الخميس 16 مايو 2024

"فورين بوليسي": الشركات الصينية تحصل على رقائق متطورة من الولايات المتحدة

أشباه الموصلات

عرب وعالم24-6-2023 | 10:11

دار الهلال

فرضت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خريف العام الماضي مجموعة شاملة من القيود على الصين ، لمنع وصولها إلى الرقائق المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الأمريكية في أي مكان في العالم، بما في ذلك أكثر الرقاقات تقدما والتقنيات التي يمكن استخدامها، من بين تطبيقات أخرى، في أجهزة الكمبيوتر العملاقة والمعدات العسكرية المتطورة وتطوير الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى حصول الكيانات الصينية المدرجة في القائمة السوداء - بما في ذلك أكاديمية الصين للفيزياء الهندسية (أكبر معهد صيني لأبحاث الأسلحة النووية)- على رقائق كمبيوتر متطورة من الولايات المتحدة عبر التهريب أو التأجير السحابي.

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن عمليات التهريب يبدو أنها أصبحت ممكنة أيضا للبائعين ذوي المستوى المنخفض، حيث توصلت تقارير حديثة إلى أن الشركات الصينية الصغيرة تقوم بتهريب الرقائق الصادر بحقها قيود عبر الدول المجاورة، وأن عشرات الآلاف على الأقل من هذه الرقائق موجودة بالفعل في الصين.

وأكدت المجلة أنه إذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تنجح في السيطرة على الحوسبة الفائقة الحساسة للأمن القومي، فإن الوكالة الأمريكية المكلفة بإنفاذ الرقابة على الصادرات (مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة) يجب أن تكون أكثر إبداعا.

وأوضحت المجلة أن ضوابط التصدير الأمريكية الصادرة العام الماضي فرضت مجموعة من الإجراءات التي تستهدف عدم وصول الصين إلى معدات تصنيع أشباه الموصلات، أو منشآت تصنيع أشباه الموصلات المعروفة باسم (fabs)، أو بعض أنواع الرقائق، غير أنه بالنظر إلى الدور المحوري للولايات المتحدة في صناعة أشباه الموصلات، ومع سيطرة شركتين أمريكيتين - NVIDIA و AMD - على سوق الرقائق الحيوية التي تستهدفها الضوابطـ، فإن تنفيذ حظر بهذا الحجم لن يكون سهلا أبدا.

فعلى عكس العناصر الأخرى ذات الاستخدام المزدوج، يتم تصنيع رقائق متطورة بالملايين، وهذه الرقائق يمكن وضعها وبكميات كبيرة في أماكن صغيرة مثل صندوق أحذية، ما يجعل التهريب ممكنا وبشكل يغطي متطلبات بناء أجهزة كمبيوتر عملاقة حديثة (آلاف الرقائق). كما أن معظم شركات التكنولوجيا الصينية تصل إلى الرقائق عبر الخدمات التي تقدمها شركات الحوسبة السحابية التي لا يتم مراقبة خدماتها، وهي نقاط ضعف استغلتها الصين بسهولة للالتفاف على العقوبات. 

ورأت "فورين بوليسي" أن معالجة الولايات المتحدة لهذه الفجوات مع الحفاظ على هيمنتها العالمية في مجال الحوسبة العملاقة، يتطلب أولا مراجعة الضوابط الحالية من خلال معالجة التهريب المادي للرقائق، موضحة أن عملية التنفيذ والمراقبة الحالية تعتمد بشكل كبير على الترخيص الممنوح للشركة، حيث تتم الموافقة على كيان أمريكي يسعى إلى تصدير التكنولوجيا الخاضعة للرقابة إلى جهة أجنبية أو رفض الترخيص. ولكن تاريخيا، فشلت هذه العملية في مواكبة قدرة الجهات الفاعلة الصينية والروسية على إنشاء شركات وهمية بسرعة، حيث وجد باحثون في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة الأمريكية أدلة كثيرة على وجود مثل هذه النوعية من الشركات في المشاريع التي تديرها وكالات الدفاع الصينية والشركات المملوكة للدولة.

وتابعت المجلة أن تقريرا حديثا صادرا عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أفاد استنادا إلى مقابلات مع مسؤولين أمريكيين مشاركين في عملية الإشراف على تنفيذ الضوابط ذات الصلة، بأن الأمر قد يستغرق "مجرد أيام" للجيش الروسي أو الصيني لتأسيس شركات وهمية لشراء التكنولوجيا الخاضعة للرقابة، في حين يمكن أن تستغرق عملية اكتشاف التهريب سنوات، إذا تم الكشف عنها أساسا.

ولمعالجة هذه المشاكل، يجب استحداث برنامج لتتبع عينات عشوائية من الرقائق المُباعة للتحقق من الجهة النهائية التي وصلت إليها، ويكون ذلك بأن يسجل بائعو الرقائق الخاضعة للرقابة مشترياتهم لدى مكتب الصناعة والأمن الأمريكي (المعني بعملية المراقبة)، ثم إخطار المكتب بأي مبيعات لاحقة (الجهة التي قامت بالشراء) أو أي إتلاف أو فقدان للرقائق، لضمان عدم تسربها إلى الصين. 

وبالنسبة للحوسبة السحابية الأمريكية المتقدمة، لا توجد حاليا طريقة قابلة للتطبيق لفرض ضوابط خارج الحدود الإقليمية الأمريكية على هذه الخدمات، وسيكون من الخطأ افتراض عدم قدرة الصينيين الوصول إليها في ضوء الضوابط الحالية، حيث لا يزال بإمكان مستخدمي الحوسبة السحابية في الصين الوصول إلى الرقائق الخاضعة للرقابة من خلال عمليات التأجير السحابي. لذا، من الأفضل للولايات المتحدة أن تلجأ إلى تكتيكات مماثلة للتي تستخدمها شبكات مكافحة الجرائم المالية الأمريكية عبر اشتراط تقديم تقارير عن المعاملات التي تتجاوز 10 آلاف دولار والإبلاغ عن أي معاملات قد تشير إلى نشاط إجرامي. وعبر استخدام هذه التكتيكات، يمكن معرفة العملاء الذين يستخدمون كميات كبيرة من الرقائق الخاضعة للقيود، وحينها يجب إخضاع هؤلاء العملاء لفحص أكثر صرامة. 

ونوهت المجلة الأمريكية إلى أنه يجب أيضا على حكومة الولايات المتحدة العمل مع حلفائها لنشر عمليات الفحص المسؤولة دوليا، مثلها في ذلك مثل ما يتم مع عمليات منع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على مستوى العالم. وإذا لم يتعاون مقدمو الخدمات السحابية الصينيون الذين لديهم مراكز بيانات خارج الصين، فيمكن حينها فرض ضوابط الاستخدام النهائي على صادرات الرقائق ذات الصلة لمنع هذه الشركات من الالتفاف على العقوبات.

وشددت المجلة على أهمية توفير التمويل الكافي للجهات القائمة على عمليات المراقبة لضمان وصول هذه الجهات إلى التقنيات الحديثة لتحديد واستهداف المعاملات والكيانات عالية المخاطر بشكل أفضل.

وأخيرا، أشارت "فورين بوليسي" إلى أن الولايات المتحدة بحاجة أيضا إلى أن تعمل عن كثب مع حلفائها وشركائها - تايوان، وهولندا، واليابان، والهند، وكوريا الجنوبية- لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود وإنفاذ الرقابة على صادرات أشباه الموصلات، بما يضمن منع الجهات الفاعلة المارقة من استغلال الثغرات في أنظمة الرقابة على الصادرات والتأكد من أن التقنيات الحساسة لن ينتهي بها الأمر في الأيدي الخطأ.