لكل شارع من شوارع مصر المحروسة حكاية وتاريخ وشخصيات بارزة في التاريخ المصري لها دور مؤثر في مجالها، وهو ما دفع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري إلى إطلاق مشروع للتعريف بتاريخ الشخصيات المؤثرة التي أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع ومن ضمن هذه الأسماء شجر الدر أشهر النساء اللاتي حكمن مصر في بداية العصر المملوكي ويحمل أحد شوارع منطقة الزمالك بالقاهرة أسمها.
وفي السطور التالية تقدم بوابة "دار الهلال" أبرز المعلومات عن شجر الدر سلطانة مصر.
ولدت شجر الدر في أسرة مسيحية في جبال أرمينية، وقد تم اختطافها وبيعت في أسواق النخاسة مع غيرها من الجواري والغلمان. وكباقي الجواري اعتنقت الإسلام، ولم يعد لها أي صلة بعقيدتها القديمة. ثم أصبحت جارية لزوجة السلطان “الصالح نجم الدين أيوب” أم "توران شاه".
تولي شجر الدر للسلطنة
تولت شجر الدر الحكم، وأصبحت سلطان مصر، وحكمت مصر منفردة لمدة ستة شهور، وكانت تذكر في وثائق الدولة الرسمية باسم “أم خليل مملوكة الصالح وخادمة الخليفة الزعيم الروحي للعالم الإسلامي في بغداد”، وقد سكت النقود باسمها وألقابها، وتحتوي مقتنيات المتحف البريطاني على قطعة من عملتها النادرة، حيث تقرأ عليها أن خليلاً كان مشتركًا معها في الحكم. ومن ألقابها التي كانت على النقود “المستعصمية”، حيث كانت مملوكة الخليفة المستعصم بالله قبل أن يهبها للصالح نجم الدين أيوب، و”ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين”.
إلا أن الأمور لم تدوم لها على هذا الحال، فقد رفض الخليفة العباسي أن تتولى الحكم امرأة، لذلك بحثت شجر الدر عن حيلة تخرجها من هذا المأزق، وهى أن تتزوج بأحد المماليك ضعاف الشخصية التي تستطيع من خلاله أن تسيطر على الأمور، وترضي الخليفة العباسي.
فتزوجت من “عز الدين أيبك”، وهو قائد المماليك البحرية، وكان أيبك في الثالثة والخمسين من عمره، وكان تركماني الأصل، ومملوكًا للصالح نجم الدين أيوب. وكان لأيبك منزلة سامية بين الأمراء لحميته الدينية وكرمه وفطنته. وهكذا وبعد ستة شهور حل أيبك بدلاً من شجر الدر في الحكم، ونودي به سلطانًا في أنحاء البلاد. وتسمى باسم السلطان الملك المعز عز الدين أيبك، واستمرت شجر الدر تحكم باسم زوجها من وراء الستارة الحريرية وخمارها الذي تضعه فوق وجهها لمدة ثلاثة أعوام.
لكن الأمر لم يستمر على هذا الحال، فعندما بلغت شجر الدر الخمسين من عمرها ازداد أيبك طموحًا وأخذ يخطط لمستقبله ومن سيتولى العرش من بعده خاصةً أن شجر الدر لن تستطيع الإنجاب لكبر سنها، فقرر أن يتزوج من ابنة “بدر الدين لؤلؤ” حاكم الموصل، وعندها ساءت علاقته بشجرة الدر وغضبت منه بعد أن علمت أنه ينوي الزواج وصممت على قتله، وأعدت غلمانها لقتله وهو في الحمام، وعندما استنجد بها لتنقذه منهم جاشت في نفسها بعض عواطفها القديمة، فصاحت في الغلمان أن يتوقفوا، ولكن بعد فوات الأوان.
وحاولت شجر الدر أن تنقل خبر وفاته إلى الأمراء بأنه مات ميتة طبيعية، ولكن أصدقاء أيبك لم يصدقوا ووقفوا على الحقيقة من غلمانها.
نهاية شجر الدر
تأكدت شجر الدر أنها لن تخرج من القصر وهي على قيد الحياة، ولهذا سحقت كل جواهرها ولآلئها الثمينة إلى ذرات، حتى لا يستفيد منها أحد بعد موتها.
وكانت لحظة سقوطها هي اللحظة التي تنتظرها مطلقة أيبك، فأرسلت جواريها إلى البرج ليحضرنها إلى المكان الذي كانت فيه، وهناك قتلنها بالقباقيب الخشبية في 3 مايو 1257م.
وهكذا كانت النهاية المأساوية لشجر الدر، ولكن ظلت شهرتها وسيرتها. ودفنت في مقبرتها بين مقابر المماليك تحت القلعة.