الجمعة 27 ديسمبر 2024

ثقافة

بين العلم والخرافة.. صراع جسده يحيى حقي في روايته "قنديل أم هاشم"

  • 9-12-2024 | 12:50

قنديل أم هاشم

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

"قنديل أم هاشم" هي واحده من أشهر روايات يحيى حقي، حيث نشرت لأول مرة عام 1948، وتعتبر من أبرز الأعمال في الأدب المصري والعربي، وتحمل طابعًا اجتماعيًا وإنسانيًا، ومغذي هام وهادف.

جسد يحيى حقي في تلك الرواية الصراع بين العلم والخرافة، والتخبط الذي يشعر به المغترب، إذ يجد مقارنة وحياة أخرى غريبة عنه وعن التقاليد التي نشأ وكبر عليها، والصراع الذي يواجه بطل الرواية "إسماعيل" في محاولات يأسه لإقناع أهل منطقته وعائلته بحقيقه تلك الخرافه "قنديل أم هاشم" الذين يؤمنون بها.

وتدور أحداث الرواية عن إسماعيل الطالب الذي يعيش مع والدته ووالده في أحد الأحياء في السيدة زينب، ثم يسافر لاستكمال دراسة الطب في ألمانيا، ولكن نتيجه لاختلاطه بالمجتمع والحضارة الأوروبية تتفتح مدخلات عقله وينمو لديه الشعور بالإغتراب الثقافي، حول الإختلاف التام بين معتقداته وبينهم.

يلتقي إسماعيل بفتاة ألمانية تعلمه كيف تكون الحياة، ثم يعود بعدها إلى بلده ويعمل طبيبًا للعيون ويفتح عيادة في ذات الحى، السيدة زينب، ولكنه يجد أن معظم الحالات التي تأتي له هي بنفس ذات المرض في العين نتيجه لاستخدامهم قطرات من زيت قنديل المسجد.

كما يكتشف أن خطيبته تعاني من نفس المرض والأعراض فيحاول معالجتها ولكنها تستمر في استخدامه مما يدفعه إلى تحطيم القنديل، ولكنه يهاجم من قبل مرضاه وأهله لاعتقادهم أنه يتحدى معتقداتهم، ولكي يحاول إسماعيل التوازن بين عقليتهم وعلمه وإيمانه، ويحاول معالجه خطيبته وابنه عمه ومرضاه مقنعهم باستخدامه زيت القنديل.

وقال يحيى حقي في هامش "قنديل أم هاشم": مكثت أكثر من أسبوع أبحث عن الكلام الذي ينبغي أن ينطق به إسماعيل في هذا الموقف، وقد أحسست أنه يجب ألا يزيد عن لفظ واحد، إذ ليس من المعقول أن ينطق بجملة طويلة وهو في تلك الحال .

وأردت أن يكون هذا اللفظ معبراً عن الأنين وعن الرغبة في البوح وفي الاستعطاف وفي تأكيد الإنتماء .. وبينما أنا حائر في البحث عن الكلمة المناسبة إذ تذكرت نصاً كنت قرأته عن حياة الفيلسوف الألماني "نيتشة" وبقى منه في ذهني أنه حين أصيب بلوثة الجنون هبط من بيته الذي كان يقع فوق قمة جمل مرتفع وهو يصرخ: "أنا .. أنا .. أنا"، عندئذ أدركت أن هذه هي الكلمة التي كنت أبحث عنها، لأنها تجسد كل المعاني التي طلبتها، خاصة وأن حرف النون فيه نغمة الأنين.

ولعل الذي قادني إلى تذكر هذا النص أن إسماعيل في هذا الموقف كان هو الآخر قريبا من الجنون ، وهكذا يتأكد اعتقادي بأن الذي يضفي على النص الأدبي قدراً من قيمته هو إشاراته الخفية إلى أعمال أدبية أخرى ممتازة، فكأن للأدب كياناً متكاملاً اشترك في تشييده كل من سبقونا ومن يعاصروننا من كبار الكتاب في كل اللغات.

الاكثر قراءة