تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمون بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
 

ومع بوابة «دار الهلال» نقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنعرض إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وتوضيح كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في  تاريخ الحضارة الإسلامية.
واليوم سوف نذهب في رحلة عبر الزمن لاستكشاف اعظم فلاسفة العصور الوسطي ،و في حلقتنا اليوم سنعرض لأهم الأعمال التي أثرت في تاريخ فلسفة العالم الغربي والإسلامي. 

 

كان« ابن رشد» عالما بالفلك والطب  و فيلسوفا وقاضيا، واسمه كاملا محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد 

ولد«ابن رشد» في مدينة قرطبة بالأندلس عام 520 هجريا، وأبدع في المجال الطبي، إذ ساهم في تقديم علم التشريح فضلا عن مدافعته عن الطب الوقائي، وعلى جانب آخر، ساهم في تفسير الأمور الدينية من ناحية عقلية عندما كان قاضيا لقرطبة وإشبيلية، وبذلك اختلفت فلسفته عن الأزمنة التالية التي اتجهت بشكل مادي وسطحي، وكتب ابن رشد في علم الفلك والطبيعة والطب فضلا عن الفلسفة. 

 

كان مؤلفات«ابن رشد» انتشرت وأثرت في الاتجاهين الغربي والإسلامي فكان من أهم الفلاسفة في العصور الوسطي، و يتحدث ابن رشد في كتبه عن الدين في إطار فلسفي، إذ حاول التوفيق بين الفلسفة والدين.   

الفلسفة المنطقية 
كرس" ابن رشد" جهوده لفهم وتوضيح كيفية الوصول إلى المعرفة باستخدام المنطق العقلي والاستدلال والتجربة، وبالنسبة إلى   أعماله البارزة،فكانت  مثل "شرح المنطق" و"الضروري في المنطق"، و قدّم تحليلًا عميقًا لأسس المنطق وأهميتها في عملية التفكير والاستنتاج  .

الفلسفة الطبيعية 

كانت أهم إنجازات " ابن رشد" هي التوفيق بين الفلسفة الطبيعية لأرسطو والدين، اذ أخذ الكثير عن فلسفة أرسطو ودافع عنها ضد الغزالي، وكان أسلوب ابن رشد في تناول  "الطبيعيات " يتنافى مع الدين لذلك هاجمه فقهاء عصره، فضلا عن أنه دافع عن نظرية أرسطو في علم الفلك القائلة بثبات الأرض وأن الشمس هي التي تدور حول الأرض   .

الفلسفة الإلهية
 شدد "ابن رشد " على وجه التشابه والتوفيق بين العقل الفعال عند أرسطو الذي منه خلق الكون كله ، والله الذي هو خالق الأكوان في الإسلام، ومن المثير للجدل في فلسفته الإلهية،  اعتباره أن الوحي لعامة الشعب بينما استخدام العقل فقط للنخبة  .

وكان المقصود هنا أن العامة من الشعب لا تسطيع أن تفهم الفكر الديني ومحتواه  إذ يستمدون تفسيرهم له عن طريق الوحي الذي ينزل في الأفئدة لتفسير الآيات الإلهية، وذلك بحسب المستوى الفكري لكل فرد أما الفلاسفة والنخبة في المجتمع يظهرون كشريحة قادرة على فهم وتحليل الأديان وكافة العلوم بمستوى عقلي أعمق. يعزى ذلك إلى ارتباطهم الوثيق بخالقهم، مما يمنحهم قدرة استثنائية على تفسير النصوص الدينية بطريقة تعكس عمق المفهوم والتبصر.

وتحدث " ابن رشد" أيضا عن خلود النفس واعتبرها كسابقيه " الغزالي والفارابي وابن سينا "  تظل في الإنسان بعد موته ولا تفني بفناءه  .

الفلسفة الاخلاقية

تحدث " ابن رشد" عن السعادة الحقيقية وأنها تأتي باتباع الفضيلة التي توصل إلى أحكام الاتصال بين العبد وخالقه وللوصول إلى ذلك حدد في نظريته للفضائل، وكانت أربعة هي الحكمة والشجاعة العفة والعدالة لذلك عند الربط بين كلماته وما قاله في الفلسفة الإلهية يؤكد أن العقل الذي هو مستخدم من قبل النخبة بسبب وصفهم بالفضائل الأربعة التي ذكرهم في الفلسفة الأخلاقية، وعدم اتصاف العوام بهذه الفضائل أدى إلى انحصار فهمهم على الوحي فقط دونا عن العقل فقصر بذلك تبحرهم في المعرفة الإلهية . 

تشابهات واختلافات بين العمالقة الأربعة للفلسفة  

كان التشابه بين ابن سينا والفارابي و الغزالي التشابهات ابن رشد،  قائم على دراسة الفلسفة الأرسطية ، ومحاولتهم التوفيق بين الدين والفلسفة، وسعيهم بالطرق الغير تقليدية للوصول إلى الحقائق الكونية والوجودية التي كانت عسيره على أرباب العقول المنغلقة و السطحية،  فكان بعضهم يلجأ إلى العقل والآخر إلى الحدس ، والأخر يلجأ الي القلب والتصوف مثل الغزالي . 

الاختلافات 
اختلف ابن رشد عن سابقيه مثل الغزالي وابن سينا و الفارابي ، اذ ساقوا الوصول إلى المعرفة عن طريق الحدس، أما الغزالي عن طريق التصوف الذي يؤكد على إعمار القلب بالذكر المتواصل الذي يؤهل العابد للوصول إلى الحقائق الوجودية والإلهام .
توفي ابن رشد عام 595 هجريا في مدينة مراكش بالمغرب عن عمر 75 عاما .