تتميز مصر بوجود عدد كبير من المساجد الأثرية والتاريخية في كل أنحاء البلاد، فتعرف القاهرة بأنها مدينة الألف مئذنة، ولا عجب في ذلك، إذ عُرفت على مر العصور المختلفة بكثرة مساجدها ومآذنها، ومن بين هذه المساجد التاريخية مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش الناصري وهو ضمن المساجد الأثرية التي تنتمي إلى دولة المماليك البحرية، ومسجل كأثر في عداد الآثار الإسلامية ويحمل رقم 218، وقد بناه الأمير صرغتمش الناصري أحد أمراء السلطان المملوكي البحري الناصر محمد بن قلاوون، وذلك عام 757هـ/ 1356م أي منذ ما يزيد عن 6 قرون.
وفي السطور التالية تقدم بوابة "دار الهلال" أبرز المعلومات عن المسجد الذي يقع في شارع الخضيري امتداد شارع الصليبة بجوار جامع بن طولون بحي السيدة زينب بمدينة القاهرة.
ووفق مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي فإن المسجد تم بناءه على أنقاض مبانٍ كانت تقع ضمن حدود مدينة القطائع الطولونية، وتلاصق المدرسة تماماً الجهة الشمالية الغربية لجامع أحمد بن طولون، وقام الأمير صرغتمش بتشييد هذه المدرسة لتدريس الفقه والحديث على المذهب الحنفي ولذلك فقد أضحت المدرسة موئلاً لأشهر علماء المذهب الحنفي خاصة من الفرس.
وتتكون هذه المدرسة من صحن أوسط مكشوف تتوسطه فسقية ويحيط به أربعة إيوانات، أكبرها وأعمقها إيوان القبلة، يليه من حيث المساحة الإيوان المقابل له (الشمالي الغربي) ثم الإيوانين الجانبيين.
وتنفرد هذه المدرسة بمميزات معمارية خاصة تظهر فيه التأثيرات الفارسية وخاصة القباب السمرقندية ذات الرقاب الطويلة، وقد افتتحت المدرسة في احتفال مهيب حضره كبار رجال الدولة آنذاك، وكانت دار صرغتمش نفسها توجد بالقرب من هذه المدرسة في الموضع الذي تشغله الآن وكالة الغوري، وترتفع أرضية المدرسة عن مستوى المدخل قليلاً ولذلك يوجد سلم ذو خمس درجات يؤدي إلى الصحن، وقد دفن بالمدرسة من الشخصيات المهمة الأمير صرغتمش المدفون بالقبة داخل المدرسة وكذلك ابنه إبراهيم والعلامة قوام الدين الأتقاني.