الثلاثاء 18 يونيو 2024

"حرمة الدماء والأموال والأعراض وفضل صيام يوم عرفة".. موضوع خطبة اليوم

صلاة الجمعة

تحقيقات14-6-2024 | 09:59

محمود غانم

تنشر بوابة -دار الهلال- نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، التي جاءت تحت عنوان: "حرمة الدماء والأموال والأعراض" "وفضل صيام عرفة لغير الحاج" حيث تتناول الخطبة ذلك من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، موضحة عظيم ما اشتملت عليه خطبة الوداع للنبي (صلى الله عليه وسلم).

إلى نص الخطبة:

دين الإنسانية في أسمى معانيها "حرمة الدماء والأموال والأعراض" "وفضل صيام عرفة لغير الحاج"

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}، وأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلَّمْ وَبَارِكْ عَلَيهِ، وعلى آله وصحبهِ ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فلا شك أن خطبة حجة الوداع خطبة عظيمة في تاريخ الإنسانية، حيث وقف نبينا (صلى الله عليه وسلم) في جمع مهيب من الصحابة (رضي الله عنهم) يوم عرفة؛ ليلقي على مسامعهم خطبة جامعة مانعة تُعَدُّ من جوامع كلمه وفصاحته (صلى الله عليه وسلم)، وتؤسس أول ميثاق عالمي لحقوق الإنسان؛ لما حَوَتْهُ مِن قيم نبيلة تحفظ الكرامة، وتؤصل للتعايش السلمي. وإن أول ما يطالعنا من دروس خطبة حجة الوداع حرمة الدماء والأموال والأعراض، حيث قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): (... فإِنَّ دِماءكُمْ وأَمْوالَكُمْ وأعراضكُمْ بَيْنَكُمْ حرام، كحُرمةِ يَوْمِكُمْ هذا، فِي شَهْرِكُمْ هذا، في بلدِكُمْ هذا)، ففي هذا الموقف العظيم لفت نبينا صلى الله عليه وسلم انتباه أصحابه، واستحضر أذهانهم ليشدد على عِظم حرمة الدماء، والأموال والأعراض، وعصمتها، فكل الدماء حرام، وكل الأعراض مصانة، وكل الأموال محفوظة؛ ليتأسس بذلك مجتمع حضاري مستقر، تسوده الأُلْفةُ، وتُراعى فيهِ الحرمة، ويأخُذُ فِيهِ كلُّ ذِي حق حقه، يقول (صلّى الله عليْهِ وسلّم): (كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حرام: دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرْضُهُ).

وقد شدد ديننا الحنيف على تحريم قتل النفس بغير حق بغض النظر عن الدين، أو الجنس، أو اللون، حيث يقول الحق سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالْحَقِّ}، ويقول سبحانه: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، ويقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه) (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ).

وكما حرَّم الإسلام الاعتداء على الأنفس، حرَّم كذلك الاعتداء على الأموال بأي صورة من صور التعدي، حيث يقول الحق سبحانه{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجارةً عن تراض مِنْكُمْ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (من ظلم قيد شِبْرٍ مِن الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمِ القِيامَةِ مِنْ سُبْعِ أَرَضِينَ)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ).

ويدخل في أكل أموال الناس بالباطل كل سحت أو غش أو استغلال أو احتكار حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمُ نَبَتَ مِنْ سُحْتِ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أولى به ويقول صلى الله عليه وسلم): (مَنْ غَشَ فَلَيْسَ مِنَّا)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْحَارِ المُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى أن يُقْعِدَهُ بِعُظْمِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (... وَالمُحْتَكِرُ مَلْعُونَ).

وتشتد حرمة المال ويعظم إثم الاعتداء عليه إذا كان مالا عاما تتعلق به حقوق واسعة لكثرة الذمم المتعلقة به.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.

لقد حرم الإسلام الاعتداء على الأعراض، أو النيل منها بأي وجه من الوجوه حيث يقول الحق سُبْحَانَهُ: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَكْسِبُ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

لقد أرست هذه الخطبة العظيمة كثيرًا من المبادئ الأخلاقية والقيم الإنسانية، وأخصها حفظ الدماء والأموال والأعراض، بما يؤكد عظمة ديننا الحنيف، وأنه دين الإنسانية في أسمى معانيها.

مع تذكيرنا بصيام يوم عرفة لغير الحاج، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) "صيام يوم عرفة إِنِّي أحتسب على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنَةَ التي بعده، والسنة التي قبله". نسأل الله (عز وجل) أن يوفقنا لكل خير ولأحسن الأخلاق والقيم وأن يحفظ مصرنا العزيزة ويرفع رايتها في العالمين