الخميس 8 مايو 2025

تحقيقات

قناة بن جوريون.. مشروع صهيو أمريكي يمر عبر قطاع غزة

  • 7-3-2025 | 13:06

قطاع غزة

طباعة
  • محمود غانم

تواصل الإدارة الأمريكية تقديم الدعم غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي، قولًا وفعلًا، حتى يتسنى له إكمال ما تسميه بـ"مهمته في قطاع غزة"، الرامية علانية إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهو ما تريده "واشنطن" كذلك.  

ففي غزة، تقاطعت المصالح الإسرائيلية الأمريكية على إخراج الفلسطينيين من أراضيهم، فأما إسرائيل "قوة الاحتلال" فأسبابها في ذلك معلومة، فهي تريد أن تنعم بخير هذه الأرض، كما نعمت بغيرها من قبل.  

ومن ناحية الولايات المتحدة، فمن السذاجة أن نتوقف عند تصريحات رئيسها دونالد ترامب، عندما قال إنه يريد السيطرة على قطاع غزة فقط لتحويله إلى ما أسماه بـ"ريفييرا" الشرق الأوسط، فإذا كان الأمر كذلك، فها هي أراضي بلاده الممتدة على أكثر من تسعة ملايين كم²، هي أولى بذلك.

وذلك يدفعنا إلى أن نغوص في أعماق الحدث باحثين عن أسباب أخرى دفعت الولايات المتحدة الأمريكية للخروج عن كل مألوف، بغية الحصول عليها، فالمتأمل في تاريخ هذه البلاد يدرك تمامًا أن مثل هذه التصرفات لا تحدث إلا في مثل هذه الأحوال.

هناك فرضية واحدة، بحسب مراقبين، تدفع الولايات المتحدة، وحليفتها إسرائيل، لمثل هذا التصرف، تتمثل في إنشاء ممر مائي بديل لقناة السويس يسمى قناة "بن جوريون"، يربط بين ميناء إيلات على البحر الأحمر والبحر المتوسط، وهو ما يخدم "واشنطن" في ظل رغبتها في السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية، وهنا بالضبط تلاقت مصالحها مع إسرائيل. 

ووفقًا لمراقبين، فإن قناة "بن جوريون" تلك ستزيل أهمية قناة السويس بالنسبة للجيش الأمريكي عند الحاجة لمساعدة إسرائيل.

قناة بن جوريون 

وتعود فكرة إنشاء قناة "بن جوريون" إلى خمسينيات القرن الماضي، إلا أن توقيع إسرائيل السلام مع مصر في سبعينيات القرن ذاته، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهت المشروع بسبب التضاريس والتشكيك في جدواه، جعلته لا يجاوز الأوراق التي خط عليها. 

بيد أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 أعاد إحياء المشروع الذي يجمع بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية مرة أخرى. 

فأما إسرائيل فتريد من خلال هذا المشروع، إلى جانب ما تملكه من موانئ، أن تكون حلقة وصل بين آسيا وأوروبا، وأما الولايات المتحدة الأمريكية فتريد من جانبها مواجهة مشروع طريق الحرير الصيني، بحسب مراقبين.

وفي هذا الصعيد، يؤكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن الرغبة الإسرائيلية في خلق قناة "بن جوريون" التي ستكون بديلة لقناة السويس يجري الحديث عنها في العلن، لا في الخفاء فقط.  

واستدل "الرقب" على ذلك، في حديث لـ"دار الهلال"، بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2013، حيث تحدث آنذاك عن إيجاد هذه القناة لتربط قارة آسيا بقارة أوروبا، وهذا يؤكد أن هذا المشروع الذي تعود فكرته إلى خمسينيات القرن الماضي ما زال قائمًا في عقله، وفقًا له.  

ومن جهة أخرى، رأينا كيف ضغطت الولايات المتحدة الأمريكية على بنما لتفكك شراكاتها مع الصين، حتى لا يتم سحب قناة بنما منها، ومن هنا، فإن مشروع قناة "بن جوريون" وارد كذلك في ذهن الولايات المتحدة، خاصة أنها تتعمد التصعيد مع "بكين"، حسب "الرقب".

قناة بن جوريون.. بين الواقعية والوهم 

ويمثل أهمية قطاع غزة في مشروع قناة "بن جوريون" في أن السيطرة عليه ستوفر نحو 100 كم من الطول المخطط سابقًا للقناة، حيث سيصبح ميناء القطاع نقطة الوصول والمغادرة بين البحرين الأبيض والأحمر.

وحتى يتسنى إدخال قطاع غزة في هذا المشروع، لا بد أولًا من تفريغ أهله، وهو ما فشلت إسرائيل في تحقيقه على مدى أكثر من 15 شهرًا شنت فيها حرب إبادة جماعية ضد الأهالي فيه، والآن، يأتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليمنحها ما عجزت عن تحقيقه ميدانيًا كخطوة أولى نحو مشروع قناة "بن جوريون".

وهو ما تذهب إليه تحليلات فلسطينية، حيث تشير إلى أن دخول قطاع غزة إلى السيطرة الإسرائيلية سيكون عامل مهم في تقليل التكاليف وتسريع مسار الإمدادات عن طريق تجنب الالتفاف حول غزة للوصول إلى ميناء عسقلان. 

وفي المقابل، يرى اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق والخبير الاستراتيجي، أن الحديث عن إنشاء قناة "بن جوريون" غير ممكن عمليًا، ليس فقط لأن إسرائيل لو كانت تريدها لشرعت في إنشائها من قبل، بل أيضًا لأنه لو كان هذا ممكنًا لقام البريطانيون أو الفرنسيون بإنشاء هذه القناة بدلًا من قناة السويس، ومع ذلك، لم يقدموا على هذا الخيار. 

ويوضح "الغباري" في حديث لـ"دار الهلال"، أن سبب عدم إقدامهم على إنشاء هذه القناة هو أن طريق المخطط جبلي وضخري، وهذا عائق كافٍ لإحجامهم عن ذلك، وفرضًا لو قلنا إنهم سيلجأون إلى المتفجرات والديناميت أو ما شابه، كم سيكون طول القناة؟.. أطول من قناة السويس بحوالي 100 كم، وبذلك ستكون تكلفة العبور هناك أعلى من القناة المصرية. 

وبرأي الخبير الاستراتيجي، فإن مشروع قناة "بن جوريون" محكوم عليه بالفناء من قبل أن يولد، ولذلك يؤكد أن طرح هذا المشروع يأتي لإثارة البلبلة فقط لا أكثر.

 

الاكثر قراءة