سادت حالة من الغضب والفوضى في البرلمان البريطاني أدت لانسحاب عشرات المشرعين خلال تصويت على وقف إطلاق النار في غزة.
وجاءت ذلك عقب سعي كل من الأحزاب الثلاثة الكبرى للتحكم في زمام الأمور، بعد سماح رئيس البرلمان بإجراء تصويت ساعد حزب "العمال" المعارض على تفادي حدوث انقسامات كبيرة بين أعضائه بسبب الموقف من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وغادر مشرعون من حزب "المحافظين" الحاكم و"الحزب الوطني الاسكتلندي" المعارض القاعة احتجاجاً، وحاول البعض اتخاذ خطوة نادرة هي إجراء المداولات بشكل منفصل.
واعتذر ليندسي هويل رئيس "مجلس العموم" في نهاية المطاف، وقال إنه اتخذ قراره للسماح للمشرعين بالتصويت على عدد من الرؤى المختلفة لأنه كان قلقاً إزاء أمنهم بعدما واجه بعضهم تهديدات بالعنف بسبب مواقفهم من الحرب.
وقال هويل، الذي كان عضواً في حزب "العمال"، للبرلمان: "الأمر مؤسف وأعتذر عن القرار، لم أرد أن ينتهي الأمر هكذا".
ويشهد حزب "العمال"، المتوقع فوزه في الانتخابات العامة المزمع عقدها في وقت لاحق هذا العام، معركة داخلية بشأن سياسته تجاه الصراع في الشرق الأوسط منذ هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس وأدى إلى الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة.
وكان "الحزب الوطني الاسكتلندي" قد بادر إلى طرح النقاش في البرلمان بتقديمه لمقترح يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. وطرح حزب العمال وحزب المحافظين تعديلات.
وفي إجراء غير مألوف، اختار رئيس "مجلس العموم" جميع تلك التعديلات للتصويت عليها، ليخالف العُرف بأنه لا يمكن لحزب معارض تقديم تعديل على مقترح تقدم به حزب آخر. وعادة ما يجري اختيار التعديل الحكومي.
وكان قرار هويل يعني أن أعضاء البرلمان من حزب "العمال" يمكنهم التصويت على خطة حزبهم دون أن يضطروا للوقوف في وجه قادتهم من خلال التصويت لدعم تعديل "الحزب الوطني الاسكتلندي".
وفي خضم الفوضى، تمت الموافقة شفهيا على تعديل حزب "العمال" من دون تصويت رسمي تُسجل فيه آراء المشرعين. وطالب بعض المشرعين بإجراء التصويت مجدداً لأنهم لم يعبروا عن آرائهم.
وفي حين أن نتيجة التصويت لن تكون ملزمة للحكومة البريطانية ولن تتم مراقبتها عن كثب في إسرائيل أو من قبل حماس، إلا أنها يمكن أن تسبب مشاكل لكير ستارمر زعيم حزب "العمال" الذي يحرص على تصوير حزبه على أنه موحد ومنضبط وجاهز للسلطة.
وقال حسام زملط السفير الفلسطيني لدى بريطانيا لإذاعة "إل.بي.سي": "إنه أمر مخز، مخز للغاية. اليوم، شهدنا السياسة البريطانية في أسوأ حالاتها. يحاول السياسيون إنقاذ أنفسهم بدلاً من إنقاذ أمة بأكملها".
وطالب مئات المحتجين أمام البرلمان المشرعين بدعم وقف لإطلاق النار خلال إجراء المداولات.
وتعرّض ستارمر لأكبر تمرد خلال قيادة حزبه بعد أن شهد اقتراح مماثل قدمه "الحزب الوطني الاسكتلندي" في نوفمبر تصويت 56 عضواً من أعضاء حزب "العمال" في البرلمان لصالحه.
وفي البداية، أعطى زعيم حزب "العمال" الدعم الكامل لإسرائيل عندما شرعت في ردها العسكري.
لكنّ أعضاء كتلة حزب "العمال" في البرلمان وأعضاء الحزب كثفوا الضغوط على القيادة لدعم وقف فوري لإطلاق النار.
وتتجاهل كل من إسرائيل وحماس الضغوط الدولية المتزايدة لوقف الحرب التي دمرت مساحات شاسعة من قطاع غزة وتسببت في كارثة إنسانية، إذ يرفض كل منهما شروط الطرف الآخر لوقف إطلاق النار.