الخميس 20 يونيو 2024

المصريون شعب واحد

1-3-2017 | 11:48

بقلم – جمال أسعد

ستظل المؤامرات والمحاولات مستمرة بهدف تفكيك وحدة الشعب المصرى، التى تأسست وتجذرت وتكرست منذ أن وحد مينا القطرين.. فعوامل ومسببات التوحد ليست تاريخية أو جغرافية فقط، لكنها إضافة لذلك فهناك عوامل أخرى وهى المشاركة والتشارك فى الجين المصرى، الذى يجمع كل المصريين بنسبة تقترب من ٩٧٪.. وتلك النسبة قد احتوت ووحدت المصريين من كان مصريًا فى الأساس أو من جاء إلى مصر وقد مصرته مصر وجعلته مصريًا منتميًا ومتفاخرًا بمصر، ولذا فقد أصبح المصير والآلام والآمال واحدة وإن اختلفت الأديان أو إن تباينت التوجهات.. ولا شك فتلك المؤامرات وهذه المحاولات دائمًا ما تتمثل وتركز على العلاقة الإسلامية المسيحية عزفًا على أوتار الارتباط المصرى بالدين والتدين، الذى عرفته مصر قبل أن يعرفه العالم.. وحيث إن الدين للمصريين هو من أهم سمات وركائز الشخصية المصرية، سواء كانت إسلامية أو مسيحية، حيث إن الدين للمصرى هو ما ينظم حياته عبادة ومعاملة كذلك أيضًا الدين هو الذى يدعو ويحفز للاستعداد لما بعد الموت، حيث يسعى كل واحد إلى أن يحاول الوصول للمكان الأحسن والأخلد مع العلم أن هذه العقيدة الدينية هى التى آمن بها المصريون قبل الأديان.. ولذلك نرى أن تلك المحاولات دائما ما تركز على الاعتداء على المصريين المسيحيين كأشخاص وعلى متاجرهم وأعمالهم وكنائسهم، حيث إن هؤلاء يعتبرون المسيحيين هم الحلقة الأضعف لأى نظام مصرى ولذا فقد وجدنا ذلك الكم من الاعتداءات على المسيحيين، وعلى ما يخصهم فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى بداية بضرب كنيسة القديسين فى ٣١/٢/٢٠١٠ مرورًا بالاعتداء والحرق لهذا العدد غير المسبوق للكنائس بعد فض اعتصام رابعة والنهضة وصولا لحادثة الكنيسة البطرسية فى ١١/١٢/٢٠١٦ إلى حادثة الاعتداء وقتل الأقباط فى العريش الأسبوع الماضى، وهذه أمثلة من كم الاعتداءات المختلفة والمتنوعة، والتى يربطها ويحكمها هدف واحد وفكر محدد.. فهل هناك تشابه يربط حادثة كنيسة القديسين أواخر أيام ٢٠١٠ وبين حادثة العريش؟ هنا نريد أن نركز أن حادثة القديسين كانت فى ظل أجواء طائفية تحت مسمى عودة الأخوات المسلمات، والمقصود بهن هؤلاء السيدات خاصة زوجات بعض الكهنة اللاتى أسلمن ثم عدن إلى المسيحية مرة أخرى واللاتى كن فى حضانة الكنيسة والبابا شنودة . حينئذ قامت المظاهرات ضد البابا وضد الكنيسة طالبين عودة المتأسلمات، ولكن كان هذا الموضوع قد تجاوز الحدود المصرية، حيث تم تبنى تنظيم القاعدة فى العراق هذه القضية، حيث أصدر التنظيم بيانا يهدد فيه الكنيسة والبابا إذا لم يترك هؤلاء أن يعدن بأنه سيقوم بعمليات إرهابية ضد الأقباط وضد الكنيسة.. ثم فوجئ العالم بتلك العملية الإرهابية، التى استهدفت كنيسة سيدة النجاة بالموصل فى العراق، التى راح ضحيتها العشرات مع هدم الكنيسة، وكانت هذه الحادثة تنفيذًا لهذا التهديد ثم لحق هذا حادثة كنيسة القديسين فى الإسكندرية، التى راح ضحيتها أكثر من عشرين مسيحيًا، وعلى غرار هذا البيان الذى نفذ من تنظيم القاعدة وجدنا بعد حادثة الكنيسة البطرسية، والتى راح ضحيتها حوالى ثلاثين ضحية من النساء والأطفال بيانًا من تنظيم داعش يعلن عن مسئوليته عن حادثة القديسين بعد أيام قلائل بعد الحادثة.. ولما كان موقف الدولة والنظام وكل المصريين قد اعتبروا أن هذه الحادثة ليست موجهة ضد الأقباط فحسب بل هى موجهة وقاصدة كل المصريين.. فكان ذلك الموقف المصرى والوطنى الرائع الذى ظهرت فيه تلك المشاعر الإنسانية الراقية والحضارية من كل المصريين تجاه هذه الحادثة، خاصة أن الحادثة فى ذلك التوقيت قصدت الأقباط الذين شاركوا فى ٣٠ يونيه والبابا الذى شارك فى اجتماع ٣ يوليو ٢٠١٣ أى الهدف والمقصد هو كل من شارك فى ٣٠ يونيه من المصريين.. ولذلك فقد وجدنا الدولة ورئيس الجمهورية على رأس المشيعين للجنازة الرسمية، التى تحدث لأول مرة مع أقباط، والذين قد أعدوا شهداء.. ولذا قد وجدنا أن هذا الموقف غير المسبوق إضافة إلى زيارة السيسى للكنيسة فى عيد الميلاد لتهنئة الأقباط وتلك الضربة الجوية، التى ثأرت لكل الأقباط فى ليبيا باعتبارهم مصريين كل هذا وغيره مثل قيام الدولة ببناء وترميم الكنائس، التى هدمت وحرقت فى ١٤/٨/٢٠١٣ جعل تنظيم داعش يصدر بيانًا آخر أول الأسبوع الماضى يذكر بأنه هو من قام بعملية الكنيسة البطرسية إضافة إلى ذلك التهديد الصريح للأقباط وكنائسهم داعيًا إلى القيام والرد من تابعيه على تلك المواقف مضيفا وعارضا فى الفيديو لبعض ممارسات بعض رجال الدين، الذين يقومون بمهاجمة الإسلام والمسلمين فى قنواتهم، التى تبث من خارج مصر.. فتم عرض فيديوهات لزكريا بطرس ذلك الموتور، الذى يسترزق ويتعايش ويغازل مشاعر الأقباط ويدغدغ عواطفهم بذلك الهجوم البذىء على الإسلام والمسلمين، كذلك ما يسمى بالقمص مرقص عزيز ذلك الهارب إلى الخارج شاهرًا سيفه الخشبى لمواجهة الإسلام والمسلمين بهدف الدفاع عن المسيحية والمسيحيين متاجرًا بهذه المشاعر ومزايدًا بهذا الأسلوب الرخيص.. وذلك الأسلوب وتلك الطريقة فهذا، وذلك لا علاقة له بالمسيحية ولا بقيمها ولا بأخلاقها ولا إنسانيتها.. فلا يمكن أن تكون المسيحية، التى دعت صراحة ودون مواربة ولا التفاف بحب العدو وبمباركة اللاعنين والإحسان إلى المبغضين أن تكون هى المسيحية، التى تشتم وتسىء وتسفه الآخر وتدعو إلى رفضه وإلى عدم قبوله.. هذه سلوكيات شخصية وآراء ذاتية منحرفة عن صحيح وقيم المسيحية. فشعار الحب المسيحى لا يدعو إلى حب من يحبنى فقط وإلا كانت نفس المسيحية تدعو إلى كراهية من يكرهنى. ولكنها تدعو إلى حب الجميع من يحب ومن يكره وأنا هنا لا أبرر بيان داعش الذى يربط بين تلك السلوكيات وهذه الممارسات التى لا علاقة لها بالمسيحية وبين الاعتداء على المسيحيين وعلى كنائسهم. لكننا نربط الأحداث فى إطارها السياسى. ونريد أن نعرف أن هؤلاء الأشخاص وأمثالهم وسلوكياتهم لا يمتون إلى المسيحية بصلة ولا تصب فى صالح المسيحية ولا المسيحيين. ولكن هؤلاء هم أداة لأجندات أجنبية لدول تأويهم وتمدهم وتمولهم للقيام بمثل هذه الأدوار التى تساعد على تأجيج الفتنة والتفرق والتشرذم باسم الدفاع عن الأقليات الدينية. كما أن هؤلاء وممارساتهم تشارك مع نفس ممارسات تلك التنظيمات التى ترفض الآخر المسيحى، بل ترفض الآخر المسلم ليس الشيعى وهم سنة، بل ترفض ولا تقبل وتقتل الآخر السنى الذى لا يشاركها الرأى والموقف والرؤية. وعلى ذلك فتلك العمليات التى تتم ضد المسيحيين المصريين وكنائسهم وعملية القديسين والبطرسية والعريش وغير ذلك هى عمليات تستهدف المصريين والنظام المصرى. فتلك العمليات تحدث على مدار اليوم مع رجال الجيش والشرطة فى سيناء وغيرها ويكون ضحيتها المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين وهنا فهذه العمليات لا تفرق بين مصرى ومصرى حتى لو كانت هناك عمليات تستهدف الأقباط تحديدًا. وإذا كانت تلك العمليات التى تستهدف المسيحيين بهدف إثارة فتنة أو فرقة بين المصريين أعتقد الآن أن هذه العمليات وتلك الاستهدافات لن تزيد المصريين إلا صلابة وتمسكًا وتوحدًا. كما أن عمليات استهداف المسيحيين هى فرصة لمن باعوا أنفسهم للخارج ولأجنداته والذين يتاجرون بمشاكل الأقباط والمنتهزون لمثل هذه العمليات بادعاء أن هناك إرهابا واضطهادا ضد الأقباط بشكل ممنهج ويدعون المجتمع الدولى للتدخل فى شئون الوطن بتلك الحجة التى لم تعد تصلح للاستعمال ودليل ذلك رفض ألمانيا للذين قد طلبوا الهجرة إليها بحجة الاضطهاد. حيث إن ألمانيا قد رفضت هذه الطلبات باعتبار أن حججهم بالاضطهاد لا سند لها. وأن العمليات الإرهابية ليست موجهة إلى المسيحيين فقط ولكنها تستهدف كل المصريين. وهذا قدر وتلك ضريبة يدفعها كل وطنى مخلص لهذا الوطن ولا يفرق بين مصرى وآخر ولا يزدرى أى دين ولا يرفض الآخر الدينى أو غير الدينى حيث إن الله هو الذى خلق الإنسان مطلق إنسان وأراد الأديان كل الأديان وسمح بالتعددية لحكمة يراها هو سبحانه وتعالى، حيث إنه سبحانه هو الذى سيفصل بين الجميع وقد أعطى الحرية للجميع فى أن يؤمن أو لا يؤمن.. فهذه إرادته وهذا اختصاصه وعلينا الإيمان الصحيح، الذى يتسق مع قيم الأديان ومقاصدها العليا والتى تكرم الإنسان وتعطيه الحرية، حمى الله مصر وشعبها العظيم وأنار الله القلوب لمعرفته المعرفة الصحيحة حتى تصبح مصر لكل المصريين.