين بلة بدء تفاهمات بين حركة حماس ودحلان والاتفاق على تعويض الفتحاويين الغزاويين ضحايا قتال حماس فى ٢٠٠٧ودفع الدية لأهالى القضحايا القتلى. وهو ما بدا على أرض الواقع فى غزة بدعم إماراتى.

إذن الجانب المصرى وجد الفرصة سانحة لإتمام المصالحة التى سعت لها القاهرة مراراً وتكراراً، والتى تراها هامة للأمن القومى المصرى وللقضية الفلسطينية التى مازالت قضية العرب شاءوا أم أبوا، وأن الظروف مواتية لكبح جماح الطرفين.

عبدالقادر ياسين الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى قال دائماً الاتفاق بين فتح وحماس على كف عفريت للخلاف السياسى الكبير بينهما من حيث الفكر ولتعارض المصالح، كانت حماس تتبنى الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير فلسطين، بينما يرى أبو مازن رئيس فتح أن المفاوضات هى الحل الوحيد، حماس غيرت موقفها، بعد خسارتها للدعم السورى والإيرانى، حتى الدعم القطرى كان مشروطاً بأن لا تشترى حماس بالأموال القطرية سلاحاً أو ذخيرة، بل إن قطر أعلنت مؤخراً أنها تستضيف القيادات الحمساوية تلبية لطلب أمريكى، كما أصبح لا إمكانية لتفعيل الكفاح المسلح بسبب الضربات التى وجهت لغزة من إسرائيل والتنسيق الأمنى بين السلطة والإحتلال، وضعف الموارد، وفوق هذا انحسار شعبيتها فى غزة لأسباب عدة أهمها عدم قدرتها على توفير حياة كريمة للغزاويين، نتيجة هذه الظروف، فقر مدقع و٧٠بالمائة نسبة البطالة، إذن ليس لدى حماس أفق فى استمرارها فى حكم غزة.

أما أبو مازن فلم يعد يستطيع الدفاع عن سياسة التفاوض التى لم يجن منها الفلسطينيون شيئاُ، إلا التنازل ثم التنازل، واستمرار سياسة الاستيطان وقضم أراضى الضفة الغربية والقدس الشرقية.

واعتقال الآلاف وفرض الحصار على غزة، والتسويف والمماطلة، وضعف الموارد المالية وانخفاض شعبيته فى الضفة بسبب هذه السياسات، خاصة التنسيق الأمنى مع إسرائيل، وانقسام داخل حركة فتح. وقيادة دحلان صديق الأمس لعدو اليوم.

وبالإضافة لذلك فإن الشارع الفلسطينى يرغب فى المصالحة الوطنية بين فتح وحماس، والتى أراها تختلف كثيراً عن الوحدة الوطنية التى مازالت بعيدة المنال.

- أى اتفاق بين فتح وحماس ينكسر على تمسك كل منهما بالسيادة.. حماس على غزة وفتح على الضفة الغربية، وهو أمر بدا على الأقل عدم إمكانية الاستمرار فيه أو ضمانه مع تدهور الأوضاع، وهو ما كان يعطل إجراء أى انتخابات، سواء تشريعية أو رئاسية أو المجلس الوطنى، حيث يحافظ كل طرف على وضعه، حماس لها الأغلبية فى المجلس التشريعى وأبو مازن هو الرئيس المنتخب وفتح لها الغلبة فى المجلس الوطنى، والأمر الآخر هو الأجهزة الأمنية التى يسيطر كل طرف عليها فى محيطه.

اتفاق القاهرة ٢٠١١ الذى وقعه خالد مشعل مع أبومازن فى مبنى المخابرات العامة، وبحضور عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية فى هذا الوقت، ود. نبيل العربى وزير الخارجية، نص على وحدة الأجهزة الأمنية بعد إعادة هيكلتها، على أن تكون وطنية وغير فصائلية، وتشارك مصر فى إعادة تأهيلها.

آخر اتفاق والذى تم عقد اجتماعاته فى القاهرة ثم فى غزة، والذى أطلق عليه اتفاق الشاطئ نسبة لمخيم الشاطئ الذى جرى على أرضه عام ٢٠١٤ انهار بسبب تشكيل حكومة الوفاق الوطنى، والتى نص الاتفاق على أن يتم تشكيلها من التكنوقراط من الضفة وغزة برئاسة رامى الحمد الله، حيث اتهمت حماس الحمد الله بأنه يتصرف كرئيس فتح وليس رئيساً لوزارة فلسطين واستبدال الوزراء الذين تم التوافق عليهم بوزراء فتحاوية. ومن ثم قررت حماس تشكيل اللجنة الإدارية لإدارة القطاع فى مارس الماضى ومنعت الحكومة من ممارسة عملها.

وبناء عليه أصدر أبو مازن القرارات العقابية على غزة بأسرها. من هنا طلبت السلطة وحركة فتح إيداع قرار حل اللجنة الإدارية لدى مصركشرط مسبق كى توافق على إجراء الحوار، وهو ما حدث بالفعل وكان حل اللجنة أول بند فى الاتفاق الجديد الذى توصلت مصر إليه مع وفدى حماس وفتح، وفد حماس كان على أعلى مستوى برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس ويضم د. موسى أبو مرزوق نائب الرئيس ويحى السنوار رئيس الحركة فى غزة ورئيس الحركة فى الخارج، وهو شخصية لا يتم الكشف عنها وأعضاء المكتب السياسى محمد نصر وحسام بدران وخليل الحية وزاهر جبارين وماهر عبيد وموسى دودين، وصالح العارورى رئيس الحركة فى الضفة الغربية، أما وفد فتح فكان برئاسة عزام الأحمد عضو مركزية فتح ومفوض العلاقات الوطنية، أشادت حركة حماس فى بيانها الصادر من القاهرة حول الاتفاق بدور المخابرات العامة برئاسة الوزير خالد فوزى فى إتمام هذه المصالحة، ونشر موقع إيلاف الفلسطينيين ببعض من بنود الاتفاق والذى ينص على تمكين حكومة الوفاق من تسلم كافة الوزارات فى غزة، مع استمرار وكلاء الوزارة من حركة حماس فى القيام بأعمالهم حتى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وإنهاء العقوبات التى فرضتها السلطة على القطاع وإيقاف التراشق الإعلامى

وتتولى حكومة الوحدة الوطنية إجراء الانتخابات العامة والرئاسية بعد إصدار الرئيس أبو مازن مرسوماً بذلك، وبالنسبة لمعبر رفح وهو أمر يهم مصر تحديداً تم الإتفاق على فتح المعبر على أن يتولى حرس الرئاسة المهام الأمنية داخله، بينما يتولى أمن حماس عمليات التأمين خارجه، وإنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر وغزة، والبند المهم الذى تصر عليه حماس فى كل اتفاق عدم المساس بسلاح المقاومة فى قطاع غزة بأى شكل من الأشكال.

الأمم المتحدة رحبت ببيان حماس وقال المنسق الخاص بها لعملية السلام نيكولاى ملادينوف إنها مستعدة لدعم الجهود المبذولة من أجل معالجة الوضع الإنسانى الخطر فى غزة، خصوصا أزمة الكهرباء كأولوية.

أما إسرائيل فقد هاجمت الاتفاق، خاصة أن بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أن حماس وافقت بعد تلقى ضمانات من القاهرة بأن نقل السلطة لن يؤثر على المقاومة وكتائب عز الدين القسام كقوة عسكرية مستقلة، كما أشارت صحيفة يدعوت إحرنوت إلى أن الانفراجة بين حماس ومصر وربما السماح لها بعقد اجتماعاتها فى القاهرة هو بسبب تعهد حماس المساعدة فى مواجهة تنظيم داعش فى سيناء من ناحيتها فى غزة.

رغم أن التوصل لهذا الاتفاق يعتبر نجاحاً، إلا أن الشيطان يكمن فى التفاصيل، فحركة فتح تطالب حماس بآليات لتنفيذ الاتفاق على لسان ممثل الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود. أما فوزى برهوم الناطق باسم حماس فقد دعا الرئيس أبو مازن بتكليف حكومة الحمد الله بتسلم مهامها فى القطاع والاضطلاع بمسئوليتها على حد قول عبدالقادر ياسين، وكأن كل طرف يحاول إلقاء كرة النار فى حجر الآخر.

وبالطبع الحوار المباشر بين الطرفين سيكون أصعب من الحوار الذي جرى عبر المخابرات المصرية، خاصة أن كل طرف لديه ثأر لدى الآخر، ولكن مصر جادة فى إنجاز الاتفاق وكلا الطرفين يعيش معاناة لا مخرج منها إلا المصالحة حتى ولوكانت على كف عفريت.