أحبها الشعب المصري، حيث إنها قدمت له الكثير، وامتلكت قلوب العديد منهم، فهي الملكة فريدة، زوجة الملك فاروق، كانت حفل زفافهما أسطوري، أقام وسط احتفالات شعبية لم يسبق لها مثيل، كان رحيلها بمثابة الطامة على قلوبهم، كانت ملكة بروح فنانة، نشأت في بيئة فنية، حيث أنها تأثرت بخالها الفنان محمود سعيد، الذي شجعها على تنمية موهبتها، عشقت الفن التشكيلي، وأبدعت فيه بشدة، حتى إنها أقامت معرضاً فنياً بعنوان ألف رؤية ورؤية، فهي صاحبة اللمسات الإبداعية، والملكة المحبة والمخلصة لشعبها، فكان لفنها تأثيرًا كبيرًا على تكوين شخصيتها.
الملكة فريدة
ولدت صافيناز ذو الفقار، أو "الملكة فريدة"، في 5 سبتمبر 1921م، في مدينة الإسكندرية بمنطقة جناكليس، وهي تنتمي لعائلة ذو الفقار المصرية العريقة، كانت ملكة بروح فنانة، حيث طغت رقتها، ومشاعرها، وقلبها الكبير على لوحتها.
ونشأت الملكة فريدة في بيئة فنية، حيث أنها تأثرت بخالها الفنان محمود سعيد، الذي شجعها على تنمية موهبتها، كانت متعلقه به وبفنه، كانت تراقبه منذ إن كانت صغيرة وتشاهده وهو يرسم، ومن هنا نشأ حبها للفن، بالإضافة إلى أن الملكة فريدة ولدت وعاشت فترة شبابها قبل الزواج بالملك فاروق بمدينة الإسكندرية.
وكانت نشأتها بمدينة الإسكندرية سببًا كبيرًا في نمو موهبتها، فكانت المدينة الساحلية ذات طابع أوروبي وتمتاز بالهدوء، من حيث مياهها الزرقاء وسمائها الصافية، وحين يحل المساء تضفي الأجواء الرومانسية الهادئة من حيث تتلألئ أضواؤها الساحلية على شاطئ البحر، ومشاهج غروب الشمس، كل تلك الأشياء البديعة أوحت للملكة فريدة بفكرة تغيير الإضاءة على اللوحات لأن تغيير الإضاءة يعطي إحساسا جديدا ومختلفا في كل مرة عن الأخرى.
بدايتها الفنية
وبدأت الملكة فريدة مشوارها الفني بوضع الإضاءة المتغيرة بواسطة "التايمر"، فكان هناك نوعان من الإضاءة بكل لوحة إضاءة ثابتة وأخرى متغيرة ما بين الفجر والظهر والغروب.
فكانت الملكة فريدة تقف فترات كبيرة أمام كل لوحة لتحديد هذه النقطة التي لم تكن شيئا سهلا أو عفويا، حيث أثرت كل تلك الأشياء عليها، وشدة حساسيتها أثرت على شخصيتها الفنانة، فعملت على مزج حساسيتها الفنية ومعاناتها في الحياة وتأثرها بالأجواء الفنية المختلفة.
ولم تبدأ الملكة فريدة اللوحة بدون فكرة محددة، كانت تقوم بإتنساب الألوان وتتوقف تكون اللوحة، وأحيانًا يتحرك اللون لينساب عشوائيًا على اللوحة، فكانت لا تعد اسكتشا معينًا أو ترسم تحديد اللوحة قبل أن تبدأ فيها، حيث كانت تقول: "تبدأ اللوحة، ومن الألوان والظلال تكوّن التكوينات المختلفة للوحة"، وكان لديها قدرة كبيرة على توظيف الألوان.
وكانت الملكة فريدة تعتز بلوحاتها، حيث إنها رفضت بيعها بإحدى الدول، وقالت: "أن هذه اللوحة تمثل الأمة العربية، لها إمكانيات كبيرة ولكن لا تستغلها الاستغلال الأمثل فهي إذا استيقظت تستطيع أن تفعل الكثير".
زواج الملكة فريدة والملك فاروق
واشتركت الملكة فريدة في الرحلة الملكية التي قام بها الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي وأخواته إلى أوروبا في عام 1937، وتعرفت من خلالها على الملك فاروق، وأعلنت الخطبة الرسمية بعد عودة الأسرة المالكة إلى مصر في صيف عام 1937، وتم الزواج في 20 يناير 1938 وسط احتفالات شعبية لم يسبق لها مثيل، طغت واجباتها الملكية على موهبتها وصرفتها عن ممارسة الرسم، استمر زواجها من الملك فاروق، وأنجبت منه ثلاثة بنات هن الأميرة فريال والأميرة فوزية والأميرة فادية، وكانت محبوبة من الشعب المصري، ولكن لم يستمر الزواج وطلّقها الملك فاروق عام 1948.
وعادت الملكة فريدة لممارسة الرسم منذ عام 1954 وذلك لتغطية نفقات معيشتها، حيث كان ينتمي فنها إلى ما يعرف بالفن الفطري للكبار، كما أنها أقامت العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة مايوركا باريس والقاهرة وجنيف وبلغاريا وتكساس وذلك في سنوات السبعينات والثمانينات، كما أقامت معرضاً فنياً بعنوان ألف رؤية ورؤية.
وفاتها
ورحلت ملكة القلوب الملكة فريدة في فجر 17 أكتوبر عام 1988 عن عُمر يناهز 68 عامًا، وكان موكب جنازتها مهيبًا، تقدمه الكثير من كبار المسؤلين المصريين، وجضرها كثيرًا من أفراد الشعب، خاصة كبار السن اللذين حرصوا على السير في الجنازة حتى مثواها الأخير.