اكتشف فريق من علماء الآثار من جامعة توبنجن تمثالًا أثريًا فريدًا يعود إلى حوالي 15 ألف عام، في منطقة أوستالب جنوب غرب ألمانيا، ينتمي إلى مجموعة تماثيل "فينوس" التي تعود إلى العصر الحجري القديم، ويعرف هذا النمط الفني باسم "فينوس".
ووفقا لما نلقه موقع labrujulaverde، تميزت هذه التماثيل، التي ظهرت في أوروبا في الفترة المجدلية (ما بين 15,000 و11,500 عام)، بنحتها على مواد مختلفة مثل العظام، القرون، وأنواع من العاج، بما في ذلك أنياب الماموث.
وكانت أبرز تلك التماثيل قد عُثر عليها في منطقة نويفيد بألمانيا في السبعينيات، حيث مثّلت هذا النوع الفريد من النحت الذي يجمع بين التجريد والتجسيد.
وكان التمثال المكتشف حديثا يتبع نفس النمط الفني، حيث يظهر الجسد الأنثوي بشكل مبسط ومختزل للغاية، مع إبراز بعض العناصر المتداخلة التي تعكس تجسيدًا مزدوجًا للجنسين، وهي ميزة اعتبرت في ذلك الوقت رمزية وغامضة.
يبلغ ارتفاع هذا التمثال حوالي ستة سنتيمترات، وقد صنع من حجر كوارتزيت نادر وجوده في الموقع، مما يدل على اختيار واعٍ للمادة المستخدمة.
تمت حفر تفاصيل التمثال ببضع خطوط دقيقة، لتشكل منحوتة فنية تمتاز بالبساطة والتجريد، يُظهر التمثال الجزء العلوي من الجذع فقط، بلا رأس، ويُركز على الجزء الأوسط، حيث تبرز الأرداف والجزء السفلي من الجسم بشكل جانبي، بينما النقش المحيط في الأعلى يُظهر تجسيدًا مشتركًا للجنسين.
يقول عالم الآثار هارالد فلوس، المسؤول عن هذا الاكتشاف، إن أسلوب التجريد في هذا التمثال هو جزء مميز من فن نهاية العصر الجليدي، ويعكس هذا النمط نوعًا من الفن الرمزي الذي يعكس فهمًا متقدمًا وتصورًا خاصًا للجسد.
تختلف هذه التماثيل عن تماثيل "فينوس" ذات الطابع المفعم، التي تميزت بملامح جسمانية ممتلئة وظهرت في عصر الجرافيتي السابق ويعد هذا الأسلوب الرمزي في تماثيل" Gönnersdorf _فينو" من الأنماط التي تميزت بانتشارها في أوروبا، حيث امتد نطاق هذا النوع من الفن عبر جبال البرانس وصولًا إلى أوروبا الشرقية.
وتُعد منطقة أوستالب واحدة من المواقع الغنية بالتاريخ، إلا أن الأبحاث حول العصر الحجري القديم فيها كانت محدودة نسبيًا، ويهدف المشروع إلى توسيع فهمنا للتاريخ القديم لهذه المنطقة، وإعادة تقييم أهمية المواقع الأثرية التي لم تُدرس بعمق.
يفتح هذا الاكتشاف الجديد آفاقًا جديدة لدراسة الحياة الروحية والتقاليد الثقافية لمجتمعات العصر الجليدي، ويسلط الضوء على فهمهم للجنسين والجسد البشري من منظور رمزي متقدم.
ويمثل التمثال المكتشف أيضًا دليلاً على مستوى من التعقيد الفني والتقني الذي كان موجودًا في أواخر العصر الجليدي، ويعكس تطور الفهم الفني لدى هذه المجتمعات، ومن الممكن أن تكون هذه التماثيل رمزًا للخصوبة أو التقدير للجسد الأنثوي، مما يشير إلى تصور ثقافي وروحي متقدم كان له مكانته في حياة تلك المجتمعات.