الأحد 30 يونيو 2024

العقاد.. عبقري لا يعرف اليأس

العقاد

بورتريه الهلال28-6-2024 | 11:38

بيمن خليل

"إيماني بالأدب أنه رسالة عقل إلى عقول ووحي خاطر إلى خواطر ونداء قلب إلى قلوب إن الأدب في لبابه قيمة إنسانية وليس قيمة لفظية"، تعتبر تلك المقولة واحدة من أقوال أيقونة الأدب المأثورة، كيف استطاع هذا الرجل، ذو التعليم الابتدائي، أن يصبح عملاقًا في عالم الأدب والفكر؟ لم يكن يعلم أحد أنه سيصبح يومًا ما أحد أعمدة الأدب العربي الحديث، كانت مكتبته هي جامعته والكتب أساتذته وذكائه الحاد حصنه الذي تحدى به كل التوقعات وكسر كل القيود، إنه الكاتب الموسوعي الكبير وأحد أهم كتاب القرن العشرين عباس محمود العقاد، الذي ترك بصمة لا تُمحى في عالم الأدب والفكر، بصمة لا تعرف اليأس ولا تعترف بالمستحيل.

في محافظة أسوان، في صعيد مصر، ولد عباس محمود العقاد في 28 يونيو عام 1889، لأب مصري وأم من أصول كردية، تلقى تعليمه في مدرسة أسوان الأميرية، حصل على شهادة الابتدائية في سن الرابعة عشرة، واقتصر تعليمه على هذه المرحلة فقط لعدم توافر مدارس المراحل الأعلى في أسوان آنذاك.

اعتمد العقاد على ذكائه الحاد وقدرته الفائقة وصبره على التعلم الذاتي، فعلم نفسه كل شىء، حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية، أتقن اللغة الإنجليزية من خلال تفاعله مع السائحين الزائرين للأقصر وأسوان، ما مكّنه من الاطلاع على الثقافات الغربية.

ولأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا، بدأ العقاد حياته المهنية بالعمل في مصنع للحرير بدمياط، ثم انتقل للعمل في السكك الحديدية، كان العقاد شغوفًا بالقراءة في شتى المجالات، مخصصًا معظم دخله لشراء الكتب، لاحقًا، التحق بعمل كتابي في محافظة قنا قبل أن ينتقل إلى محافظة الشرقية.

انخرط العقاد في الصحافة، متتلمذا على يد المفكر والشاعر الدكتور محمد حسين محمد، وأسس «مدرسة الديوان»، بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري، والتي دعت إلى التجديد في الشعر والخروج عن القوالب التقليدية العتيقة.

تقلد العقاد مناصب عدة، منها عضوية مجلس النواب المصري ومجمع اللغة العربية، كما واصل إنتاجه الأدبي رغم الظروف القاسية التي مر بها؛ مقدمًا مقالات ومترجمات لمجلة "فصول".

أسهم العقاد بشكل بارز في الحياة الأدبية والسياسية المصرية، وأثرى المكتبة العربية بأكثر من مئة كتاب في مجالات متنوعة، وبرع في الصحافة، بفضل ثقافته الموسوعية، كتب الشعر والنثر على حد سواء، واشتهر بتبحره في التاريخ والفلسفة والأدب وعلم الاجتماع، وظل معروفًا عنه أنه موسوعي المعرفة.

أصدر العقاد  تسعة دواوين في الفترة بين عامي 1916 و1950، وألف 75 كتابًا من أصل ما يقارب المئة كتاب، إضافة إلى نحو 15 ألف مقال، وكانت أول دواوينه «يقظة الصباح» ونشر سنة 1916، وكانت آخر دواوينه بعنوان «ما بعد البعد» في عام 1934م.

حظيت بعض أعمال العقاد بالترجمة إلى لغات عدة، منها الفارسية والأردية والملاوية والألمانية والفرنسية والروسية، وتكريمًا لإسهاماته، أطلق اسمه على إحدى قاعات المحاضرات بكلية اللغة العربية في الأزهر، كما سُمي باسمه أحد أشهر شوارع القاهرة في مدينة نصر.

رحل الأديب الموسوعي الكبير عباس محمود العقاد عن عالمنا، في يوم 13 مارس 1964، عن عمر يناهز الـ 74 عاما.