يصادف اليوم ذكرى ميلاد الفنانة سهير البابلي، أيقونة المسرح العربي، التي أسعدت الجمهور بابتساماتها من بداية كل عرض حتى نهايته
. كانت تتمتع بكاريزما ساحرة، خفة ظل، وحضور قوي، بالإضافة إلى سرعة بديهة لا مثيل لها، مما جعلها تترك بصمة مميزة في قلوب محبيها.
بدأت سهير البابلي مسيرتها الفنية كطالبة في المعهد الموسيقي العالي للمعلمات، قبل أن تنتقل إلى معهد التمثيل حيث أمضت عامين.
ثم تزوجت، وعادت لاسترداد أوراقها من المعهد، وفي تلك اللحظة لفتت نظر الفنان عبد الرحيم الزرقاني الذي نصحها بالالتحاق بفرقة المسرح الحديث.
تعلمت على يد كبار الفنانين مثل حمدي غيث، نبيل الألفي، وعبد الرحيم الزرقاني. وفي عام 1957، بدأت مشوارها المسرحي بدور صغير في مسرحية "الصفقة" لتوفيق الحكيم، ثم توالت أعمالها التي شملت مسرحيات مثل "ميرامار" و"نرجس"، قبل أن تتعاون مع كبار المسرحيين مثل كرم مطاوع وجلال الشرقاوي في أعمال بارزة مثل "مدرسة المشاغبين" و"ريا وسكينة" التي شاركت فيها إلى جانب شادية.
تصف سهير البابلي شعورها عند الوقوف على المسرح بأنها تشعر وكأنها تطير، حيث تملك القدرة على السيطرة على الجمهور بكل حركة وإيماءة. تذكر أيضًا أنها استطاعت أن تضحك زملاءها مثل سعيد صالح وعادل إمام أثناء تقديم مسرحية "مدرسة المشاغبين"، حيث كانت تستخدم تعبيرات وجهها وعينيها لإضحاكهم.
كانت سهير البابلي تؤمن بأن الفنانين يجب أن يكونوا مستعدين للخروج عن النص لأن النصوص المسرحية غالبًا ما تكون غير مكتملة، وكان يُفترض على الفنانين إضافة لمساتهم الخاصة في الأداء. كما كانت تُشيد بالفنان علي الكسار باعتباره "ملك الارتجال" لقدرته على التفاعل مع الجمهور دون تحضير مسبق.
لم تقتصر تأثيراتها على المسرح فقط، فقد شهدت لها العديد من الشخصيات البارزة بحضورها في أعمالها، مثل الفنانة فاتن حمامة التي حضرت إحدى عروضها، وكذلك السيدة جيهان السادات التي كانت حاضرة في عروضها المسرحية. كما شهدت حياتها عدة مواقف، مثل رفضها استقبال ورد من سياح يهود إسرائيليين، وهو ما أثار غضبها بشدة.
توفيت سهير البابلي عن المسرح بعد مسرحية "عطية الإرهابية" في عام 1993، واتخذت قرارًا بالاعتزال والتزام الحجاب، حيث قضت وقتًا بين مصر والسعودية، حيث أسست محلًا لبيع ملابس المحجبات وتقديم خدمات الحج والعمرة.
في جانبها الشخصي، كانت سهير البابلي قد اعتبرت نيفين، ابنتها الوحيدة، أقرب الناس إليها، وكانت قد تزوجت عدة مرات، حيث كان زوجها الأول محمود الناقوري، ثم تزوجت منير مراد، ثم أشرف السرجاني، محمود غنيم، وأخيرًا أحمد خليل.
لقد كانت سهير البابلي امرأة مبدعة وصاحبة رؤية خاصة في حياتها وفنها، وستظل ذكراها حية في قلوب محبي المسرح العربي.