تغير جذري طرأ على علاقات الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب مع روسيا، ما أثر بدوره على الصراع الذي تخوضه الأخيرة في أوكرانيا، ففي تحول دراماتيكي، باتت سياسة "واشنطن" تحابي "موسكو" على حساب "كييف" التي سبق أن دعمتها بعشرات مليارات الدولارات.
قرار أمريكي مدعوم من روسيا
أقر مجلس الأمن الدولي، ليل اليوم الثلاثاء، بدعم روسي مشروع قرار أمريكي يطالب بإنهاء سريع للصراع الروسي الأوكراني المستمر منذ ثلاثة أعوام، حيث حظي القرار بتأييد 10 أصوات، في حين امتنعت خمس دول عن التصويت، وهي: بريطانيا، وفرنسا، واليونان، والدنمارك، وسلوفينيا.
في غضون ذلك، يقول مراقبون إن الموقف الأوروبي الذي امتنع عن التصويت على المشروع الأمريكي لم يكن على المستوى المطلوب، حيث كان من الممكن أن يتم استخدام حق "النقض" (الفيتو) لعرقلة القرار.
القرار المعتمد أعرب عن أسفه للخسائر في الأرواح خلال الحرب التي استمرت ثلاثة أعوام، مؤكدًا على المهمة الأساسية للأمم المتحدة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
وفي الوقت نفسه، شدد على الحاجة إلى حل سلمي للصراع بما يتماشى مع المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
ولم يعترف القرار صراحة بأن روسيا تغزو أوكرانيا عام 2022، وهو ما أثار خلافًا بين بعض الدول الأعضاء، حيث اقترحت بريطانيا وأعضاء الاتحاد الأوروبي قبل التصويت وضع تعديلات لتوضيح طبيعة الصراع، بما يشمل استبدال عبارة "صراع روسيا وأوكرانيا" بعبارة "الغزو الكامل لأوكرانيا من قبل الاتحاد الروسي"، غير أن ذلك لم يحدث.
وعلى عكس ذلك، صوتت روسيا والولايات المتحدة ضد مشروع قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الاثنين، يدعو إلى سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا.
ويطالب القرار، الذي قدمته أوكرانيا وعدة دول أوروبية، بوقف فوري للأعمال العدائية والتوصل إلى حل سلمي يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويوصي بتكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع المزيد من التصعيد.
ويدعم قرارات الأمم المتحدة السابقة، التي تطالب بانسحاب روسيا الفوري والكامل وغير المشروط من حدود أوكرانيا المعترف بها دوليًا.
وكانت الولايات المتحدة قد طلبت من أوكرانيا سحب مشروع القرار هذا قبل أن يتم التصويت عليه، بيد أنها رفضت، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
ومثمنًا الدور الأمريكي، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، يريد تحسين الوضع السياسي في أوكرانيا.
وشهدت السياسة الأمريكية تجاه الصراع الروسي الأوكراني تحولًا جذريًا منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في 20 من يناير الماضي، حيث يرى مراقبون أن سياسته باتت تحابي "موسكو" على حساب "كييف".
وفي مواجهة هذا الموقف الأمريكي الروسي، أكد الاتحاد الأوروبي أن دعمه لأوكرانيا مستمر، موضحًا أن العمل جارٍ على حزمة جديدة من العقوبات التي تستهدف قطاعات مختلفة في روسيا.
وأكد الاتحاد الأوروبي على أهمية وضع أوكرانيا في موقف قوي، حتى تتمكن من رفض أي "اتفاق سيء"، مشددًا على أن أي اتفاق سيء لها سيكون سيئًا بالنسبة للولايات المتحدة بقدر ما هو كذلك لأوروبا.
وفي ذات الإطار، اتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن الوقت أصبح مناسبًا لإنهاء حرب روسيا ضد أوكرانيا، وذلك وفق ما صرح به الأول في مؤتمر صحفي مشترك مع الأخير، الاثنين، في البيت الأبيض.
ورجح دونالد ترامب أن تنتهي الحرب الروسية لأوكرانيا خلال أسابيع، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي أيضًا.
صفقة المعادن
في سياق متصل، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الاثنين، أنه سيلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع، وذلك بغرض التوقيع على اتفاقية تمنح بلاده حصة من عائدات أوكرانيا من المعادن الثمينة والموارد الطبيعية الحيوية. ومن الجدير بالذكر، أن أوكرانيا رفضت التوقيع على هذا الاتفاق، الذي وصفته بأنه "غير عادل"، لكن الولايات المتحدة تواصل من جانبها ممارسة ضغوطها على البلد الأوروبي، حتى تتم الصفقة.
وفي حال استمر الرفض الأوكراني لهذا المطلب الأمريكي، رجحت تقارير إعلامية أن تلجأ الأخيرة إلى قطع الدعم العسكري أو قطع الوصول إلى خدمة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في "ستارلينك".
وتريد الولايات المتحدة من خلال هذه الصفقة أن تعوض الدعم الذي قدمته لـ"كييف" طوال مدة الحرب.