الإثنين 24 فبراير 2025

بورتريه الهلال

حافظ إبراهيم.. شاعر النيل والشعب

  • 24-2-2025 | 13:07

حافظ إبراهيم

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

على شاطئ النيل، طفا على مياهه شاعر لن تنساه أمواجه العاتية التي رسى على ضفافها، كانت كلماته تنساب كالماء بعذوبة وانسيابية، ليحفر اسمه ويرسو في ذهن وقلوب متذوقي مؤلفاته، إنه حافظ إبراهيم، شاعر النيل والشعب الذي ملأت كلماته الآفاق، ونطقت حروفه بلسان الأمة، وصوتها حين خفتت الأصوات، وحبرها حين توقفت المداد، ليصبح يد العون لكل وطني محب لأمته، بتمتعه بروح فكاهية زالت العديد من الشوائب في نفوس العديد، حيث شاء القدر أن يولد على ضفتي الشاطئ ليحتضنه وترسو في دمائه حب الوطن، ليصبح مرآة لهذا النهر، وتعكس كلماته الثوران والهدوء والحكمة كما تتقلب الأمواج، ليرتفع صوته وينادي بالاستقلال، ويملأ الكون بغزارة شعره، ويروى ظمأ القلوب المتألمة والمتعطشة للحرية وللأمل.

حافظ إبراهيم

وُلد حافظ إبراهيم في 24 فبراير 1872، لأب مصري وأم تركية الأصل، في محافظة أسيوط  بسفينة "ذهبية" كانت ترسو على شاطئ النيل، توفى والده وهو في سن صغير، فسافرت والدته به إلى القاهرة ثم توفيت.

تولى خاله رعايته، فكان يعمل مهندسًا في مصلحة التنظيم، ولكنه كان متعسر الحال، فانتقلوا لطنطا، وهناك تعلم "إبراهيم" وحفظ القرآن الكريم، من خلال استماعه لقارئيه، فأخذ يتلو بعض السور مثل الكهف، ومريم، وطه، فكان يؤديه مثل القارئ.

درس "إبراهيم" في الكتاب، وبدأ حبه للشعر ينمو بداخله، ولكن كان يشعر بداخله إنه يثقل على خاله، نظرًا لضيق الحال التي كانوا يعيشون فيه، فقرر أن ينتقل للقاهرة حتى يزيل الثقل على خاله.

التحق "إبراهيم" بمدرسة الحربية وتخرج منها عام 1891م، ثم بدأ حياته العمليه، بدأ بالمحاماه، وعين بعد ذلك في وزارة الحربية، واستمر فيها لثلاثة أعوام، ثم عمل في وزارة الداخلية عامًا وأكثر قليلا، ثم عاد ليعمل في الحربية، وفي عام 1911م.

ازداد حبه للشعر ورغبته في التعلم  تنمو بداخله، وكان لوظيفته من خلال تعينه في القسم الأدبي بدار الكتب المصرية، أثر كبير على تطور على كتاباته الشعرية، لم تكن وظيفته فقط التي ساعدت في تطور شعره، فكان يحضر مجالس الشعر والأدب، والتقى مع كبار الكتاب والأدباء والمثقفين وقتها، فاكتسب معرفة وتطور كبير من خلال معرفته لأساسيات الشعر.

كان يستمع بحرص عند تردده لمجالس الشعراء في منزل إسماعيل صبري "شيخ الشعراء"، ليتعلم منهم، فكان يجتمع هو ومجموعة من الشعراء مثل: أحمد شوقي،  وخليل مطران، وأحمد نسيم، كذلك محمد عبد المطلب، وعبد الحليم المصري، وغيرهم من الشعراء الشباب وقتها، ليستشيرون "صبري" في أشعارهم، كما ساعده كل من محمود سامي البارودي، والإمام محمد، والسيد توفيق البكري.

تمتع "إبراهيم" بأسلوب فريد في كتابته للشعر، فكان لاختلاطه بكبار الشعراء وموهبته الشعرية أثر كبير على ابتكاره لطريقة خاصة في كتابته فاستبدل الخيال بأسلوبه المنمق، وإحساسه الكبير، واتسم  بحسن صياغتة للكلمات،  واتفق الجميع على أنه كان من أحسن منشدي الشعر في عصره.

كان "حافظ إبراهيم" أحد رموز مدرسة الإحياء في الشعر العربي، دافع بقوة عن اللغة العربية في حربه ضد المستعمر، وتميز شعره "بالروح الوطنية الوثابة"، لكن ما لم يعرفه البعض إنه كان مرح وخفيف الظل، ويتمتع بذكاء شديد.

كتب "إبراهيم" العديد من الأشعار والمؤلفات في مختلف مجالات سياسية، واجتماعية وغيرها، ومنها: قصيدة دنشواي، قصيدة مِصر، وقام حافظ إبراهيم بتعريب وترجمة أشهر الروايات العالمية، ومنها:  رواية البؤساء لفيكتور هيجو عام 1903م.

كما ترجم وعرب كتاب "الموجز في علم الاقتصاد" الذي كتبه بمشاركة خليل مطران، والذي تكون من جزئين وذلك في عام 1913م، وكتاب "التربية والأخلاق" مكون من جزئين،  كتاب عُمر، والمسمى بـ "عمرية حافظ" عام 1918م، سؤال وجواب، المؤلفات الكاملة،  و قدم كتاب "ليالي سطيح في النقد الاجتماعي".

وفاة حافظ إبراهيم

دعا "حافظ إبراهيم" أصدقائه لتناول العشاء معًا، ولكن شعر بوعكة صحية فأعتذر ولم يقدر على مشاركتهما، شعلا باشتداد المرض عليه حتى رحل "شاعر النيل" يوم 21 يونيو 1932م، ودُفن في مقابر السيدة نفيسة، ورثاه "أحمد شوقي" قائلًا:

كنت أوثر أن تقول رثائي   يا منصف الموتى من الأحياء

أخبار الساعة

الاكثر قراءة