تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية، سنوضح إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية، ونلتقي اليوم مع .. "الشهرستاني"
ولد أبو الفتح الشهرستاني في مدينة " شهرستان" في إقليم خراسان في إيران، من عام 479 هجريا، او تبع المذهب الأشعري في علم الكلام، ولإسهاماته في مجال الفلسفة وخاصة اهتمامه بمصادر الفلسفة اليونانية، لقب بـ "أرسطو الإسلام "
وتضح إسهامات الشهرستاني في مختلف أنواع العلوم ومنها الفلسفة، الذي نقد فيها أفكار الفلاسفة اليونانيين، ففي كتابة الملل والنحل تحدث عن أن اليونانيين أثبتوا وجود الله عن طريق "أن لكل جسد متحرك لابد له من علة أو محرك وأن المحرك هو الاله، ولكن نقد الشهرستاني هذه الأفكار بموجب أنه من الممكن أن يكون هناك مئات العلل في تحريك الأجساد.
وفي سياق متصل، أكد أدلة على وجود الله ومنها، فطرة الإنسان على وجود إله حاكم للكون، فضلا عن إجماع الأمم على وجود إله عبر ثقافتهم وطقوسهم الدينية.
ومن منطلق آخر، استخدم الفلسفة لأجل الدفاع عن العقيدة الإسلامية والرد علي الملحدين، إذ استخدم الفلسفة لأجل التعمق بداخل الدين الإسلامي ولإثبات صحة أدلته من النواحي العقلية والمنطقية.
ومن ضمن أهم نظريات الشهرستاني العلمية نقدم منها " الحدوث الزماني" الذي أكد فيها أن العالم أحدث في وقت محدد ولم يكن موجود في الأزل كما تحدث بعض الفلاسفة اليونانيين منهم أفلاطون، وفضلا عن قوله بأن الزمان موجود بوجود العالم وليس العكس وأن الله هو من أوجد العالم والزمان معا في وقت لا يعلمه أحد .
وعلي الجانب الآخر، كانت مصادر المعرفة عند الشهرستاني هي مصدرين : المصدر الحسي والمصدر العقلي، فأوضح أن الإنسان لا يولد ومعه أي معارف، فيبدأ تلقي المعارف عن طريق الحواس ثم تنقل إلى العقل مباشرة على قدراستيعابه أو انفتاحه" يقصد "العقل"، وهذه هي خطورة الحواس في تحديد المعارف التي سوف يبرمج عليها عقل الإنسان منذ الصغر.
وتحدث الشهرستاني في فلسفته موضحا أن من يمتلك العقل يستطيع التفريق بين الحق والباطل بسهولة و معرفة عمق الدين وحل المشكلات .
كما تحدث الشهرستاني عن الأخلاق، فقال: " إنَّ من يمتلك الأخلاق هم أولئك الذين يحتوون داخلهم على حكمةٍ عميقة، وبفضلها يستطيعون التمييز بين الخير والشر، فبدون الحكمة، لا يمكن أن تنبثق الأخلاق، ولذا، لا يزال الإنسان يسعى وراء الحكمة، ليصل بعدها إلى مرتبة الإحسان، وهي القيام بالخيرات واتباع الأخلاق الحسنة دون أي مقابل أو انتظار للجزاء.
ويرى الشهرستاني أنَّ غاية الإنسان في هذه الحياة هي اتباع الأخلاق الحميدة والوصول إلى مرتبة الفضائل، ويدخل الشهرستاني العقل في مجال الأخلاق، معتبرًا أنّها أهم ما يميز الإنسان بين الخير والشر.
توفي أبو الفتح الشهرستاني عام 548 هجريا في مدينة "بونجيكات" في محافظة خراسان رضوي، في شمال شرق إيران.