الثلاثاء 18 يونيو 2024

الزواج ليس تهذيب وإصلاح!

مقالات29-5-2024 | 08:45

حالة من الدهشة أعيشها منذ أمس،.. فأثناء تواجدي في إحدى المناسبات الاجتماعية، تحدثت سيدة من مستوى اجتماعي وثقافي مرتفع عن رغبتها في إيجاد عروسة لأبنها الثلاثيني والذي لا يعرف ماهية تحمل المسئولية، فهو ببساطة لم يعتادها منذ الصغر، حتى أنه لا يستقر في وظيفة ولا علاقة عاطفية لأكثر من شهر.. ولا يزال يأخذ مصروفه من والده ليومنا هذا!..

والغريب ليس في المشكلة ذاتها بل في من وافقوها الرأي مؤكدين أن الزواج كفيل بتعديل سلوكه واعتياده على تحمل المسئولية....  

والأغرب أن من قدم هذه النصيحة رجال ونساء من مختلف الأنماط الاجتماعية بل أن بعضهم بادر في ترشيح فتيات للزواج منه، ضاربين عرض الحائط بنسب الطلاق المرتفعة بين الشباب، وضحاياه من صغار جريمتهم الوحيدة أنهم ثمرة أب وأم غير مؤهلين للإنجاب.

 وسرعان ما تذكرت دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تحت عنوان "اتجاهات وأنماط الطلاق في مصر خلال الفترة من 2018- 2022"، والتي أظهرت نتائجها  أن أعلى نسب طلاق تتم  في الفئة العمرية بين 30 و34 سنة، وذلك خلال أول خمس سنوات زواج..

وأوصت بإجراء مسح متخصص لمعرفة الأسباب المؤدية للانفصال بين الشباب..

وهنا ربطت بين ما شهدته من نظرة البعض للزواج، وبين الأسباب التي سبق وأوصت تلك الدراسة بالبحث عنها.. فهناك عدد ليس بقليل من فئات المجتمع، ينظرون للزواج وكأنه الحل السحري لتعديل سلوك من لا يعرف أبجدية تحمل المسئولة ولا بناء أسرة..

عفواً يا سادة،.. فالزواج  ليس مؤسسة عقابية، الهدف منه التهذيب والإصلاح،..إنه حياة قائمة على السكن والمودة والرحمة.. ونجاحه يعتمد على رجال يتسمون بالنبل، النخوة، الإخلاص، ومواصلة العمل ليل نهار من اجل الحفاظ على من ائتمنتهم على قلبها ونفسها حين وضعت في أناملها خاتم يحمل أحرف أسمهم، ونساء يتقن لغة المشاعر، الإحتواء، والبقاء على العهد وإن أنقلب الحال وجابهتهم الأزمات من كل اتجاه..  

فما يقدمه البعض من مقترحات لإصلاح الشباب عن طريق أقدس رباط شرعه المولي عز وجل، ليس إلا مزيد من بيوت خربة وعلاقات منتهية الصلاحية قبل أن تبدأ..

فيا كل أب وأم أخفق في تعليم أولاده ألف باء مسئولية،.. من حقكما أن تحزنا على تخبط ابنكما بين دروب الحياة، لكن ليس من العدالة أن تلقوا بفشلكما على فتاة لم ترتكب ذنباً سوى أنها حلمت بالفستان الأبيض والفرحة، فكان حظها العاثر أن يدق أبنكما بابها في محاولة منكما لإلقاء ما فشلتما فيه على تلك المسكينة.