السبت 7 سبتمبر 2024

رجال من ذهب| محمود سامي البارودي.. روح النضال والشعر

محمود سامي البارودي

ثقافة7-9-2024 | 13:39

فاطمة الزهراء حمدي

عُرفوا بنضالهم وكفاحهم، وإبداعهم الأدبي، لهم العديد من المؤلفات الشهيرة، سطروا أسمائهم بحروف من نور في سجل التاريخ، أفادوا العالم بإسهاماتهم وقوتهم، فمنهم العلماء النابغين، وصانعي الأدب والشعر، وآخرون دافعوا عن أرض الوطن، ظلت ذكرى هؤلاء الرجال وأعمالهم خالدة في التاريخ وحيه في نفوسنا.

نهض بالشعر، في وقت كان ينتشر به الاحتلال والظلم، فجمع بين الأدب والسياسة، وظهر ذلك من خلال إلقائه للقصائد الحماسية للشعب، ليزيد من أشعال روح الحماسه بداخلهم، كما يُعد "محمود سامي البارودي" رائد الشعر العربي في العصر الحديث، فحبه للشعرهو ما ساعدة لبث روح النضال في نفوس المصريين ليتصدوا للإحتلال.

وُلد محمود سامي البارودي في 6 أكتوبر 1839م في القاهرة، لوالدين ينتميان للأصول شركسية، كما كانت أسرته على قدر من الثراء والسلطة، فكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ويجمعون الضرائب من أهلها، فيُعد والده ضابطًا بالجيش المصري، وعُيّن مديرا لمدينتي بربر ودنقلا في السودان، ومات هناك وكان "البارودي" وقتها في السابعة من عمره.

نظرًا لانتماء "البارودي" لأسرة مرموقة، فكانت والدته تجلب لهُ المعلمين لتعليمه في المنزل، التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية، ثم بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر.

أظهر "البارودي"، أثناء تلقيه تعليمه شغفًا وحبًا للشعر العربي وشعرائه الفحول، حتى تخرج من المدرسة المفروزة عام 1855 م برتبة "باشجاويش" ولم يستطع استكمال دراسته العليا، والتحق بالجيش السلطاني.

سافر "البارودي"، إلى إستانبول مقر الخلافة العثمانية، والتحق بوزارة الخارجية، وتمكن أثناء إقامته من إتقان اللغتين التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، وبفضل اتقانه للغة التركية والفاسية، التحق بالعمل بالوزارة الخارجية التركية وظل هناك نحو سبع سنوات.

عاد "البارودي" إلى مصر مع الخديوي إسماعيل، أثناء زيارته للعاصمة العثمانية بعد توليه العرش ليقدم الشكر للخلافة، عينه الخديوي معيناً لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والأستانة.

عُين "البارودي" بعد عودته من حرب البلقان مديرًا للشرقية في أبريل 1878، ثم أصبح نقل مديرا للقاهرة، لم يكن حال البلد بأفضل شيء، فكانت غارقة بالديون، وتدخل إنجلترا وفرنسا في السياسة.

أصبح للإنجليز والفرنسين وزايرن في الحكومة المصرية، لم يتحمل الشع ذلك وثار وتحركت الصحافة، وظهر تيار يقوده جمال الدين الأفغاني لإنقاذ العالم الإسلامي من الاستعمار، وفي هذه الأجواء المشتعل، ويلقي "البارودي" قصيدة تثير حماس الشعب وتوقظ الأمة من الأستعمار.

تولى "البارودي" نظارة المعارف والأوقاف، في عهد الخديوي توفيق أثناء تشكيل وزارة شريف باشا، ثم وزيرًا للأوقاف في وزارة رياض باشا، استطاع أن ينهض بالوزارة وقام بإنجازات كبيرة، فكون لجنة من العلماء والمهندسين والمؤرخين للبحث عن الأوقاف المجهولة، وجمع الكتب والمخطوطات الموقوفة في المساجد، ووضعها في مكان واحد.

كما تولى البارودي وزارة الحربية خلفًا لرفقي باشا إلى جانب وزارته للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بعزل رفقي، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلًا، فخرج من الوزارة بعد تقديم استقالته.

كون وزارة جديدة في 24 فبراير 1882م، أطلق عليها "وزارة الثورة"، لأنها ضمت ثلاثة من زعمائها وهم، عرابي وزيرًا للحربية، ومحمود فهمي للأشغال، ولكن لم تدم الوزارة لدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب التي أقام فيها سبعة عشر عامًا.

لم يستسلم لنفيه فأخذ يثقف نفسه، فتعلم الإنجليزية حتى أتقناها، واتجه لتعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائرالإسلام.

عاد "البارودي" إلى مصر وترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به، واتبعوا خطواته حتى أُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الأحياء"، لم يستمر البارودي فسرعان ما رحل في 12 ديسمبر 1904.