الإثنين 3 فبراير 2025

ثقافة

«فوكوزاوا يوكيتشي».. مؤسس أول جامعة في اليابان

  • 3-2-2025 | 08:23

فوكوزاوا يوكيتشي

طباعة
  • همت مصطفى

عاش في الفترة الانتقالية بين نهاية عصر « إيدو»، آخر الفترات من تاريخ اليابان القديم، وبداية عصر «مييجي»،  الفترة الأولى من تاريخ اليابان المعاصر (1868-1912)، فكان من أوائل المناصرين للإصلاح في اليابان، وتركت أفكاره حول تنظيم الحكومة، وهيكل المؤسسات الاجتماعية أثرًا قويًا  في اليابان، والتي تغيرت بسرعة خلال فترة «مييجي»، وكان من أبرز الشخصيات التي أثرت في مسار التحديث والتطور في اليابان، إنه الكاتب والأستاذ والمترجم والسياسي، رائد التنوير  الياباني  فوكوزاوا يوكيتشي. 

 وكتب «يوكيتشي»  العديد من المؤلفات التي ألهمت المواطنين وحققت أعلى المبيعات، مثل  «أوضاع الغرب» و«التشجيع على العلم»، ودعا فيها إلى تبني العلم والفكر الغربي لتحديث المجتمع الياباني،  لم يقتصر نشاطه على الكتابة فقط، بل كان مربيا ورجل أعمال، حيث أسس  جامعة «كيئو»، وهي أول جامعة في اليابان التي أصبحت واحدة من أرقى الجامعات في اليابان، وأسس أيضا «صحيفة جيجي شينبو» من خلال أعماله ونشاطاته المتعددة،  فقد لعب«يوكيتشي»  دورًا محوريًا في تشكيل اليابان الحديثة، وطُبعت صورته على الورقة النقدية ذات القيمة 10000 ين ياباني.

 الميلاد والنشأة
ولد فوكوزاوا يوكيتشي في 10 يناير 1835 م لعائلة منخفضة الترتيب في طبقة الساموراي، اليابانية من عشيرة «أوكودايرا» في  مدينة ناكاتسو،  في محافظة أويتا عام 1835م، و كانت عائلته فقيرة بعد وفاة والده وفي عمر 14 عاما دخل يوكيتشي مدرسة هولندية.

في عام 1853 طلب أخو «يوكيتشي» الأكبر منه السفر إلى مدينة ناجازاكي  حيث كانت مستعمرة هولندية قد أنشأت، و نصحه بتعلم اللغة الهولندية لعله يتعلم كيفية تصنيع الأسلحة والمدافع الأوروبية.

  في ناجازاكي  لمع نجم «يوكيتشي» على نجم أستاذه أوكوداير إكي،  ولهذا خطط أوكودايرا للتخلص من «يوكيتشي» في ناجازاكي،  فأوصل له رسالة ملفقة على أن أمه مريضة وأن عليه العودة إلى بلدته، إلا أن «يوكيتشي»اكتشف كذب القصة وخطط للرحيل إلى «إيدو» وهي  الاسم القديم  لـ عاصمة اليابان حاليًا «طوكيو» لإكمال دراسته التي لا يستطيع إكمالها في بلدته، إلا أن والدته طلبت منه البقاء وأن يدرس في مدرسة «تيكيجوكو».

درس «يوكيتشي» في«تيكيجوكو»  لمدة ثلاث سنوات وأصبح متمكنا من اللغة الهولندية، وعين المدرس الرسمي لنطاق عائلته، ثم أرسل إلى  مدينة طوكيو لتدريس إقطاعيي الأسرة هناك.

وفي العام التالي لوصول «يوكيتشي»  إلى طوكيو فتحت اليابان ثلاث موانئ للسفن الأمريكية والأوروبية فذهب «يوكيتشي» إلى  محافظة «كاناغاوا» لمقابلة الأجانب،  إلا أنه صدم عندما اكتشف أن التجار الأوروبيون يتكلمون الإنجليزية وليس الهولندية، إلا أنه في ذلك الوقت كان مترجموا اللغة الإنجليزية اليابانية قلائل والمعاجم غير متوافرة لذا كانت دراسته تتقدم ببطء.

بعثة إلى الولايات  المتحدة
عندما قرر  الحاكم العسكري لليابان «الشوغون»، إرسال مبعوث إلى الولايات المتحدة تتطوع «يوكيتشي» في خدمة المبعوث، و وصلت البعثة إلى سان فرانسيسكو عام 1860م وبقيت هناك لمدة شهر تمكن أثنائها «يوكيتشي» من أخذ صورة مع فتاة أمريكية، وكانت الصورة من أشهر الصور في التاريخ الياباني، وكذلك حصل على معجم وبستر بدأ به دراسة اللغة الإنجليزية بشكل جدي.

مترجمًا رسميًا للنظام السياسي
عند عودة  «يوكيتشي» في عام 1860، أصبح مترجمًا رسميًا لــ «شوغونية توكوغاوا»، وهو  النظام السياسي الإقطاعي في اليابان حينذاك، بعد ذلك بفترة وجيزة، أصدر «يوكيتشي» أول كتاب  له، والذي كان  يمثل قاموس إنجليزي-ياباني أطلق عليه «كاي تسوجو» (Kaei Tsūgo) و كان بداية لسلسلة كتبه و مؤلفاته اللاحقة.

زار «يوكيتشي» في عام 1862 أوروبا باعتباره واحدًا من مترجمَيْن للغة الإنجليزية في أول سفارة يابانية في أوروبا، خلال فترة مكوثه هناك، أجرت السفارة مفاوضات مع فرنسا وإنجلترا وهولندا وبروسيا وروسي، وحاولت السفارة دون جدوى التفاوض مع روسيا بشأن الطرف الجنوبي من جزيرة سخالين بمحافظة «كارافوتو اليابانية» التي تعد خلافًا قديمًا بين البلدين.

دفعت المعلومات والخبرات التي حصل عليها «يوكيتشي» خلال رحلاته إلى تأليف إبداعه الشهير «الشؤون الغربية» ( 西洋事情)، والذي نشره في عشرة مجلدات في 1867 و 1868 م و 1870م.

 الخبير الأول في الحضارة الغربية

وفي مؤلفه «الشؤون الغربية» وصف «يوكيتشي» الثقافة والمؤسسات الغربية بمصطلحات بسيطة وسهلة الفهم، ما أدى إلى أن تصبح أكثر الكتب مبيعًا على الفور، وسرعان ما نُظر إلى «يوكيتشي» على أنه الخبير الأول في الحضارة الغربية، ما دفعه إلى استنتاج أن مهمته في الحياة كانت تثقيف مواطنيه بطرق جديدة في التفكير من أجل تمكين اليابان من مقاومة الإمبريالية الأوروبية.

في عام 186، قام  «يوكيتشي» بتغيير اسم المدرسة التي أنشأها لتعليم اللغة الهولندية إلى كيو جيكو (Keio Gijuku)، ومنذ ذلك الحين كرس كل وقته للتعليم، وأضاف الخطابة العامة إلى مناهج النظام التعليمي، ورغم أن هذه المدرسة أسست لتكون متخصصة بالدراسات الغربية، إلا أنها توسعت وأنشأت أول كلية جامعية لها في عام 1890 تحت اسم جامعة كيو جيكو» Keio-Gijuku، وأصبحت رائدة في التعليم العالي الياباني.

بعد عودة «يوكيتشي»عام 1860 أصبح هو  المترجم الرسمي لحكومة «توكوغاوا»، وفي فترة قصيرة أخرج أول كتبه للطبع وكان قاموس ياباني إنجليزي بعنوان «كايه تسوغو» مترجم من قاموس صيني إنجليزي والذي كان الفاتحة لكتب متعددة بعدها.

 يوكيتشي مدافعًا قويًا عن حقوق المرأة

كان فوكوزاوا يوكيتشي أيضًا مدافعًا قويًا عن حقوق المرأة، وغالبًا ما تحدث لصالح المساواة بين الأزواج والزوجات، وتعليم الأبناء والبنات على حد سواء، وكذلك حب البنات والأبناء على حد سواء، وفي الوقت نفسه، لفت الانتباه إلى الممارسات الضارة مثل عدم قدرة المرأة على التملك باسمها، والضيق الأسري الذي يحدث عندما يتخذ الرجال المتزوجون عشيقات خارج إطار الزواج.

من مؤلفات يوكيتشي
كانت معظم مؤلفات«يوكيتشي» في فترة «ميجي»،  وهي الفترة الأولى من تاريخ اليابان المعاصر (1868-1912) ، و نشر سبعة عشر جزءًا من كتاب «التشجيع على الدراسة»، حيث وضح في هذه الكتب ضرورة إتاحة فرص التعلم للجميع بشكل متساوي.

ورحل رائد التنوير  الياباني، ومؤسس أول  جامعة في اليابان  في مثل هذا اليوم 3 فبراير 1901م عن عمر يناهز الــ 66 عامًا  تاركًا أثره في  الثقافة اليابانية كبيرًا، و يُحتفى به دومًا في الأوساط الثقافية اليابانية.

 

الاكثر قراءة