يعرف أول أيام عيد الأضحى في مناسك الحج بأنه يوم الحج الأكبر، والذي فيه يؤدي الحجاج العديد من المناسك، منها الهدي والحلق والتقصير ورمي جمرة العقبة الكبرى بعد قضاء ركن الحج الأعظم في يوم عرفة والمبيت في مزدلفة في التاسع من ذي الحجة، وفقا لترتيب مناسك الحج، ليأتي اليوم العاشر من ذي الحجة والذي يوصف بأنه "يوم الحج الأكبر".
فضل يوم النحر
وقال الدكتور محمود حربي، الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الإسلامية، إن الحجاج بعد الوقوف بعرفة أمس والمبيت في مزدلفة، يتوجه إلى منى صباحا، فإذا وصل منى قبل الفجر فصحيح، وإن وصل صباحا فالأمر صحيح، ويؤدي مناسك الحج في يوم النحر، حيث يرمي جمرة العقبة الكبرى فقط بسبع حصيات، وهذه تجرى وفقا لترتيب وتنظيم معين، وعلى الحاج أن يلتزم بالتنظيم الذي حددته الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية التي تضع جدولا زمنيا للدول للقيام برمي الجمرات.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أن الحاج بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يعود إلى خيمته فيحلق أو يقصر، فالحلق هو إزالة جميع الشعر، أما التقصير هو أخز جزء من الشعر، والمرأة تأخذ جزءا بسيطا من شعرها من مؤخرة الرأس، وكذلك يتم ذبح الهدي، وهذا يجري الآن بصكوك يدفع الحاج مقابل صك الهدي ويوكل الجهات الشرعية لذبحه، موضحا أنه برمي الجمرات يتحقق للحاج التحلل الأصغر وهذا يحل فيه كل شيء للحاج إلى النساء ولا يتحقق التحلل الأكبر أو الكامل إلا بعد طواف الإفاضة.
وأضاف أن طواف الافاضة يكون بعد رمي جمرة العقبة الكبرى إن تيسر ذلك للحاج أن يتوجه إلى البيت الحرام فيطوف طواف الافاضة وبذلك يتحلل التحلل الاكبر، ثم يرجع بعد ذلك للمبيت بمنى، وإذا لم يتيسر له ذلك وهذا المعهود بالنسبة للبعض وخاصة كبار السن أو من ل يعرف ذلك من قبل، فسيكون خروجه وعودته من منى إلى البيت الحرام فيه مشقة كبيرة، فيمكن أن يؤدي طواف الإفاضة في وقت آخر وهذا وقته متسع.
وقال إن الحاج يبقي في منى في يوم النحر وأيام التشريق ليرمي الجمرات الثلاثة، بدءا من اليوم الحادي عشر وحتى الثالث عشر من ذي الحجة، وفيها يرمي الجمرات كل جمرة بسبع حصيات، أي 21 جمرة في اليوم الواحد، وإن كان متعجلا فيرمي في يومين فقط هما الأول والثاني من أيام التشريق.
يوم الحج الأكبر
وأكد أن أول أيام العيد يوصف بأنه يوم الحج الأكبر لأن معظم المناسك تؤدى فيه، فالحاج يذهب فيه ليرمي الجمرة الكبرى ثم يحلق أو يقصر، ثم يؤدي طواف الافاضة، إن استطاع وفيه ذبح الهدي.
وقالت دار الإفتاء إن يوم النحر له فضلٌ كبيرٌ؛ لِمَا شُرع فيه من مناسك وعبادات، ولمَا يحفل به من طاعات وقربات، ومن فضل يوم النحر أنه يطلق عليه "يوم الحج الأكبر"، فهو المراد في قول الله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: 3].
أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة
وقالت الإفتاء إنه أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة تتركز أكثر مناسك الحج؛ ففيه رمي جمرة العقبة، وذبح الهدي، وحلق الرأس، وطواف الإفاضة.
وعن رمي جمرة العقبة، قالت إن الجمرات ثلاث، وفي يوم النحر تُرْمَى واحدة فقط، وهي أقرب الجمرات إلى مكة، وتُسَمَّى جمرة العقبة الكبرى، فترمي فيها بسبع حصيات متعاقبات؛ أي: لا تَرْمِهَا دفعة واحدة، ويُسَنُّ التكبير مع كل حصاة، وتجمع الحصيات من أي مكان، وتكون الواحدة بقدر الحمصة.
وقالت الإفتاء إنه يجوز شرعًا رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر بعد نصف ليلة النحر للقادر وغير القادر على حد سواء؛ استدلالًا بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت)). أخرجه أبو داود.
ذبح الهدي
ومن الأعمال التي يؤديها الحجاج فيه، ذبح الهدي، حيث يذبح الحاجّ هديه، وهو واجب على القارن والمتمتع، والآن يدفع الناس ثمن الهدي لبعض الجهات الخيرية، والتي تقوم بالذبح وتوزيعه على الفقراء، بما عرف عند الناس بـ(الصكوك).
وكذلك حلق شعر الرأس أو تقصيره، حيث يكون حلق الشعر يكون بالموسى، وتقصيره يكون بالمقص وغيره، والمقصود أخذ بعض شعر الرأس، والحلق أفضل من التقصير؛ لأنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم دعا للمحلّقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة، والمرأة تقص من شعرها قدر أنملة الإصبع.
وقالت دار الإفتاء إن من ترك الحلق أو التقصير فقد ترك واجبًا يُجبر بدم، وهذا هو الأصل، فمن لم يتيسر له الذبح فلا شيء عليه.
طواف الإفاضة
ويؤدي الحجاج أيضا طواف الإفاضة، ويُسَمَّى أيضًا طواف الزيارة، أو طواف الركن، ويشترط له الطهارة؛ لأنَّه بمنزلة الصلاة إلَّا أنَّ الله أباح الكلام فيه، كما ورد في الأثر، ويكون بالطواف حول الكعبة سبع أشواط، يبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، ويجعل الكعبة عن يساره، أي: كما يقال: يكون الطواف ضد عقارب الساعة، ولا نهاية لوقت الطواف عند بعض الفقهاء كالشافعية والحنابلة، لكن لا بد من الإتيان به، ولا يكفي الفداء عن أدائه إجماعًا؛ لأنه ركن، والركن لا يُجْزِئُ عنه البدل.
ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ فيها من الصفا وينتهي عند المروة، ولا يشترط للسعي الطهارة، وإن كان يستحب ذلك.
ورمي الجمرة والحلق أو التقصير والطواف، هذه الثلاث إذا فعل المُحْرِمُ منها اثنين كان مُتَحَلِّلًا تَحَلُّلًا أصغر، فيحلّ له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء، فإذا أتى بالثالث منها كان مُتَحَلِّلًا التَّحَلُّل الأكبر فيحلّ له النساء أيضًا، فلو رمى الجمرة وحلق أو قصر، جاز له أن يلبس ما يشاء من المباح وأن يتعطّر، وأن يطوف بمكة بهذه الهيئة.
وبعد ذلك يستعد لأيام التشريق والتي فيها يتم رمي الجمرات الثلاث، حيث يرمي الحاج الجمرات الثلاث (الصغرى، والوسطى، والعقبة) في كلٍّ مِن يومَي الثاني والثالث من أيام العيد، كل واحدة بسبع حصيات، سواء قبل الزوال أو بعده، وهذا ما عليه الفتوى.