الأربعاء 14 اغسطس 2024

نيويورك تايمز: سياسة بريطانيا في ظل حكومة حزب العمال تبتعد عن أقرب حلفائها

نيويورك تايمز: سياسة بريطانيا في ظل حكومة حزب العمال تبتعد عن أقرب حلفائها بشأن إسرائيل

عرب وعالم25-7-2024 | 19:46

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنه على مدار العشرة أشهر الماضية تحركت حكومة المحافظين في بريطانيا بشكل متسق تقريبًا مع الولايات المتحدة في ردها على الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، ولكن الآن في ظل حكومة حزب العمال الجديدة تبتعد بريطانيا عن أقرب حلفائها في الصراع.

وذكرت الصحيفة -في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم الخميس- أنه بحلول نهاية هذا الأسبوع من المتوقع أن يتخلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتراضات الحكومة السابقة على سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفقًا لمسؤولين مطلعين على مداولات الحكومة البريطانية رفضا الكشف عن هويتهما نظرا للحساسيات السياسية للقضية.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت بريطانيا أنها ستستأنف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وهي الوكالة الأممية الرئيسية التي تساعد الشعب الفلسطيني، بعد أن تأكدت أن الوكالة اتخذت خطوات لضمان استيفائها لأعلى معايير الحياد.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه الخطوات مجتمعة تبرز استعداد الحكومة البريطانية لممارسة المزيد من الضغوط على نتنياهو بسبب الرد العسكري الإسرائيلي القاسي في غزة، كما تظهر أيضا أن ستارمر -المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان- يهتم بالمؤسسات القانونية الدولية أكثر من الولايات المتحدة.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه في شهر مايو.. أدان الرئيس الأمريكي جو بايدن جهود المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للحصول على أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت ووصفها بأنها "مشينة"، وعلى الرغم من أن أوامر الاعتقال ستكون بمثابة إجراءات رمزية إلى حد كبير، إلا أن مجلس النواب الأمريكي صوت لصالح تمرير تشريع يفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة.

وأشار المحللون إلى أن الحكومة البريطانية الجديدة لم تفرض حتى الآن إجراءات ملموسة مثل وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، وقال مسؤولون إنهم ينتظرون نتائج المراجعة القانونية لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تنتهك قوانين حقوق الإنسان.

تشير هذه التحركات المبكرة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني الجديد يرسم مساره الخاص بشأن الصراع الذي أثار حفيظة الزعماء الغربيين وعلى رأسهم بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز، وكان تحالف بريطانيا الوثيق مع الولايات المتحدة سببا في حدوث صداع بين حزب العمال والعديد من أنصاره الذين طالبوا بدعوة بريطانية أسرع لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

قام ستارمر بتعيين ريتشارد هيرمر محامي حقوق الإنسان البارز في منصب المدعي العام في بريطانيا، وسيكون لهيرمر تأثير كبير في تقديم المشورة لرئيس الوزراء بشأن إسرائيل، والتوقيع على أي تدخل قانوني يقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وعلى الرغم من أن هيرمر وُلد لعائلة يهودية ومؤيد للقضايا اليهودية إلا أنه نصح حزب العمال بمعارضة جهود الحكومة السابقة لإصدار قانون يحظر على السلطات المحلية في بريطانيا مقاطعة الكيانات التابعة لإسرائيل، وقال إن ذلك من شأنه أن ينتهك حرية التعبير.

وقال كولم أوسينايد أستاذ القانون الدستوري وقانون حقوق الإنسان في جامعة لندن "إن هيرمر خبير معترف به ويتمتع بمكانة وسمعة كبيرة في قانون حقوق الإنسان".

ورغم أن الحكومة البريطانية لم تذكر كيف تخطط للرد على المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن ستارمر قال في مايو "يجب أن تكون المحكمة قادرة على التوصل إلى قرارها في الوقت المناسب، أنا أؤيد المحكمة وأؤيد القانون الدولي"، ويختلف ذلك عن موقف ريشي سوناك سلفه الذي وصف أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت بأنها "غير مفيدة على الإطلاق".

وبينما يتوقع عدد قليل من المحللين أن تلتزم الحكومة الجديدة بخط الحكومة السابقة، يعتقد البعض أنه بدلا من إسقاط اعتراضها بالكامل، قد تختار بريطانيا تقديم نص أكثر دقة إلى المحكمة.
لكن زكي الصراف المسؤول القانوني في مركز العدالة الدولي للفلسطينيين -وهي مجموعة تدعم حقوق الفلسطينيين- دعا الحكومة إلى اتخاذ موقف واضح.

وقال الصراف في بيان "لا يمكن أن يكون هناك نهج انتقائي لهذا النوع من الأشياء"، مشيرا إلى أن ستارمر أشاد بالمحكمة عندما طلبت إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتابع قائلا "يجب تطبيق القانون الدولي دون خوف أو محاباة، ويجب عليه أن يدعم أوامر الاعتقال هذه أيضا".

وبحسب التقرير، وضعت الحرب في غزة ستارمر وحزب العمال في موقف سياسي صعب منذ البداية، ففي البداية أيد ستارمر دعم الحكومة القوي لإسرائيل، إلى جانب دعوة لزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، ثم دعا في وقت لاحق إلى وقف فوري لإطلاق النار كما فعلت الحكومة، ولكن ليس بالسرعة الكافية لإرضاء الناس على يسار حزبه أو العديد من أنصار حزب العمال الإسلامي.

وأضاف أن التوازن الدقيق الذي اتبعه حزب العمال لم ينقذ الحزب من ردود أفعال عكسية في صناديق الاقتراع حتى في الانتخابات التي حقق فيها فوزا ساحقا، فجوناثان أشوورث وهو شخصية في حزب العمال كان من المحتمل أن يتم تعيينه في منصب وزاري خسر مقعده بشكل غير متوقع لصالح ناشط مؤيد للفلسطينيين.

حتى ستارمر نفسه فاز بحصة أقل من الأصوات في مقعده في شمال لندن مقارنة بانتخابات عام 2019، ويرجع ذلك جزئيا إلى التحدي الذي قدمه مستقل أعرب عن غضبه من موقف حزب العمال من إسرائيل، وفقا للتقرير.

وفي السيرة الذاتية لستارمر، كتب الصحفي توم بالدوين أن "زعيم حزب العمال دعم علنا المعارضين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ووصف رفضه لحل الدولتين بأنه "غير مقبول"، وحذر من أن أي انتهاكات للقانون الدولي ستؤدي إلى عواقب وخيمة". 

ويأتي هذا التحول في بريطانيا في الوقت الذي تدخل فيه الولايات المتحدة نفسها فترة من عدم اليقين السياسي المتزايد بشأن إسرائيل، فقد أثار انسحاب بايدن من حملته الانتخابية وظهور نائبته كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية مفترضة تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغير حساباتها بشأن إسرائيل والحرب في غزة.

وقال آرون ديفيد ميلر مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط والذي يعمل الآن باحثا بارزا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "إنها أكثر إحباطا وغضبا تجاه نتنياهو من بايدن".

لكن ميلر أشار إلى أن أي تغيير في السياسة الأمريكية من المرجح أن يأخذ شكل ضغط أكبر على نتنياهو، وقال إن البيت الأبيض لن يستأنف تمويل الأونروا أو يتخلى عن معارضته للمحكمة الجنائية الدولية لأن هذه الخطوات ستثير معركة لا داعي لها في وقت الانتخابات مع الجمهوريين في الكونجرس، بحسب قوله.