الثلاثاء 7 يناير 2025

مقالات

معرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الجديدة

  • 5-1-2025 | 10:39
طباعة

فى الفترة من 23 يناير إلى 5 فبراير 2025 تقام الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب والذى قد يُعد الأقدم لمعارض الكتب على مستوى العالم كله. شرقه وغربه وشماله وجنوبه.

ما إن يقام معرض القاهرة الدولى للكتاب حتى أتذكر المرحومة الدكتورة سهير القلماوى. التى تحمست لى ونشرت نتاجاتى الأولى فى هيئة الكتاب عندما كانت رئيسة لها. فضلاً عن أنها أول رئيسة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب. بل يمكن القول إنها تولت تأسيسه عندما كان الدكتور ثروت عكاشة وزيراً للثقافة المصرية.

هذه هى المرة الأولى -وأحلم أن تكون الأخيرة- التى أجد نفسى مرغماً على أن أكون بعيداً عن معرض القاهرة الدولى للكتاب. ورغم مشاركتى فى إعداد البرنامج الثقافى للمعرض وهذا يحدث منذ سنوات، والحضور والمتابعة كأنه اختبار عملى لما فكرنا فيه فى جلسات الإعداد للمعرض. وقد تجسد فى الواقع.

فى السنة الأولى التى أقيم فيها المعرض. فى أرض المعارض القديمة فى الجزيرة فى نفس المكان الذى توجد فيه الأوبرا والمجلس الأعلى للثقافة ومسرح الهناجر ومركز الإبداع والمركز القومى للترجمة وصندوق التنمية الثقافية الآن. كانت إقامة المعرض فكرة من المثقفين المصريين والأشقاء العرب ليعبروا عن تضامنهم مع مصر الشقيقة الكبرى بعد تعرضها لعدوان 1967.

سهير القلماوى

فى السنة الأولى وكانت السنة الأخيرة من ستينيات القرن الماضى، أقيم المعرض لأول مرة. كانت رئيسة الهيئة المصرية العامة للكتاب المرحومة الدكتورة سهير القلماوى. وكانت الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض ندوة عن أدب الأطفال ودوره فى النهوض بأطفالنا. ثم معرض لآلات الطباعة التى كانت رائجة وسائدة فى ذلك الوقت.

سنة 2025 سيكمل المعرض أكثر من نصف قرن من عمره. استمر وما أكثر المتغيرات. تغيَّر المسئولون وتبدلت الأوضاع ومع ذلك يبدو معرض القاهرة الدولى للكتاب ثابتا فى مواجهة كل ما جرى لبلادنا. فضلاً عن أنه أقدم معرض كتاب على مستوى العالم. لم يكن يسبقه فيما مضى سوى معرض فرانكفورت الدولى للكتاب.

ومن حقنا أن نزهو على معرض فرانكفورت ونقول إن معرض فرانكفورت لعرض الكتب. لكن معرض القاهرة فيه أجنحة لعرض الكتب. وأجنحة لبيعها. بل واستحدث المرحوم الدكتور سمير سرحان عندما كان رئيساً للهيئة نشاطاً جديداً. حيث نقل سور الأزبكية لأن تكون له مساحة واسعة فى المعرض تشهد إقبالاً يتفوق كثيراً على أجنحة الكتب الجديدة.

جمال الغيطانى

قبل سنوات وعند الإعداد للمعرض اقترحت وشاركنى الاقتراح الدكتور محمد أبو الفضل بدران أن يكون صديق العمر جمال الغيطانى شخصية العام فى المعرض. وكان جمال ما يزال على قيد الحياة وقتها. ولم يكن قد رحل عن دنيانا هذا الرحيل المفجع والمفاجئ. جاء بعد مرض عاناه فى سنوات عمره الأخيرة.

جرى الإعداد للمعرض فى فترة سابقة على عضويتى فى مجلس النواب فى ذلك الوقت. ولم أكن أتصور أبداً أنها ستشغل الإنسان حتى عن نفسه وحياته. لذلك أجد نفسى أمام واجبات ومشاركات فى المعرض كنت أتمنى القيام بها. ولا أعرف هل سأتمكن من هذا أم لا؟ ثمة مشاركات فى ندوات عن جمال الغيطانى. وكم هو مؤلم أن أكتب عنه بصيغة الغياب. وندوات عن نجيب محفوظ الذى يكمل 18 سنة على رحيله هذا العام.

فاليريا كيربتشينكو

من الأنشطة ندوة عن الدكتورة فاليريا كيربتشينكو، صاحبة الفضل علينا جميعاً، وأول من ترجم أدبنا إلى الروسية. فضلاً عن أنها والدة السفير الروسى فى القاهرة سابقاً الصديق سيرجى كيربتشينكو. بل وندوة فى المقهى الثقافى الذى يديره الشاعر والمثقف شعبان يوسف عن روايتى: قسمة الغرماء. كما أبلغتنى الشاعرة عزة رياض، التى اشتركت فى مناقشتها.

أهمية المعرض أن معظم الناشرين يصدرون كتباً نراها لأول مرة فى أجنحة المعرض. يحتشدون طوال العام لأن يكون المعرض لحظة الحقيقة بالنسبة لهم. وعيدنا السنوى لكى نلتقى بالجديد. نأخذه إلى منازلنا، نودعه مكتباتنا لكى يصبح الزاد والزواد على مدار عام كامل. نتابع ونقرأ ونتأمل فى انتظار المعرض القادم.

مبادرة وزارة التموين

من طرائف ماضى المعرض أن وزارة التموين والتجارة أعلنت أنها بالتعاون مع وزارة الثقافة ومؤسسة بتانة. وكما كتبت أخبار الأدب فبتانة مشروع ثقافى يشمل دار نشر ومنفذاً لبيع الكتب عبر الإنترنت وموقعا لتوزيع الكتب مجاناً بعد الإجابة على أسئلة ثقافية. قالت المؤسسة إن القارئ يدفع 5 بالمائة من سعر الكتاب.

وحملت لنا الصحف أن وزارة التموين أعلنت أن المبادرة تتضمن خصم 90 بالمائة من قيمة أى كتاب خلال فترة المعرض لحاملى بطاقة التموين. وذلك عند الشراء من الجناح المقام تحت مسمى: مبادرة كتاب ورغيف. بالإضافة إلى منح عدد 1000 أسرة تحقق أعلى فارق نقاط سلع كل شهر كتاباً مجاناً. ويستمر ذلك لمدة عام.

قالت الوزارة وقتها إن هذه المبادرة تأتى تحقيقاً لمبدأ الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى. وبناء صورة ذهنية مشتركة بين الرغيف والكتاب بوصفيهما مكونين أساسيين لأى تنمية مرتقبة. كذلك مكافأة المواطنين وتحفيزهم على تحقيق معدلات استهلاك حقيقية من الرغيف المدعوم ونشر الثقافة ورفع معدلات الإفادة من المنتج الثقافى المصرى.

كتاب فى كل مكان

من حيث المبدأ كل محاولة لأن يوجد الكتاب فى أى مكان حتى ولو فى دكان بقال التموين أمرٌ حميدٌ ويجب أن نشجع عليه حتى ننهى غربة الكتاب فى حياتنا اليومية التى طالت أكثر مما ينبغى. لكن السؤال: أى كتاب يمكن أن يقدم لمن يتعامل مع بطاقة التموين؟ كيف يتم اختياره؟ وما هى الموضوعات التى يتحدث عنها؟ وهل سيكون كتاباً يساعد المواطن الأمى على محو أميته؟ أم أنه ينتمى لفروع القراءة الرشيدة التى كانت تعلم الأطفال فى أزمنة جميلة مضت، غسل اليدين قبل الأكل وبعده؟.

يقول لنا الفلاسفة إن الطريق إلى جهنم قد يكون مفروشاً بالنوايا الحسنة. ولذلك كنت أتمنى أن ندرس ما نقدم عليه بعناية قبل أن نعلنه للناس.

أهمية الحرص على إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب مفهومة. ولكن لا مانع من إعادة التأكيد عليها. فلو أقيم المعرض فى هذا التاريخ قد يكون أول مناسبة ثقافية فى الزمن المصرى الجديد. وأمام الإرهاق والتوتر والمتابعة اليومية لما يجرى فى مصر. قد يكون مطلوباً أن نطل على العقل المصرى فى النقلة التى تعرض لها. أيضاً فإن هذا المعرض سيذكر المصريين بقوة مصر الناعمة ودورها العربى والإسلامى والعالمى -بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤسس مصر الحديثة.

وفى حالة إقامته سيقبل المجتمع المصرى عليه بشكل رائع. وربما يصبح عيداً للثقافة المصرية والعربية فى زمن جديد وعصر جديد يتولى الوزارة فيه المثقف المصرى الكبير الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة الذى يحاول استعادة أمجاد الثقافة المصرية ودفعها للأمام بقوة وثبات بما يليق باسم مصر.

لا يجب أن ننسى أن 40 بالمائة من حركة النشر تتم من أجل هذا المعرض. وأيضاً أكثر من 50 بالمائة من حركة البيع على مستوى السنة كلها تجرى خلال أيام المعرض.

المشروع الثقافى الأقدم

أيضاً يجب الحفاظ على المعرض باعتباره أقدم مشروع ثقافى مصرى وعربى وربما عالمى. فقد أقيم لأول مرة سنة 1968 واستمر يعرض ولم يتوقف حتى عندما قامت حرب السادس من أكتوبر سنة 1973. وعندما تعرضت مصر لمظاهرات 17 و18 يناير وتمرد الأمن المركزى فبراير 1986 وزلزال 12 أكتوبر 1992. كل هذه الأمور الصعبة والعصيبة لم تجعل مصر تفكر لحظة واحدة فى تأجيل أو إلغاء المعرض.

وحتى تتم الموافقة النهائية على هذه التصورات والاقتراحات والرؤى. فقد جرى طلب من الناشرين المصريين بأخذ كتبهم من أماكنها بقاعة المؤتمرات. للمشاركة فى معارض دولية كثيرة لا يحبون التخلف عنها. أما بالنسبة للناشرين الأشقاء العرب فيمكنهم التصرف فى أماكن لنقل الكتب إليها لحين إقامة المعرض فى الموعد الجديد. أيضاً فقد علمت أنه لن تطلب منهم أية رسوم جديدة أو أعباء مالية مستحدثة. وقد تتم المشاركة وفق الوضع المالى الذى كان قائماً من قبل.

تبقى مهمة صعبة على هيئة الكتاب ألا وهى الاستعداد ببرنامج ثقافى يصاحب المعرض وهى تقوم بإعداده هنا والآن. وأشهد أن البرنامج الذى تم إعداده للمعرض فى عامنا هذا لكى يقدم للمثقفين المصريين والعرب ومثقفى العالم كله سيكون برنامجاً ثقافياً يواكب المعرض وتتم إقامته فيه، والدكتور أحمد بهى الدين رئيس هيئة الكتاب ورئيس المعرض مشغول مع أعضاء لجنته العليا وهم من أكفأ المثقفين المصريين الآن فى الإعداد لمعرض العام القادم ببرنامج ثقافى يقدم دور مصر التاريخى والمعاصر فى خدمة الثقافة العربية المعاصرة للعالم كله.

وهذا يلقى مهمة صعبة على هيئة الكتاب فى التوصل لبرنامج ثقافى يتناسب مع الوضع الجديد ويحاول أن يقوم بالمهمة التى لعبتها إيزيس فى التاريخ المصرى القديم. عندما جمعت أشلاء أوزوريس من كل مكان فى بر مصر. وصنعت من هذه الأشلاء فجراً جديداً لمصر ولثقافتها وللأدباء العرب والمصريين والأجانب.

ومنذ بدايات المعرض حتى الآن تحرص مؤسسة دار الهلال باعتبارها المؤسسة الصحفية الوحيدة التى تعتمد على الثقافة ونتاجاتها علي وجودها في المعرض. ولذلك يأتى زوار المعرض من المصريين والعرب والأجانب ويسألون عن جناح دار الهلال وما تُصدره من كُتُب سواء فى سلسلة روايات الهلال أو كتاب الهلال أو الناشر الخاص الذى نشر موسوعة المرحوم الدكتور جمال حمدان: شخصية مصر دراسة فى عبقرية المكان، وغيرها من المؤلفات الجادة والرصينة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة