الأربعاء 14 اغسطس 2024

لتثبيت ملكهم السياسي.. اكتشاف أثري يوثق التضحية بالأطفال من قبل أسر النخبة

المباني بالطوب اللبني في موقع الدفن في باكويمي

ثقافة14-8-2024 | 01:43

إسلام علي

كشفت دراسة لتحليل الحمض النووي للطفل الذي وجد في إحدى المقابر في المكسيك والتي ترجع إلى فترة ما قبل الاستعمار الإسباني، أن والداه كانا مرتبطين ببعضهما البعض بشكل غير عادي.

اكتشفت تلك المقبرة خلال مشروع  بحثي بدأ في أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، في موقع باكويمي، وهو موقع أثري مهم يقع في ولاية شيواوا شمال غرب المكسيك، إلا أن الدراسات الحديثة  لأول تحليل جيني لهذا الطفل والذي أظهرته  نتائج تأريخ الكربون المشع أنه كان يتراوح عمره بين عامين وخمسة أعوام عند وفاته، وقد عاش بين عامي 1301 و1397 بعد الميلاد.

وطبقا للدراسة التي نشرتها مجلة Antiquity ، أن هذا الطفل تم التضحية به كجزء من طقوس أسر النخبة في المكان، لأجل تكريس مبنى خاص بهم، فضلا عن تعزيز مكانتهم الاجتماعية والسياسية.

وفي نفس السياق، قال جاكوب سيدج، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة هارفارد، لتصريح لمجلة نيوزويك: "هذا اكتشاف مهم لأن علماء الآثار ما زالوا يحاولون فهم البنية الاجتماعية والدور الذي قد يكون قد لعبه القادة الدينيون والطقوسيون في باكويمي".

وأضاف سيدج في تصريحه أن الموقع يحتوي على هياكل صخمة بشكل تلال على هيئات صليبية وثعبانية، بالإضافة إلى بئر يوجد تحت الأرض، قناة مائية، وساحات، وملايين القطع الأثرية، والأصداف والبضائع الغريبة الأخرى المستوردة من مئات الأميال.

ذكرت مجلة نيوزيورك، بأن حضارة باكويمي اشتهرت فيما بين 1200 و 1450 ميلادية، فكانت مركزا اثتصاديا واجتماعية وثقافيا، وذلك بالتأكيد كان قبل فترة الإستعمار الأسباني للمنطقة، وعلى الجانب الأخر، كشفت الدراسات أن الطفل قد دفن تحت إحدى العارضات التي كانت تدعم إحدى السقوف داخل مبنى عرف قديما باسم "بيت البئر".

ويعتقد أن ذلك المركز الذي دفن به ذلك الطفل هو مركز طقسي واحتفالي كبير نظرا لما وجده العلماء في ذلك الموقع من الأشياء الطقسية، وأشارت الدلائل أن الطفل كان من سلالة النخبة، وقد أظهر تحليل الحمض النووي أن والديه كانا مرتبطين بشكل وثيق، حيث تقاسما حوالي 25 إلى 50 بالمائة من المادة الوراثية، مما يشير إلى أن علاقتهما قد تكون أقرب من أبناء العمومة من الدرجة الأولى.

ولم يكن لدى الباحثين سبب للاعتقاد بأن والدي الطفل كانا مرتبطين بشكل وثيق، لكن هذا الاكتشاف يعزز الفرضية بأن النخب في بعض الثقافات القديمة قد مارست مثل هذه العلاقات لتعزيز مكانتها الاجتماعية، ورغم أن الدور الدقيق للتضحية بالأطفال في باكويمي لا يزال غير واضح، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن التضحية كانت جزءًا مهمًا من الحياة اليومية في مجتمعات أمريكا الوسطى بشكل عام.

ستساعد البيانات المستخلصة من بقايا الطفل الباحثين في فهم التركيب الجيني للأشخاص الذين عاشوا في باكويمي وشمال المكسيك، وأكد سيدج أن الطفل كان جزءا من السكان المحليين ولم يكن جزءا من سلالة مهاجرة، مما يضيف طبقة جديدة من الفهم للتفاعلات البيولوجية في تلك المنطقة القديمة.

وجدير بالذكر، أن موقع باكويمي يعد من أكبر وأهم المواقع الأثرية في المنطقة المشتركة  بين شمال غرب المكسيك وجنوب غرب الولايات المتحدة، وكانت الحفريات الأولية التي أُجريت في منتصف القرن العشرين جزءًا من مشروع يسمى "Casas Grandes" المشترك، والذي انتج العديد من المعلومات الآثرية عن ذلك الموقع.