الإثنين 29 ابريل 2024

فلاسفة الإسلام| «ابن سبعين» إرثا عظيمًا في عالم الفلسفة والأدب (24_30)

ابن سبعين

ثقافة4-4-2024 | 19:26

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

ونقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنوضح إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.

 وُلد العالم والأديب والفيلسوف المتصوف الإسلامي "ابن سبعين" في مدينة مرسيه في إسبانيا، التي تعتبر موطنًا لعدد كبير من العلماء والفلاسفة المسلمين البارزين، في القرن الثالث عشر الميلادي تحديدا في عام 614هجريا.

ونشأ  " ابن سبعين" في بيئة ثقافية غنية بالمعرفة، وترك إرثا عظيمًا في عالم الفلسفة والأدب الإسلامي، حيث تأثرت أعماله بالتصوف والفلسفة، وأسهم بشكل كبير في تطور الفكر الإسلامي في فترة العصور الوسطى.

 ودرس في المدينة التي نشأ فيها إلى أن انتقل إلى مصر والشام والحجاز وغيرها من البلدان بغرض المعرفة والتعلم فاشتهر بكثرة الترحال، و ترك لنا  العديد من المؤلفات الفلسفية والصوفية، وعديد من النظريات التي مازالت تدرس في جامعات ومعاهد من جميع أنحاء العالم.

 

و من أشهر نظريات  " ابن سبعين"  الفلسفية التي أثرت علي العديد من الفلاسفة من بعده، ومنها ما يمثل إلى الآن إشكالياه عند بعض من علماء الفلسفة  وهي نظرية "الفيض الإلهي"، وهي تفسر كيف جاء الكون من العدم من المنظور الإسلامي، وأسرد أن الله هو مصدر للوجود ومنه جائت جميع المخلوقات بتدفق كل في زمن وميقات معلوم.

وأوضح  " ابن سبعين" أن الموجودات كلما اقتربت من الله، كلما زاد مقدار معرفتها ووجودها وكلما ابتعدت عنه قل نورها وقلت وعيه بالموجودات، وكمثال علي ذلك الشمس كلما ابتعدنا عنها قل نورها والعكس صحيح.

ومن نظرية الفيض الإلهي، تنبثق نظرية أخري وهي "وحدة الوجود" التي اشتهر بالتحدث عنها المتصوفة في القرون الوسطي قاطبة،  ولم يختلف  "ابن سبعين" كيثرا عن المتصوفة الذين سبقوا.

فتكلم ابن سبعين في "وحدة الوجود" لشرح نظرية الفيض الإلهي عن أن المخلوقات خلقت بشكل هرمي متدرج، واعتبر أنه لا وجود للتعددية في مخلوقات الله في الحقيقة ، ولكن من ينظر بعين جاهلة للكون يري التعددية أمام عينيه،  واثبت " ابن سبعين" نظرية الفيض والوحدة من خلال الأدلة العقلية والتجارب الصوفية والدينية.

 

ونظرية  " ابن سبعين" الأخرى تمثلت في "الإنسان الكامل" فاعتبر ابن سبعين أن الإنسان يحتوي في داخله "في داخل عقله وقلبه" علي جميع الموجودات من نبات وحيوان، وأن الله خلق الإنسان وفي ذاته جميع صفات خالقه، فيمكن للإنسان أن يحقق الكمال عن طريق التصوف وطريق المعرفة الحقة، ويمكن للإنسان أن يحقق التوازن بين جميع الموجودات عن طريق أن يوازن بداخله بين جميع المتناقضات.

 

وأوجز  " ابن سبعين" مراحل عدة تمكن الإنسان من الصعود إلى سلم الوجود حتي يصل في النهاية إلى خالقه،  وكان منها التوبة ثم الزهد يليها المعرفة والحب ثم يمكنه بعدها الوصول إلى خالقه.

 

 وفي  الموسيقى، ففرق " ابن سبعين"  بين نوعين من الموسيقي وهي الموسيقى اللاهوتية وبدورها تساعد الإنسان للوصول إلى  خالقه ووظيفتها الأخرى كسر حواجز النفس الدنيوية لأجل الوصول إلى خالق الموجودات، والموسيقى الإنسانية أو الدنيوية وهي الأنواع المتعارف عليها في جميع الدنيا وهي بنغمات وترددات مختلفة تساعد الإنسان للتعبير فقط عن مشاعره.

وبين أن  الموسيقى تعبر عن الموجودات في الكون بالكامل،  وأن لكل مستوى من مستويات الوجود نوع محدد من الموسيقي.

ورحل  " ابن سبعين" في آخر أيامه إلى مكة المكرمة،  وتوفي فيها عام 667 هجريا في  ودفن في مقبرة المعلاة.

Dr.Randa
Dr.Radwa