الخميس 9 مايو 2024

في ذكرى رحيل راهب الفكر.. الفيلسوف المصري «حسن حنفي»

حسن حنفي

ثقافة21-10-2023 | 15:34

محمد جادالله

يوافق اليوم الـ21 من أكتوبر ذكرى وفاة الدكتور «حسن حنفي حسنين» الذي رحل عن عالمنا في عام 2021م، ويُعد أحد أعلام الفكر الفلسفي خلال القرآن العشرون والواحد والعشرون، هو أستاذ وأديب ومؤسس تيار علم الاستغراب، ويعد أبرز الشخصيات الفكرية العربية المعاصرة، حيث قدم للمكتبة العربية أكثر من ستين عملًا تنوع بين الترجمة والتأليف.

ولد «حسن حنفي» في 13 فبراير سنة 1935م القاهرة، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الفلسفة 1956م، ثم سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة، وحصل منها على درجتي الماجستير والدكتوراة في الفلسفة من جامعة السوربون سنة 1966م.

وعاد إلى مصر، وعُين مدرسًا بكلية الآداب سنة 1967م، ثم تدرج في السلك الأكاديمي حتى حصل على درجة الاستاذية سنة 1981م. هذا بالإضافة إلى المناصب الإدارية التي تقلدها، منها رئيسًا لقسم الفلسفة سنة 1988م. وأُعير ايضًا كأستاذ زائر إلى عدد من الجماعات منها، جامعة تمبل بفيلادلفيا 1971م، وجامعة بفاس، المغرب 1982م، وجامعة طوكيو، اليابان، 1984م.

كما عمل مستشارًا علميًا بجماعة الأمم المتحدة بطوكيو سنة 1985م وأستمر بالعمل سنتان، وكان عضوًا بلجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة. وشغل ايضًا رئيسًا للجمعية الفلسفية المصرية، التي ظلت مدينة له حتى الآن بأفكاره وجهوده التي ساهمت في تطويرها وجعلها مركزًا حيويًا لأشعاع الفكر الفلسفي في الوطن العربي والعالم أجمع.

وتنوع إنتاج «حنفي» الفكري بين التأليف والترجمة، حيث قدم للمكتبة العربية مؤلفات ذات تأثير قوي فكريًا واجتماعيًا، فكان هدفه الأول والأخير طيلة كتاباته قضية «التراث والتجديد»، وهو ما ظهر خلال المؤلفات التي سنتناولها الآن:

بدأ مشروعه الفكري سنة 1980م، وكَتَبَ «موقفنا من التراث القديم»، «التراث والتجديد» وجاء هذا المؤلف في أربع مجلدات ويُمثل الخطوة الأول نحو مشروعه الفكري، «من العقيدة الى الثورة»، «حوار الأجيال»، «من النقل الى الابداع» وهو المرحلة الثانية من مشروعة أو قضيته إن شئنا التعبير وجاء هذا الكتاب في سلسلة مكونة من تسعة أجزاء، «موسوعة الحضارة العربية الإسلامية»، «مقدمة في علم الاستغراب»، «فيشته فيلسوف المقاومة».

واستكمل مشروعة الفكري، وكتب «في فكرنا المعاصر»، «في الفكر الغربي المعاصر»، «حوار المشرق والمغرب»، «دراسات إسلامية»، «اليمين واليسار في الفكر الديني»، «من النص الى الواقع»، «من الفناء الى البقاء»، «من النقل الى العقل»، «الواقع العربي الراهن»، «حصار الزمان».

أما عن الترجمات، «رسالة في اللاهوت والسياسية» القاهرة 1973م، و«تربية الجنس البشري» القاهرة 1977م، «تعالى الأنا الموجود» القاهرة 1977م.

كما كُتبت عن «حنفي» دراسات عديدة وهو على قيد الحياة، وايضًا بعد وفاته، نذكر منها:

  • التراث، الغرب، الثورة، بحث حول الأصالة والمعاصرة في فكر حسن حنفي، تأليف: ناهض حتر، 1985م.
  • جدل الأنا والآخر، قراءات نقدية في فكر حسن حنفي، تأليف: احمد عبد الحليم 1997م.
  • إحياء الناصرية – قراءة نقدية لمشروعات حسن حنفي "اليسار الإسلامي"، "علم الاستغراب" (وقراءاتهم غير النقدية)، مارتن ريكسنجر (بالإنجليزية)، 2007م.
  • منهج حسن حنفي – دراسة تحليلية نقدية، تأليف: فهد القرشي، 2012م.
  • فلسفة حسن حنفي، دراسة تحليلية نقدية، تحرير دكتور مصطفي النشار وآخرون، 2017م.

وحصل «حنفي» على العديد من الجوائز محليًا وعالميًا: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية 2009م، وجائزة النيل في العلوم الاجتماعية 2015م، وجائزة المفكر الحر من بولندا 2015م وتسلمها من رئيس البلاد في ذلك الوقت.

وأثارت مؤلفاته ثورة لتصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة، مما أدى إلى التشابك معه من قبل المغرضين والتابعين، ووجه له أصابع الاتهام، في كثير من المقابلات الصحفية، والمداخلات الإعلامية، وأُدخل في كثير من المعارك الفكرية، وكانت قضيته الرئيسية هي كيفية الانتقال والتحول من «التراث» إلى «التجديد»، وهدفه في ذلك القضاء على التقليد والتبعية والعزلة القديمة المنغلق على التراث، والتقدم وإعادة قراءة هذا التراث بعين الحاضر لأستشارف المستقبل.

وصرح الدكتور «أنور مُغيث» – مدير المركز القومي للترجمة سابقًا – لبوابة دار الهلال: "أن الدكتور حسن حنفي من أساتذة الفلسفة النادرين وهو ينتمي للجيل الثاني بعد جيل الرواد (عبدالرحمن بدوي، زكي نجيب محمود، فؤاد زكريا). وتكمن ندرته في اسهامه الفكري والفلسفي؛ فكان يجمع بين مجالين، كأستاذ فلسفة وكمفكر مهموم بقضايا الأمة له رؤيته في كيفية النهضة والإصلاح. وكان يتميز بأنه الأستاذ الوحيد تقريبًا الذي استطاع أن يجمع بين كونه مفكر يساري وقومي وإسلامي".

واستكمل «مغيث»: "فكان صوته مختلف عن صوت اليمين المحافظ، وعن العلمانية، وايضًا عن اليساريين الداعيين للفلسفة المادية والعلمية. وترجع غزارة انتاجه إلى نوع من الانضباط سار عليه طوال حياته، فكان ينام مبكرًا، ويستيقظ من الفجر يبدأ يكتب إلى الساعة الثمانية صباحًا، ثم يذهب إلى الجامعة ليعطي محضاراته. حيث خصص أربع ساعات تقريبًا للكتابة المتواصلة، وكان ايضًا كثير حضور المؤتمرات سواء في الغرب، مثل: ماليزيا، أندونيسيا. وفي البلاد العربية والافريقية".

ورحل «حنفي» عن عمر ينهاز 86 عامًا، بعد أن طاف بجثمانة حرم جامعة القاهرة حسب وصيته، وهذا يبين اعتزازه بالجامعة حيث أنها المكان الذي استطاع ان ينجز فيه مجده. وترك بصمة فكرية واضحة البيان على الساحة الثقافية عامةً والفكر الفلسفي على وجه الخصوص، وستظل مؤلفاته وترجماته علامة مضيئة في تاريخ الفكر العربي الحديث، يسترشد بها الباحثون والمفكرين لتكون خير مُعين لهم.

Egypt Air