تتسارع التحركات المصرية القطرية الرامية إلى إعادة إحياء مسار المفاوضات بين حركة حماس من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، والتي كانت قد تعطلت؛ بسبب العراقيل التي يتعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اختلاقها، حفاظًا على مصالحه السياسية.
وجاءت التحركات المصرية القطرية، تزامنًا مع الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى منطقة، بهدف إجراء مناقشات مكثفة حول أهمية إنهاء الحرب في غزة، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين إلى عائلاتهم، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، على حد زعمه.
مفاوضات المياه الراكدة
وفي الأثناء، أفاد مصدر أمني مسؤول، الجمعة، بأن وفدًا أمنيًا مصريًا وعسكريًا رفيع المستوى التقى رئيس الموساد ووفد من "الشاباك"، وذلك في إطار الجهود المصرية المكثفة لعودة المفاوضات ووقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار بالمنطقة، وفق ما أوردته قناة "القاهرة الإخبارية".
المصدر أشار إلى أن مصر أكدت للوفد الإسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال قطاع غزة، وفي الوقت ذاته، حذرت من خطورة استمرار إسرائيل في إعاقة إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع غزة.
وبالأمس، قال مصدر مسؤول، للقناة ذاتها، إن فريقًا أمنيًا مصريًا رفيع المستوى يلتقي وفدًا من قيادات حركة حماس بالقاهرة، لاستعراض الأوضاع الجارية بغزة وسبل تذليل العقبات التي تواجه التهدئة بالقطاع.
من جانبه، أكدت حركة حماس، أنها ناقشت في القاهرة مع مسؤولين مصريين اقتراحات لوقف النار، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول بالحركة، أشار إلى جاهزيتها؛ لوقف القتال إذا التزمت إسرائيل بوقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة وعودة النازحين وإبرام صفقة تبادل.
في غضون ذلك، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، باستعداد مصر للترويج لاتفاق لإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس -وفقًا لما ذكره مكتبه- وذلك عقب اللقاءات التي جرت في القاهرة، حيث أصدر "نتنياهو" تعليماته لرئيس "الموساد" دافيد برنياع، بالذهاب للدوحة؛ لبحث سلسلة من الخيارات المدرجة على جدول الأعمال، بدعم من أعضاء المجلس الوزاري المصغر "الكابينت".
وقبل ذلك، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن المفاوضات ستستأنف، الأحد، حيث يرأس رئيس "الموساد" الوفد الإسرائيلي للمحادثات، وفي الوقت ذاته، أشارت إلى أن كلًا من رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية حسن محمود رشاد سيحضرون المفاوضات.
من جهتها، أكدت قطر، الخميس، أنها ستستضيف جولة جديدة من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، إن وفدًا أمريكيًا، وآخر إسرائيليًا سيزوران الدوحة؛ لبحث سبل إيجاد اختراق في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.
وأكد أن قطر تعمل مع مصر بشأن أي مبادرة يمكن أن تطرح بخصوص قطاع غزة، مشيرًا في الوقت ذاته، إلى أن بلاده عقدت اجتماعات في اليومين الأخيرين مع المكتب السياسي لحماس في الدوحة.
وفي إسرائيل، أعلن ذوو الأسرى الإسرائيليين، أنهم سينظمون، الأحد، فعاليات في أرجاء إسرائيل، لتوجيه نداء إلى رئيس الوزراء بمنح فريق التفاوض تفويضًا واسعًا لقمة الدوحة للعودة باتفاق لإعادة جميع المختطفين.
وأضافوا: "إلى جانب المظاهرة الضخمة في تل أبيب، ستكون هناك عشرات المسيرات والوقفات الاحتجاجية الأخرى في جميع أنحاء البلاد".
وعقب استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيي السنوار، نهاية الأسبوع الماضي، أكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على أن "الفرصة سانحة" الآن لما سماه "اليوم التالي"، في قطاع غزة دون سيطرة حركة حماس على السلطة بعد استشهاد "السنوار"، مشددًا على أنها لم تعد قادرة على تنفيذ هجوم آخر مثل هجوم السابع من أكتوبر 2023.
ومنذ أشهر، تجري مصر وقطر بدعم أمريكي مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، لم تسفر عن نتائج تذكر، جراء عدم تجاوب تل أبيب مع مطالب الأولى، التي تتمسك بتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
وفي الثاني من سبتمبر الماضي، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يفعل ما يكفي من أجل التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة حماس، رغم أنها زعمت مرارًا أن الأخيرة هي من تقف كحجرة عثرة في مسار التهدئة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة خلفت ما يزيد عن 143 ألفًا بين شهيد وجريح، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.