ابن حزم الأندلسي أحد أبرز علماء ومفكري وأدباء الدولة الإسلامية في الأندلس، عُرف بمذهبه الظاهري، وهو أحد أشهر المذاهب الفقهية، انتقل إليه من المذهب الشافعي، وبلغ به مبلغًا عظيمًا في دولة الإسلام.
ولد العالم الفذ في مدينة قرطبة عام 384هـ، ونشأ رفقة شقيقه الذي يكبره بخمس سنوات في قصر والده الذي يعمل آنذاك وزيرًا في دولة الخليفة الأندلسي المنصور، ومن المعروف أن جدّه خلف بنمعدان أول من دخل الأندلس بصبحة مالكها الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل.
عُرف ابن حزم بروايته للحديث، وكان أكثر علماء الإسلام تأليفًا ورواية بعد الطبري، وله الكثير من المؤلفات التي ترد على أكاذيب الشيعة، وأقوال المُعتزلة، وفكر الخوارج، حتى أنّه أقام مذهب فقهي سمي بالمذهب الظاهري، والذي يقول خلاله بضرورة وجوب ما يدل على الأحكام الشرعية من كتاب الله وسنة نبيه، أو إجماع الصحابة، ورفض بشكل قاطع الأحكام التي تقوم على القياس الفقهي، والاستحسان والأحكام المُرسلة.
من أشهر ما كتب ابن حزم كتابه "طوق الحمامة"، وقال عنه العرب أنه من أجمل وأدق ما كُتب في وصف الحب وأحواله وعلاماته، وجاء في بابه الأول المعنون بـ"الكلام في ماهية الحب": "الحب - أعزك لله - أوله هَزل وآخره جِد، دقَّت معانيه لجلالتها عن أن تُوصف، فلا تُدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وليس بمُنكَر في الديانة، ولا بمحظور في الشريعة؛ إذ القلوب بيد لله عز وجل. وقد أحب من الخلفاء المهديين والأئمة الراشدين كثير، منهم بأندلسنا عبد الرحمن بن معاوية لدَعجاء، والحَكَم بن هشام، وعبد الرحمن بن الحكم وشغفهُ بطروب أمُ عبد الله ابنه أشهرُ من الشمس، ومحمد بن عبد الرحمن وأمره مع غزلان أم بنيه عثمان والقاسم والمطرف مَعلوم، والحكم المستنصر وافتتانُه بصبح أم هشام المؤيَّد بالله - رضي لله عنه وعن جميعهم - وامتناعُه عن التعرُّض للولد من غيرها، ومثل هذا كثير. ولولا أن حقوقهم على المسلمين واجبة - وإنما يجب أن نذكر من أخبارهم ما فيه الحزمُ وإحياء الدين، وإنما هو شيء كانوا ينفردون به في قُصورهم مع عيالهم فلا ينبغي الإخبار به عنهم - لأوردتُ من أخبارهم في هذا الشأن غيرَ قليل".