ترك الرائد الكبير جرجي زيدان تراثا بحثيا وأدبيا مهما يعد دليلا على شواغل الفكر العربي في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. يعد جرجي زيدان من أكثر المفكرين العرب إنتاجا بشكل مطرد ومنتظم، بداية من أول كتاب أصدره في عام 1889 (تاريخ الماسونية في العالم) وحتى آخر كتاب في عام 1923 (رحلة إلى أوروبا).
وعلى مدار 34 سنة من النشر المنتظم أنتج لنا جرجي زيدان 40 عنوانا فيما يسد مكتبة كاملة يمكن تصنيف عناوينها إلى ثلاثة فئات كبرى وهي: (1) بحوث ودراسات في التاريخ، (2) الرواية التاريخية، (3) متنوعات ثقافية
وقد قدم زيدان خدمة كبرى للثقافة الجغرافية من خلال توسعة دائرة أعماله البحثية في التاريخ والأدب لتشمل فضاءات جغرافية متنوعة، من بلاد فارس والعراق، إلى الشام والحجاز، علاوة على مصر والسودان.
ولم يسلم زيدان من سهام النقد واتهامه بالتماهي مع الاستشراق والاستعمار وتسليط دائرة الضوء على أسوأ فترات التاريخ الإسلامي ولا سيما الأحداث المأسوية من عهد الفتنة الكبرى والقتل والدماء واستغلال السياسة للدين.
وقد اطلعت على معظم أعمال جرجي زيدان، وأتمنى أن أتناولها بشكل تفصيلي في بحث موسع أو كتاب مستقل، لكني هنا سأقدم قراءة في ثلاثة فقط من هذه الأعمال.
المملوك الشارد
في مذبحة القلعة التي غدر فيها محمد علي بالمماليك - ممن جاءوا ليباركوا خروج ابنه إلى حملة الحجاز - لقى الجميع مصرعهم وفق منهج الغدر المحكم الذي أرساه الباشا وأصبح فيما بعد أكبر أدواته لبث الرعب في نفوس الشعب المصري. واحد من هؤلاء المماليك أفلت من المذبحة بأعجوبة وظل مطاردا شريدا وتفرق شمل زوجه وبنيه.
واقعة هذا المملوك الذي أفلت من المذبحة تكاد تكون نواة تاريخية صلبة نسج حولها الأديب الكبير جرجي زيدان رواية "المملوك الشارد".
على طريقة ألف ليلة وليلة، التي تتولد فيها حكاية صغيرة من رحم حكاية أولى، تتشعب الحكايات، ويتفرق الأبطال جراء فواجع تشتت شملهم، ثم يلتقون في النهاية السعيدة في خاتمة الأمر.
وخلافا لمن كتبوا روايات تاريخية فوقعوا في أسر الحوارات الرأسية بين الأبطال دون حراك أفقي، فإن جرجي زيدان صنع هنا بانوراما من مسرح جغرافي واسع المدى، يمتد من بلاد اليونان وبلاد الشام مرورا بجبل لبنان وسواحل فلسطين وصولا إلى صحراء مصر الشرقية والسودان.
الأماكن التي لها دور البطولة وتتمتع بوصف دقيق ساحر ونابض تلك المترامية في لبنان وعكا وسواحل فلسطين (ولد جرجي زيدان في بيروت عام 1861).
لا نستطيع القول إن المعلومات الجغرافية التي أوردها زيدان عن مصر وتوزيع القبائل دقيقة مناسبة للحقيقة دوما، خاصة في حديثه التفصيلي عن سكان الصحراء الشرقية والعبابدة منهم على وجه الخصوص، كما أن المؤرخين بوسعهم تسجيل بعض اختلافات عما جاء في الرواية مقارنة بالوثائق التي أفرجت عنها الدول الكبرى بعد مرور أكثر من 130 سنة على صدور هذه الرواية (صدرت في عام 1891).
ومع ذلك، لا يمكن أن تسجل اعتراضا واضحا على الرواية لأنها ببساطة استفادت بالجغرافيا والتاريخ في صياغة محفزات للتنقل بين الأحداث المهمة التي ظهر فيها إبراهيم باشا في مصر وبشير الشهابي في لبنان والصراع على الشام بين مصر والعثمانيين.
الرواية أيضا تقترب مما يسميه بعض النقاد بالرواية "التعليمية" أي أن الأبطال يسردون فيها معلومات تاريخية وجغرافية أقرب إلى المعارف المدرسية لتعريف القارئ.
في رواية "المملوك الشارد" يقنعك جرجي زيدان بسحر القصة أن المماليك مظلومين لقوا الأمرين على يد محمد علي في مذبحة القلعة وأنهم أصحاب مروءة وحكمة وقلوب عظيمة.
أما في رواية "استبداد المماليك" فإن جرجي زيدان نفسه يقنعك هذه المرة بأن المماليك أكثر المخلوقات وحشية ويستحقون اللعنة.
وبالتالي، نحن لسنا أمام مؤرخ عنده أحكام وفق تحليل علمي منضبط متوازن، بقدر ما نحن أمام أديب يتخذ التاريخ مادة شهية لصياغة الرواية.
وفي كل الأحوال، تمثل هذه النوعية من الروايات محفزات للتعرف على الجغرافيا والتاريخ.
والمسؤولية هنا على المؤرخين والجغرافيين والنقاد في تفنيد الخطأ وتأكيد الصواب وتوضيحه للجمهور.
أرمانوسة المصرية
هذا عمل أدبي جميل من مدرسة جرجي زيدان في "الرواية التاريخية" وهي المدرسة السابقة على روايات محفوظ التاريخية بأكثر من 40 سنة (لا يمكن استبعاد تأثر محفوظ بشكل كبير بهذه المدرسة وبجهود زيدان).
اتخذ زيدان قبسا من علم التاريخ عن حياة القبط وقت فتح العرب مصر، وصاغ رواية بديعة.
هذه رواية تتكئ على حدث تاريخي صحيح هو دخول العرب مصر في عهد المقوقس. وعلى معلومات جغرافية سليمة عن كل من شمال سيناء وشرق الدلتا ومنف وحصن بابليون.
وهذه المعلومات الصحيحة هي الشيء الوحيد الذي نصدقه، وكل ما خلاف ذلك هو خيال الرواية ومؤلفها.
وقبل أن أعرض هذه الرواية أود أن أسجل 3 تنويهات:
أن تاريخ كتابة الرواية هو نهاية القرن 19، فقد مر عليها 125 سنة. لنا أن نتخيل مقدار الطفرة الكبرى التي توفرت حاليا من معلومات في التاريخ والجغرافيا والآثار والوثائق التي يمكنها أن تغير كثيرا من البناء الفني. ولو وجهنا نقدا للرواية بناء على ما يتوفر لدينا اليوم من معلومات سنقع في خطأ منهجي وهو الحكم على الماضي بمكتسبات الحاضر. وسيكون من العيب أن نقارن أديب معاصر بإمكاناته الحالية بما كان متوفرا لأديب في نهاية القرن التاسع عشر
• قد يشعر البعض بقدر من الفتور خلال قراءة هذه الرواية بمعايير عام 2024 وقد يصل الأمر ببعض الشباب إلى اعتبارها رواية مملة جدا، وسنقول بوضوح إن حجمها الذي يبلغ 240 صفحة لن يخسر شيئا إذا تم اختصاره حقا إلى 100 صفحة فقط لا غير (الحجم الذي توصل إليه نجيب محفوظ بعد 60 سنة من تجربة جرجي زيدان). لكننا إن وجهنا لجرجي زيدان هذا النقد اليوم فسنقع في نفس الخطأ لأننا نقيس الحاضر على رواية مر عليها أكثر من قرن من الزمن.
لا تخطئ العين الخلط الذي اتبعه جرجي زيدان بين الرواية التاريخية والرواية التعليمية. انظر! أنا نفسي وقعت في الخطأ الذي احذر منه حين قمت باستخدام مصطلحات حديثة على عمل ظهر في عام 1896. لكن في الحقيقة إذا قرأنا الرواية بالمستوى الثقافي اليوم سنجد فيها روحا تعليمية كمن يقرأ درسا في شكل رواية، حتى لتظن إن جرجي زيدان معلما في مدرسة أكثر منه كاتبا لرواية عن التاريخ.
دعنا لا ننسى أن زيدان كان يؤسس منهجا جديدا آنذاك، يناسب المستوى الفكري والتعليمي والأدبي لنهاية القرن 19.
وبعد هذه التنويهات دعنا نوضح أن هذه الرواية تقوم على فرضيات تاريخية يبدو أنها ما زالت مقبولة لدى جمهور المؤرخين اليوم، وهي:
الشقاق المذهبي بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة القسطنطينية وتعامل الأخيرة مع الأولى تعامل فيه من الاستعلاء والاضطهاد والتهميش.
ترتب على هذه العلاقة المتوترة استعداد الأقباط (أي كل أهل مصر) للترحيب بأي غزو خارجي لتخليصهم من ظلم الروم.
ترتب على ما سبق أن كلا من المقوقس حاكم مصر والبطريرك القبطي بنيامين كانا ينتظران العرب ويشجعان الناس على الترحيب بهم، أو على أضعف الإيمان يطلبان منهم عدم مشاركة جنود الروم قتال العرب.
هذه الفرضيات الأساسية التي لها علاقة بالتاريخ، وكل ما ستحمله الرواية حول ذلك من أحداث من نسج خيال الأديب المبدع.
وأرمانوسة هي ابنة المقوقس حاكم مصر ذي الأصل اليوناني، المتعاطف مع الأقباط والرافض للاستعلاء الروماني على شعبها.
وعلى طريقة ضمان ولاء الولاة الأصغر عبر العصور، يرسل هرقل ملك بيزنطة إلى المقوقس حاكم مصر يريد ابنته أرمانوسة ليزوجها لابنه قسطنطين.
أرمانوسة تحب فتي آخر اسمه "أركاديوس" هو قائد الفرسان في الجيش البيزنطي في مصر.
المقوقس نفسه يلعب أدوارا متناقضة، فمن ناحية يجهز الجنود في حصن بابليون استعدادا لمواجهة العرب الغزاة حتى لا يتهم من هرقل بالخيانة، ومن ناحية أخرى يقول للمقربين منه إنه مستعد لاستقبال العرب دون أن يغير الأقباط دينهم، ويتلقى من البطريرك بنيامين – المختفي عن أعين الرومان في أحد الأديرة – رسالة يبشره فيه بأن النصر قادم على أيد العرب بتخليصهم من أيدي الظالمين الرومان الذين "حرفوا كلام الله عن مواضعه" (والله المقصود هنا هو المسيح..في إشارة إلى الشقاق بين كنيسة القبط وكنيسة بيزنطة).
ينهي البطريرك بنيامين خطابه – وفقا لرواية جرجي زيدان – بالدعوة لأن يستسلم القبط للعرب ويدفعوا لهم الجزية عن طيب خاطر.
المسرح الجغرافي هنا يتنوع ما بين منف – أطلال عاصمة مصر القديمة – وحصن بابليون وعين شمس قبل أن يظهر المكان البطل الذي ستدور حوله معظم أحداث الرواية وهو "بلبيس" الواقعة على الهامش الشرقي لدلتا النيل، والتي كانت المحطة الرئيسة للمدخل الشرقي لمصر الذي تنطلق منه الفتوحات المصرية إلى الخارج أو تأتي منه الغزوات بعد اجتياز أرض سيناء، وتنتهي الرواية بفتح الإسكندرية.
ولقد تأثر بعض القراء بآراء عدد من النقاد الذين روجوا لزعم أن زيدان "يدس السم في العسل" وفي روايتنا الحالية يمكن أن نجد هنا قرينة مختفية بين السطور، وهي أن فتح مصر لم يتم كحدث أسطوري جبار محاط برعاية سماوية، بل جاء نتيجة تهاون من حاكمها المقوقس الذي كان يميل إلى العرب رغبة في التخلص من ظلم حكم الرومان على مصر.
والحقيقة أن ما يمكن أن نسميه دس السم في العسل يحمل في المدارس الأوروبية مسميات نقدية تستبعد التحليلات الروحية للفتح العربي وتفكر في الأمر من زاوية الأسباب والنتائج والتحليل الجيوسياسي.
لقد ذهب عدد من المفسرين الغربيين إلى القول بأن فتوحات العرب في فارس والشام ومصر لم تكن إلا اهتبالا لفرصة الضعف البنيوي الموجود في هياكل السلطة في هذه الدول.
وفي حالة مصر، هناك من الأدلة التاريخية التي دفعت بعض الباحثين إلى النظر إلى عملية الفتح العربي من زاوية التفكك الداخلي للحكم البيزنطي الذي سهل على عمرو بن العاص دخول مصر وفق السابقة التاريخية التي تمكن فيها الإسكندر من فتح مصر بسبب استعداد المصريين لذلك جراء المعاملة القاسية للاستعمار الفارسي لمصر قبيل قدوم الإسكندر.
وهناك أمثلة من القرن العشرين والحادي والعشرين في دول عربية دخلها الاحتلال الغربي بسبب الشقاق الداخلي والعداوات الطائفية والعرقية.
تراجم مشاهير الشرق
في عام 1902 قدم جرجي زيدان كتابا في جزئين، حجم كل منهما نحو 400 صفحة، وأعطاه عنوان "تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر".
والترجمة في معناها التراثي "عرض السيرة الذاتية للشخصية المشهورة وأهم ما عرفت به في الحياة ومجمل ما قدمت ورأي المعاصرين فيها".
في هذا الكتاب يقدم لنا جرجي زيدان نحو 100 شخصية عامة عرفها الشرق.
والشرق عند زيدان يضم الجزائر ومصر والسودان وبلاد الشام وتركيا وبلاد فارس وبلاد الأفغان وبلاد الهند والحبشة وزنجبار. أي أننا أمام معنى الشرق الثقافي وليس الجغرافي.
ونحن هنا أمام نفس المفهوم الذي سيظهر عند طه حسين لاحقا حين يرى عميد الأدب العربي الشرق والغرب ليس بالمعنى الجغرافي بل بالمعنى الثقافي والحضاري.
في عام 1902 يتعامل جرجي زيدان مع الجغرافيا كوحدة واحدة، فهو يتكلم عن مصر كأنها وطنه وبلاده، وعن بلاد الشام وهو العارف بها وأصل نشأته، وعن تركيا التي ما تزال تؤثر على سياسة مصر الواقعة تحت الاحتلال الإنجليزي.
أما القرن التاسع عشر فعند زيدان يبدأ من نهاية القرن 18، لكن زيدان يضع عدسة التصوير على سبعة عقود واضحة من 1830 وحتى تاريخ تدوين الكتاب.
يعطي زيدان نحو خمس صفحات في المتوسط لكل شخصية من شخصيات التاريخ التي يتناولها.
أحيانا ينقل زيدان السيرة الذاتية من كتب ومخطوطات لم تطبع، ويشير هو إلى ذلك، وأحيانا ينقلها عن أعيان أرسلوا إليه بالسيرة الذاتية لأنهم لم يتمكنوا من نشرها في موقع آخر.
أما الغالبية العظمى من عرض الشخصيات التاريخية فمن الواضح أنها من قراءات زيدان في المراجع والمصادر مختلفة اللغات.
زمن جرجي زيدان ثري للغاية، فهو لا يكتب عن شخصيات من قرون ماضية مر عليها آلاف السنين بل عن شخصيات مر عليها عقد أو عقدين وما تزال آثارها وأعمالها وسيرتها حاضرة بين الناس.
صنف جرجي زيدان الشخصيات على النحو التالي:
العائلة الخديوية:
وعرض فيها لشخصيات محمد علي، إبراهيم، عباس، سعيد، إسماعيل، وينتهي عند عصر عباس حلمي باشا الخديوي الحالي في زمن تأليف الكتاب.
الملوك والأمراء:
وعرض فيه للسلطان العثماني محمود الثاني، الأمير بشير الشهابي من جبل لبنان، محمد أحمد المتمهدي صاحب الثورة في السودان ولاحظ هنا أن جرجي زيدان يسميه "المتمهدي" وليس "المهدي"، وخليفته "عبد الله التعايشي"، علاوة على بعض أمراء فارس والهند والحبشة والصين.
القواد والوزراء:
وتناول فيها الشخصيات ذات النفوذ المالي والإداري في مصر مثل المعلم جرجس الجوهري والمعلم غالي، وبوغوص بك ونوبار باشا وبطرس باشا غالي غيرهم. كما ضم في هذا القسم شخصيات شهيرة مثل أحمد عرابي.
رجال الأعمال وأهل البر والصلاح
ورجال الاعمال تعبير لا يعني ما نقصده اليوم عن المال والبيزنس، بل رجال الأعمال الذين يقدمون أعمالا جليلة لخدمة المجتمع الإنساني، وضم فيها كيرلس الرابع بطريريك الكنيسة القبطية في مصر، والشيخ محمد عبده، ومصطفى كامل وقاسم أمين والكواكبي.
أركان النهضة العلمية:
وضم في هذا القسم كلوت بك مؤسس الطب الحديث في مصر، ورفاعة الطهطاوي وعلى باشا مبارك وجمال الدين الأفغاني وغيرهم كثير.
مؤسسو الصحف وكتاب الجرائد:
وعرض فيه لشخصيات لا نعرفها بشكل كاف اليوم مثل أديب إسحاق، أحمد فارس الشدياق، سليم بك تكلا مؤسس صحيفة الأهرام، عبد الله النديم، وإبراهيم المويلحي وغيرهم.
رجال العلم الأدب:
وأورد في هذا الجزء أكثر من 30 شخصية شهيرة مثل مارييت باشا عالم الآثار، ومحمود باشا الفلكي عالم الجغرافيا والفلك.
وتعتبر صفحات جرجي زيدان عن "محمود باشا الفلكي" مفيدة للغاية، ذلك العالم المصري الجليل الذي كان رئيسا للجمعية الجغرافية الخديوية بعد أن درس الفلك والمساحة والجغرافيا لمدة ٩ سنوات في فرنسا.
ويبدو الكتاب مفيدا لثلاثة أسباب:
- لغته العربية الرائقة الجميلة الرشيقة البليغة.
- عرض التاريخ بطريقة مقالات صحفية، وبالتالي لا يقدم زيدان تاريخا بالمعنى العلمي بقدر ما يطرحه في قالب مبسط من دون مراجع ونظريات أمام القارئ المثقف العام.
- رؤية زيدان الواسعة لخريطة الشرق الممتدة من الهند إلى الجزائر ومن تركيا إلى زنجبار...الشرق الثقافي لا الشرق الجغرافي.
ومن خلال اطلاعي على نحو 40 عملا من أعمال زيدان قدمها في فترة عطائه الخصب الممتد لنحو 35 سنة من البحث والكتابة والإنتاج، يمكنني في الختام القول إن الفكر الجغرافي المصري تحصل على فائدة كبرى من توسعة رقعة الوعي الجغرافي التي قدمها زيدان في فهمه للمشرق العربي أكثر بكثير مما توفر للكتاب المصريين من أبناء جيله الذين لم تتوفر لديهم وقتها معرفة كافية ببلاد الشام والجزيرة العربية والعراق وتركيا والهند وبلاد ما وراء النهر.