السبت 5 اكتوبر 2024

مع بداية العام الهجري 1446هـ.. سطور في الهجرة النبوية وأصل التقويم الهجري

الهجرة

تحقيقات7-7-2024 | 11:28

محمود غانم

تحتفل أمتنا العربية والإسلامية، اليوم الأحد الموفق ١ محرم ١٤٤٦هـ، بأولى أيام العام الهجري الجديد، حيث يجسد هذا التاريخ ذكرى عطرة في النفوس المسلمين، وهي هجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة فرارًا من أذى المشركين بوحي من ربه.

هجرة المصطفى(صلى الله عليه وسلم)

قبيل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، اجتمعت قريش في "دار الندوة" وتشاوروا فيها في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فدخل معهم إبليس في صورة شيخ وقال:"أنا من أهل نجد سمعت بخبركم فحضرت، وعسى أن لا تعدموا مني رأيًا".

وكانت قريش في هذا المجلس تتشاور في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فترى ما هي صانعة به ومن بين النفي والحبس، قال أبو جهل: "أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى نسيبًا، ونعطي كل فتى منهم سيفًا، ثم يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، ورضوا منا بالدية"، فقال النجدي (الشيطان) هذا الرأي، فتفرقوا على ذلك.

وفي هذه الأثناء، أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تبت الليلة على فراشك"، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي بن أبي طالب: "نم على فراشي واتشح ببردي الأخضر، فنم فيه فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه، وأمره أن يؤدي ما عنده من وديعة وأمانة وغير ذلك".

وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب فجعله على رءوسهم وهو يتلو من {يس والقرآن الحكيم} [يس: 1] ، إلى قوله: {فهم لا يبصرون} [يس: 9]، ثم انصرف فلم يروه، فأتاهم رجل فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا: محمدًا.

قال: خيبكم الله، خرج عليكم ولم يترك أحدًا منكم إلا جعل على رأسه التراب وانطلق لحاجته، فوضعوا أيديهم على رءوسهم فرأوا التراب، وجعلوا ينظرون فيرون عليًا نائمًا وعليه برد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: إن محمدًا لنائم، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فلما جاء الصباح، سألوا عليًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا أدري، أمرتموه بالخروج فخرج. 

ووصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر الصديق فخرجا إلى غار "ثور"، فأقاما في الغار ثلاثًا، وجعلت قريش مائة ناقة (دية) لمن دل عليهم، فلما سكن الناس أتاهما دليلهما عبد الله بن أرقد، فبدأت رحلة الهجرة، حسبما يذكر "ابن الأثير" في كتابه "الكامل في التاريخ".

إعجاز النبوة

وأثناء رحلة الهجرة، تتبعهم سراقة بن مالك طمعًا في الدية التي وضعتها قريش، فلحقهم وهم في أرض صلبة، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أدركنا الطلب! فقال: {لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40].

ودعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه، فقال سراقة ادع لي محمد ليخلصني الله، ولك علي أن أرد عنك الطلب، فدعا له فتخلص، فعاد يتبعهم، فدعا عليه الثانية فساخت (غاصت) قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى، فقال: يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك علي، فادع لي ولك عهد الله أن أرد عنك الطلب. 

فدعا له فخلص وقرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: يا رسول الله خذ سهمًا من كنانتي، وإن إبلي بمكان كذا فخذ منها ما أحببت، فقال: لا حاجة لي في إبلك.

فلما أراد أن يعود عنه قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا سراقة إذا سورت بسواري كسرى؟ قال: "كسرى بن هرمز"، قال (النبي): نعم، وهو ما كان في عهد عمر بن الخطاب، ثم من بعد ذلك وصل النبي إلى المدينة.

التقوية الهجري

كانت بداية العمل بالتقويم الهجري في زمن عمر بن الخطاب، حيث أورد الإمام البخاري في "التاريخ الصغير" عن سعيد بن المسيب يقول قال عمر رضي الله عنه: "متى نكتب التاريخ"؟ فجمع المهاجرين فقال له علي رض الله عنه: "من يوم هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم- نكتب التاريخ.

وروي أيضًا، أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: "أرخ بالمبعث"، وبعضهم: "أرخ بالهجرة"، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: "ابدءوا برمضان"، فقال عمر: "بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم".

ويتكون العام الهجري من اثني عشر شهرًا قمريًا هي بالترتيب: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.

ويقوم التقويم الهجري على التقويم القمري الذي يرتكز على تقسيم الوقت بالاستفادة من دوران القمر حول الأرض، ويعتمد بشكل أساسي على دورة القمر التي تقابل دورة الأرض حول الشمس.