السبت 18 يناير 2025

بورتريه الهلال

بنت الشاطئ .. عائشة التي على الجسر

  • 1-12-2024 | 12:03

بنت الشاطئ

طباعة
  • بيمن خليل

منارة أضاءت عالم الأدب والبحث العلمي، تميزت منذ نعومة أظافرها بتفوقها الدراسي، وحفظت القرآن الكريم في سن مبكرة، ورغم التحديات التي فرضها مجتمعها آنذاك، أصرت على متابعة تعليمها في المنزل بعد رفض والدها إلحاقها بالتعليم الابتدائي، ولم تقتصر إنجازاتها على كونها باحثة وأكاديمية فحسب، بل كانت رائدة في مجالات عدة، حيث انخرطت في العمل الصحفي وأصبحت من أولى النساء اللاتي عملن في جريدة الأهرام، وكانت دائمًا في طليعة النساء اللواتي سعين إلى إحداث تغيير فكري وثقافي في المجتمع، مؤكدة بذلك دور المرأة في تعزيز الفكر المستنير، كما أثبتت قدرتها الفائقة على الجمع بين العمل الأكاديمي والإبداعي، فقد ألّفت العديد من الكتب التي تناولت قضايا المرأة والتاريخ الإسلامي، ونجحت في أن تكون محاضرة بارعة في عدد من الجامعات العربية، محققة بذلك مكانة مرموقة لها بين كبار المفكرين، إنها المفكرة الدكتورة عائشة عبدالرحمن، المعروفة ببنت الشاطئ.

ولدت  عائشة عبدالرحمن في مدينة دمياط في  6 نوفمبر عام 1913م، لوالد أزهري يعمل بأحد المعاهد الدينية بدمياط. تعد، أول عاملة وباحثة وأكاديمية مصرية تُحاضر في الأزهر الشريف، وفي مقدمة السيدات اللاتي عملن بالصحافة في مصر، وتحديدًا في جريدة الأهرام، علاوة على تقدّمها الصفوف كأول امرأة عربية تحصل على جائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب سنة 1994م.

تلقت الدكتورة عائشة عبدالرحمن تعليمها مبكرًا في كُتّاب القرية، كالمتعارف عليه بين أبناء جيلها آنذاك، وهناك حفظت القرآن الكريم كاملًا، رفض والده إلحاقها بالتعليم الابتدائي في عمر السابعة، ورغم ذلك واصلت تعليمها في المنزل، وكانت تتفوق دائمًا في الامتحانات.

بعد الدراسة المنزلية، حصلت بنت الشاطئ على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929م، وواصلت تعليمها بعد ذلك لتحصل على الشهادة الثانوية وتلتحق بجامعة القاهرة للتخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1939م، وآلفت كتاب بعنوان الريف المصري، خلال فترة الدراسة، وحصلت على الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941م، وواصلت مسيرتها التعليمية حتى نالت رسالة الدكتوراه عام 1950م.

اشتهرت بنت الشاطئ ككاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة، استطاعت بقدراتها وإمكانياتها العلمية أن تتحول من طفلة صغيرة على شاطئ دمياط إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا في عدد من الجامعات العربية منها جامعة قزوين بالمغرب، وجامعة أم درمان، وجامعة الجزائر، وجامعة بيروت، وجامعة الإمارات، بالإضافة لعملها في كلية التربية للبنات في الرياض.

قدّمت الدكتورة عائشة عبدالرحمن عددًا من المؤلفات، لعل أبرزها "بنات النبي، سكينة بنت الحسين، نساء النبي، أم الرسول محمد، أعداء البشر، أرض المعجزات، علاوة على كتابتها لعدد من المقالات باسم مستعار هو "بنت الشاطئ"، تيمنًا بحياتها الأولى على شواطئ دمياط.

رحلت الدكتورة عائشة عبدالرحمن عن عالمنا، في الأول من ديسمبر من عام 1998م، بعد ما أصبحت نموذجًا يُحتذى به في الدأب والاجتهاد لتحصيل العلم وتدريسه.

الاكثر قراءة