الخميس 2 مايو 2024

محاكمة نجيب محفوظ | يدافع عن نفسه في 10 اتهامات (2-10)

نجيب محفوظ

كنوزنا31-8-2023 | 11:54

بيمن خليل

تحتفي الأوساط الثقافية، بذكرى رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس 2006، حيث يعد واحدًا من أهم الأدباء على الإطلاق في النصف الثاني من القرن الـ 20، وحصل على جائزة نوبل للأداب، وأصبح رمزًا ثقافيًا ومنهجًا فكريا ضخمًا في تاريخ مصر الفني والأدبي.

أثارت أفكار وكتابات الأديب نجيب محفوظ الجدل في طرح العديد من القضايا، وشهدت حياته معارك ثقافية وفكرية شرسة، أشهرها وصلت إلى تكفيره ومحاولة اغتياله - بطعنة في الرقبة - عندما أثارت روايته «أولاد حارتنا» أزمة كبيرة في الشارع المصري.

محاكمة نجيب محفوظ (المحاكمة الثانية)

نشرت مجلة الهلال، في عددها الصادر في 1 فبراير 1970م، تحقيقًا أدبيا أعده الصحفي والإعلامي ضياء الدين بيبرس، الذي أسس هيئة قضاء أدبية مكونة من أكبر الصحفيين والنقاد ليحاكموا نجيب محفوظ، ويوجهوا له الاتهامات والأسئلة بشأن أدبه وأفكاره، وأساليبه في الكتابة.

وسوف تعيد «بوابة دار الهلال» بمناسبة ذكرى وفاة نجيب محفوظ الـ 17،  نشر هذا التحقيق الرائع الذي أصبح نادرًا وتراثًا قيمًا، وذلك على مدار «عشر أيام» بدءًا من اليوم، حتى يتثنى للقراء سهولة القراءة والاطلاع على هذا التحقيق ومعرفة الاتهامات والأسئلة التي وجهها كبار الصحفيين والنقاد للأديب الكبير نجيب محفوظ.

عشرة نقاد وعشر قضايا في محاكمة نجيب محفوظ

من الطبيعي أن يثير أدب نجيب محفوظ قضايا نقدية وفكرية عديدة.. وفي هذه «المحاكمة» يقف نجيب محفوظ أمام هيئة تتكون من عشرة نقاد وأدباء، قدم كل منهم اتهاما أو سؤالا إلى الفنان الكبير وتولى نجيب محفوظ الرد – بقلمه – على هذه الاتهامات أو الأسئلة المختلفة.. بصراحة ووضوح..

المحاكمة الثانية:

رجاء النقاش (متحيزا للماركسية؟)

إن من يتابع أعمالك الفنية قبل الثورة وبعدها يكتشف بوضوح أنك كنت - في أعمالك الفنية - تميل إلى حزب الوفد قبل الثورة والحقيقة أن هذا «الميل الوفدي» يكشف عن عنصر شعبي أصيل في شخصيتك.. فكثير من الأدباء والمفكرين الأصلاء في تاريخنا الفكري والوطني كانوا مع الوفد قبل الثورة رغم أن أحدا منهم لم يتردد عند الضرورة في إبداء النقد والتحفظ ضد الوفد وتركيبته السياسية.. هذا هو موقفك السياسي - كما أتصوره - قبل الثورة.. أما بعد الثورة فمن الواضح أن أصبحت تميل إلى الفكر الماركسي.. فالماركسيون في رواياتك هم الأبطال والشهداء وحاملو الزهور الحمراء وهم الذين يضيئون الحياة بنور الأمل في الظلمات.. وأحيانا يبدو نقدك للماركسيين هو نقد «العشم».. أي نقد الذي كان ينتظر منهم الكثير ولكنهم خيبوا الرجاء المعقود عليهم كما نلاحظ في قصتك القصيرة البديعة «عنبر لولو» وهنا نفسه يدل على ميلك إلى الماركسية وانعطافك نحوها؟

أي أن مسارك السياسي كان من «الوفدية» إلى «الماركسية» وأريد أن أسألك: هل هذه الفكرة صحيحة أو أنني مخطئ وأنني أبني موقفي على الظن الأدبي.. وبعض الظن - في الأدب كما في الحياة - إثم؟

وأريد أن أسألك أيضًا: إنني رغم ما أحس به من ميلك إلى الماركسية فأنا ألمح في كتاباتك ترددًا في إعلان إيمانك بهذه العقيدة السياسية.. فلماذا التردد؟ هل هو إيمان لم يكتمل بعد.. أي أنك مازلت على حافة الإيمان، وعلى حافة الماركسية.. أو أنها الظروف السياسية العربية التي تفرض عليك شيئا من الحذر؟

إني أسألك وأعرف أني أضع في طريقك بعض المتفجرات.. ولكن قلبي معك وقلبي عليك.. فدمك عندي أثمن من الحياة!.

 

(أشك في النظرية كفلسفة.. إنني ضعيف الإيمان بالفلسفات)

رد نجيب محفوظ على اتهام رجاء النقاش:

عزيزي الأستاذ رجاء النقاش..

لقد شخصتني فأجدت التشخيص.. فلو خيرت بين الرأسمالية والماركسية  لما ترددت في الاختيار لحظة واحدة.. ولكن هل يعني ذلك أنني ماركسي؟!

الماركسي هو المؤمن أو المقتنع بالماركسية نظرية وتطبيقًا وبلا أدني تردد، ولو أدخل في اعتباره التجديدات التي طرأت على النظرية على هذا الأساس لا أستطيع أن أعتبر نفسي ماركسيا رغم التعاطف الشديد، ذلك إنني ضعيف الإيمان بالفلسفات، ونظرتي إليها فنية أكثر منها فلسفية ولعل الإيمان الوحيد الحاضر في قلبي هو إيماني بالعلم والمنهج العلمي.

وبقدر شكي في النظرية كفلسفة فإني مؤمن بالتطبيق في ذاته، بصرف النظر عن أخطاء التجريب ومآسيه، ولكي أكون واضحًا أكثر.. أعترف بأنني أؤمن بتحرير الإنسان من:

1- الطبقية وما يتبعها من امتيازات كالميراث وغيره.

2- الاستغلال بكافة انواعه.

3- أن يتحدد موقع الفرد بمؤهلاته الطبيعية المكتسبة.

4-أن يكون أجره على قدر حاجته.

5-أن يتمتع الفرد بحرية الفكر والعقيدة في حماية قانون يخضع له الحاكم والمحكوم.

6-تحقيق الديمقراطية بأشمل معانيها.

7-التقليل من سلطة الحكومة المركزية بحيث تقتصر على الأمن والدفاع

هذه صورة المجتمع الماركسي في نظري الذي هدفه حرية الفرد وسعادته، والاعتماد في كل شيء على العلم، وربما في التوجه في النهاية لمعرفة الحقيقة العليا أو المشاركة في خلقها.. وكل ذلك أمكن في دون الإيمان بالنظرية.. فماذا تهمتي؟

 

Dr.Randa
Dr.Radwa