أثار قرار "الكنيست" الإسرائيلي حظر نشاط وكالة "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة موجة سخط واسعة، وذلك نظرًا لأن تلك المنظمة التي تمارس عملها منذ نحو 70 عامًا لا يمكن للشعب الفلسطيني الاستغناء عنها، جراء دورها المحوري.
حظر الأونروا
أقر الكنيست الإسرائيلي بشكل نهائي، مساء أمس الاثنين، حظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في إسرائيل.
وتعليقًا على ذلك، قال المفوض العام لوكالة "الأونروا"، فيليب لازاريني، إنه أحدث قرار ضمن الحملة المستمرة لتشويه سمعتنا، ونزع الشرعية عن دورنا في تقديم مساعدات التنمية البشرية، والخدمات للاجئين الفلسطينيين.
ورأى "لازاريني" حظر خدمات الوكالة بمثابة "عقاب جماعي"، لأنه قرار سيؤدي إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة، حيث يعيش الناس أكثر من سنة من الجحيم.
وأكد أن هذا القرار لن يحرم الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، حيث أن هذا الوضع محمي بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم، موضحًا أن قرار الكنيست الإسرائيلي سيحرم أكثر من 650 ألف فتاة وفتى من التعليم، ما يعرض جيلًا كاملًا من الأطفال للخطر.
إدانة فلسطينية
بدورها، أدانت السلطة الفلسطينية قرار "الكنيست الإسرائيلي"، حيث أكدت على أنه لا سيادة لإسرائيل على أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس، وأن عمل الأونروا مرحب به استنادًا إلى الاتفاق بين دولة فلسطين والمنظمة الدولية، وفق ماورد عن وزارة الخارجية الفلسطينية.
وأشارت إلى أن القانون يسعى إلى حظر عمل الوكالة في مدينة القدس المحتلة، ويشكل اعتداءً على الوجود الأممي في فلسطين، ويهدد مصير ما تقدمه الأونروا من خدمات أساسية للاجئي فلسطين، خاصة في ظل حرب الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
من جانبها، اعتبرت حركة حماس، قرار الكنيست الإسرائيلي يرمي إلى تجويع الشعب الفلسطيني وقطع مختلف الخدمات بما فيها الخدمات الصحية عنه.
إدانة عربية
عربيًا، اعتبرت مصر تلك الخطورة الصادرة عن "الكنيست" الإسرائيلي جزءًا من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعكس استخفافًا مرفوضًا بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة.
وجددت مصر رفضها المطلق لكافة الممارسات الإسرائيلية الهادفة لتهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم، وتصفية حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
كذلك استنكرت الحكومة العراقية القرار الإسرائيلي، وما يمثله هذا التصرف من تطور خطير الأثر على الوضع الإنساني، وعرقلة مساعي إيصال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إدانات دولية
أعرب الاتحاد الأوروبي عن بالغ قلقه إزاء القرار، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه سيجعل عمليات الأونروا الحيوية في غزة مستحيلة.
وأكد على أن ذلك يتعارض بشكل واضح مع القانون الدولي، وسيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة وتوقيف الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وفي السياق ذاته، حذرت بريطانيا من أن قوانين الكنيست الإسرائيلي ستحظر جميع الأنشطة الدولية في غزة والضفة الغربية المحتلة.
كما أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها العميق إزاء هذا التشريع المقترح، مؤكدة على الدور الحاسم الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
إدانات أممية
أمميًا، أكدت الأمم المتحدة، على أن الأونروا هي الوسيلة الأساسية لتقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، ولا يوجد بديل لها.
وأوضحت أنه إذا تم تنفيذ القوانين التي أقرها الكنيست فإن الأونروا المفوضة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لن تتمكن من القيام بواجبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
في غضون ذلك، أكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك عواقب مدمرة ستنتج عن قرار الكنيست الإسرائيلي، مشددة على أن هذا الأمر غير مقبول.
وطالبت إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، مؤكدًا على أن القوانين المحلية يجب ألا تؤثر على الالتزامات الدولية.
يُشار إلى أن الأونروا تقدم خدماتها الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، وسوريا ولبنان والأردن.
ووفقًا للمعطيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يونيو الماضي، فإن عدد اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس بلغ 2.5 مليون نسمة، يعيشون ظروفًا اقتصادية وإنسانية صعبة، ويعتمدون بشكل كبير على مساعدات أونروا وخدماتها الصحية والتعليمية، وذلك نقلًا عن سجلات الوكالة لعام 2022.
ووفقًا للقانون الذي أقره "الكنيست" الإسرائيلي"يوقف نشاط الأونروا في القدس الشرقية، وتُنقل صلاحياتها إلى مسؤولية وسيطرة إسرائيل".
كما ينص على إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت للوكالة الأممية العمل في إسرائيل، وبالتالي تتوقف أنشطة الوكالة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.