السبت 27 ابريل 2024

فلاسفة الإسلام |البيروني: والأستاذ والعلامة ( 30-17 )

أبو الريحان البيروني

ثقافة27-3-2024 | 01:02

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

 

ونقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنوضح اسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.

 

واليوم سوف نتعرف علي الفيلسوف، الذي اثار حوله الجدل العديد من علماء عصره بسبب نظرته المختلفة للقرآن الكريم

 

تُعرف الشخصية التاريخية أبو الريحان بعدة ألقاب ، منها "البيروني" و"الأستاذ" و"العلامة"، نظرًا لبراعته ونبوغه في مجموعة متنوعة من العلوم، حيث كان رمزًا في ميادين متعددة منها الطب والفلك والفلسفة.

 

وُلد في القرن الرابع في ضاحية تُدعى "بيرون"، في إقليم خوارزم، بأوزبكستان ومن هنا جاء لقبه" البيروني"،. خلال حياته، كتب أكثر من 140 كتابًا، مما يدل على ثقافته الواسعة، وساهمت هذه الكتب في تطوير نظريات العلماء الذين أتوا بعده، ونظرا لاهميتها أدى إلى نقلها المعارف إلى أوروبا .

وفيما يتعلق بإسهاماته في المجال الفلسفي وأسلوبه العام في الدراسة، اتبع البيروني مبدأ "العقلانية" في دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وكان ينتقد بشدة التفسيرات الدينية السطحية التي تقيد الإنسان وتجعله يعيش حياته بشكل سطحي، وتسهم في تعزيز التشدد والهجوم على التفسيرات الرمزية والمنطقية. ومن هنا ينطلق الصراع..

وعلى النقيض، كان البيروني يرفض التفسيرات الغيبية للظواهر التي اتبعها بعض الفقهاء والعلماء في عصره، وكان يدعو إلى استخدام التجربة والملاحظة والعقل في دراستها.

 

وعن نظرته للحقائق والمعارف، فكانت نظرته إلي الحقائق نسبيه ودليله علي ذلك في الحضارات القديمة التي توصل كل منهم إلي حقيقة محددة عن الطبيعة والظواهر الفلكية تختلف كل منها عن الأخر، فرأى أن الحقائق تختلف من زمن لآخر ومن شخص إلى آخر.

 

فلا يوجد حقيقه كاملة يمكن أن يصل إليها الإنسان إلا عن طريق الاتجاهات الروحية فقط فنصل من خلالها لأصل المعرفة، ورفض أبو الريحان الإعتماد علي نظرية واحدة في نشأة الكون و طبيعة الله، بل أكد علي ضرورة ترك الموضوع مفتوحا للنقاش والتحليل واستقبال كافة الآراء.

 

أما عن فلسفته في الجانب التاريخي، فكان ينظر إلى التاريخ نظرة نقدية فلسفية لأجل فهم التاريخ من نواحي واتجاهات متعددة، وأكد علي ضرورة النظر إلى الأحداث التاريخية من الجانب العقل النقدي بعيدا عن التأثيرات السياسية والدينية.

 

وفي نفس السياق، كان البيروني يتعامل مع الأحداث التاريخية من منظور الاستفادة منها، حيث كان يدرس قوانين الطبيعة والمجتمع والبشرية من خلالها.

 

في جانب فلسفة الدين، أيد  فكرة عدم وجود تناقض بين الدين والعلم، بل يمكن دمجهما بتناغم لخدمة الدين الإسلامي،  فقال : يجب أن نفهم أن استخدام العقل والعلم ليسا متنافيين مع قيم الدين، بل يمكنهما أن يكونا أدوات لتعميق فهمنا وتحليلنا

 

للنصوص الدينية.

 

إضافةً إلى ذلك، أيد فكرة دعم استخدام العقل في تفحص النص الديني، حيث يمكن للعقل والمنطق أن يساعدان في فهم الدين بشكل أعمق وأدق،  فقد تحتاج بعض النصوص الدينية إلى تأويل عميق وباطني، وبالتالي لا يمكننا فقط الاعتماد على

 

التفسير الحرفي لها.

 

باختصار، يمكننا أن نجمع بين العلم والدين في تناغم لفهم أعمق للإسلام، ويمكن للاستخدام العقلاني والفهم العميق للنصوص الدينية أن يساهم في تعميق فهمنا لقيم ومبادئ الدين الإسلامي.

 

 

وفي نظرته للأخلاق، رأى أنه يجب أن تستمد من الجانب الديني في تحديد ما هو صحيح وما هو خاطيء، علي عكس نظره العالم الحديث للأخلاق أنها تختلف من مكان إلى أخر ومن ثقافة إلى أخري.

 

توفي البيروني عام 440 هجريا في مدينة  غزنة  في أفغانستان

Dr.Randa
Dr.Radwa