يُعد رائد من رواد الأدب العربي الحديث، فهو ثالث ثلاثة من أعمدة مدرسة الديوان التي وضعت مفهوما جديدا في أوائل القرن الماضي، إنه الشاعر عبد الرحمن شكري، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، فكان شاعرًا مجددًا ومفكرًا أصيلًا حريصًا على اللغة العربية الفصحى، كما كان ناقداً لعبت آراؤه النقدية دوراً كبيراً في الأدب العربي الحديث.
عبد الرحمن شكري
وُلد عبد الرحمن شكري 12 أكتوبر عام 1886م في مدينة بورسعيد، تعلم في طفولته في كتّاب الشيخ محمد حجازي ثم في مدرسة الجامع التوفيقي الابتدائية وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1900، ثم انتقل إلى الإسكندرية فالتحق بمدرسة رأس التبن الثانوية ومنها حصل على شهادة البكالوريا عام 1904.
انتقل شكري إلى مدرسة المعلمين العليا وتخرج فيها عام 1909 وكان متفوقاً، بجانب اتقانه للغة العربية، أظهر تفوقه في اللغة الإنجليزية، فتم اختياره في بعثة إلى جامعة شفيلد بإنجلترا، فدرس فيها خلال ثلاث سنوات الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة إلى جانب اللغة الإنجليزية وعاد منها عام 1912.
جمع الشعر بين المازني وشكري والعقاد، حيث تعارف كل من المازني وشكري في بداية وهما في مدرسة المعلمين العليا، وكان شكري قد أصدر ديوانه الأول «عند الفجر» وهو طالب عام 1909، وبعد عودته من إنجلترا قدمه المازني إلى صديقه العقاد فتصادقا.
تزعم شكري والعقاد والمازني في بداية القرن العشرين اتجاه التجديد في الشعر والأدب، وأطلق عليهم مدرسة الديوان، نسبة إلى كتاب الديوان الذي وضعه العقاد والمازني ولم يشترك فيه شكري.
كان شكري شاعراً مجدداً حريصاً على اللغة العربية الفصحى، كما كان ناقداً لعبت آراؤه النقدية دوراً كبيراً في الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو وجهة تجديدية بناءة، كما رأى أن الشعر ضرورة وليس ترفًا، لأنه يصور الحياة الإنسانية بخيرها وشرها كما يعبر عما يدور بالنفس البشرية.
وكان يرى أن للشعر عناصر من أهمها التصوير والخيال والعاطفة والفكرة، ورفض مبدأ المبالغة والمغالطة في الشعر، ورفض "شكري" شعر المناسبات واتجه بشعره إلى التأمل الوجداني، كما جاءت قصائده في نقد مظاهر الشر ومظاهر الانحطاط الخلقي في نفوس الناس ووصف الموت ووصف حالات النفس الإنسانية المختلفة، آلامها وآمالها.
اهتم شكري بالإصلاح الاجتماعي فعالج بعض المشاكل الاجتماعية في قصائده، مثل مشكلة الطفولة وما يصيب الطفل من يتم ومرض، كما اهتم بمشكلة الجهل والفقر، وكان يرى أن جمال الحياة إنما هو هبة العباقرة والمصلحين الذين لهم الفضل في تغيير مجرى تاريخ البشرية.
رحل عبد الرحمن شكري في 15 ديسمبر 1958م بمدينة الإسكندرية، بعد 6 سنوات من إصابته بشلل نصفي في الجانب الأيمن أرغمه على ترك الكتابة، لكن لم يسمح لمرضه أن يوقفه عن الكتابة، حيث حفاظ على التواصل مع مكاتبيه دفعه إلى تدريب يسراه على الكتابة.