يبدو أن الطريقة التي يحاول بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيجاد حل للوضع في أوكرانيا لم تلق استحسانا من الدول الأوروبية، لاسيما بعد إجراء الرئيس ترامب اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يعد تهميشا للجانب الاوكراني الذي يرى هو وحلفاؤه الأوروبيون أنه لا يجب مناقشة أي اتفاق دون مشاركته.
ذكرت ذلك صحيفة "لوموند" الفرنسية في افتتاحيتها اليوم السبت، أنه في حين يسعى دونالد ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام، مثل تلك التي مُنحت لسلفه باراك أوباما، فإن الطريقة التي حاول بها للتو إنهاء الحرب في أوكرانيا من غير المرجح أن تساهم في ذلك، حيث قام وزير الدفاع الامريكي بيت هيجسيث بادئ ذي بدء بنسف مطلبين كان من شأنهما الدفع بهذه المفاوضات الى الامام الا وهما استبعاد انضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، كما دعا الوزير الامريكي أوكرانيا الى التخلي عن آمال العودة إلى حدودها قبل عام 2014 والاستعداد لتسوية تفاوضية مع روسيا تدعمها قوات دولية .
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن ترامب،منذ عودته إلى البيت الأبيض، لم يأبه بمبادئ القانون الدولي، حيث وضع نصب عينيه جرينلاند وكندا وبنما كما دعا الى اخلاء قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين.
بيد أن الأمر الأكثر خطورة هو الطريقة التي يتعامل بها مع عملية السلام في أوكرانيا من خلال عدم اشراك اوكرانيا نفسها في المفاوضات، بل وأيضاً الدول التي تدعمها والتي سوف تعانى من عواقب استمرار الصراع. واعتبرت "لوموند" أن حلفاء اوكرانيا الأوروبيين سوف يضطرون على ما يبدو إلى تحمل مسؤولية إعادة إعمار أوكرانيا وتنفيذ الاتفاق الذي ليسوا طرفاً فيه.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن مجرد إبلاغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتقدم المحرز في المفاوضات لا يمكن أن يكون كافيا، بل يجب على كييف وحلفائها أن يستمروا في المطالبة بعدم التفاوض بشأن أي اتفاق دون مشاركة حقيقية من الأوكرانيين .
وذكرت الصحيفة الفرنسية إن الازدراء الذي أظهره الرئيس الأمريكي تجاه الاوروبيين في الأيام الأخيرة، وكذلك نائبه جيه دي فانس، ووزير دفاعه بيت هيجسيث، هو تصرف متوقع منذ ولاية ترامب الأولى.
وحتى خليفته الديمقراطي جو بايدن لم يتخذ خلال فترة ولايته موقفًا بعيدا عن موقف ترامب حيث أنه لم يبد اي تأييد لانضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي. وبالرغم من ذلك، استمر معظم الأوروبيين في تأجيل اتخاذ القرارات الصعبة التي تطالبهم بها مسؤولية الدفاع عن أنفسهم. واليوم يدفعون ثمن هذا الافتقار إلى الوضوح والشجاعة السياسية.
ولكن الان بدأت بعض الدول، بما في ذلك فرنسا، في جمع صفوفها ومناقشة الضمانات الأمنية التي يتعين عليها تقديمها لأوكرانيا، حيث ان الامر اصبح الان يتعلق بمواجهة التحدي وتكثيف الجهود المشتركة حتى تتمكن الدول الاوروبية من ممارسة الضغط للمشاركة في هذه المحادثات.
ودعت "لوموند" في ختام افتتاحيتها إلى ضرورة تكاتف دول أوروبا لمساندة أوكرانيا التي تعتبر، قبل كل شيء، شأن أوروبي، مؤكدة ان السلام غير المتوازن لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب.