دعا عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال كلايف لويس رئيس الوزراء كير ستارمر الذي ينتمي للحزب إلى الإختيار بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وقال لويس في مقال بصحيفة بولتيكس هاوس "إن أوروبا هي الشريك الأكثر توافقا مع المملكة المتحدة مقارنة بالولايات المتحدة الاستبدادية، التي تشبه الفاشية الناشئة..وإن الفشل في إدراك ذلك قد يكون له عواقب كارثية على بلدنا".
وأضاف: إن رفض رئيس الوزراء لحاجة بريطانيا للاختيار بين الولايات المتحدة وأوروبا ، ووصفه للأمر بـ"السخافة" هو خطأ متهور وخطير.
وتابع:أنه بعيدا عن كونه مجرد فارق استراتيجي بسيط، أصبح هذا الاختيار الآن محوريا لأمن بريطانيا ومستقبلها الاقتصادي ونزاهتها الديمقراطية.. إن فكرة أن بريطانيا يمكنها التوازن إلى الأبد بين هذين التحالفين المتناقضين تتجاهل الحقائق الجيوسياسية القاسية التي تعيد تشكيل النظام الدولي.
وأضاف :من الناحية الجيوسياسية، أصبحت العلاقة عبر الأطلسي مفككة بشكل يتعذر إصلاحه بسهولة.. إن استعداد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الظاهر للتضحية بسيادة أوكرانيا من أجل تأمين الحياد الروسي ضد الصين يمثل تحولا نموذجيا ذي تداعيات عميقة.
وقال لويس في مقاله :يجب الآن أن يتكامل الدعم الثابت لبريطانيا لأوكرانيا بشكل كامل في هيكل أمني أوروبي أعمق ليظل ذا مصداقية وفعالية.. إن عودة دونالد ترامب إلى السلطة جلبت ميولا انعزالية واستبدادية تهدد عقودا من بناء التحالفات.. لا تستطيع بريطانيا تحمل الغموض الاستراتيجي في مواجهة هذا التقلب ويجب عليها أن تثبت نفسها بشكل حاسم ضمن إطار أوروبي موحد".
وبحسب البرلماني البريطاني أنه من الناحية الاقتصادية، تتباعد المسارات بين الولايات المتحدة وأوروبا بشكل حاد. مشيرا إلى أن اختيار التوجه نحو الولايات المتحدة يعني "الارتباط بشكل أعمق برأسمالية غير منظمة، يديرها الأوليجارشيون مثل إيلون ماسك ويقودها سياسيا الشعبوية على غرار حركة "ماجا".
وتابع لقد سرعت إدارة ترامب الهجمات على المعايير الديمقراطية، واستقلال القضاء، والحريات المدنية – وهي اتجاهات تتعارض مع قيم أي حكومة عمالية مسؤولة.. سواء أعجبنا الأمر أم لا، يجب أن نرى إدارة ترامب كما هي: استبداد قبيح وفاشية ناشئة.
وذكر أن أوروبا، على الرغم من العديد من عيوبها، فهي تمثل نموذجا اقتصاديا وسياسيا أكثر توافقا مع بريطانيا. كما توفر الرأسمالية المنظمة، وحماية حقوق العمال، وترتيبات الأمن الجماعي، والالتزام بالمعايير الديمقراطية بديلا مفضلا بشكل كبير.
وأردف: الأهم من ذلك، أن تردد رئيس الوزراء في الالتزام بأوروبا يعكس حالة من عدم القرار الخطير. لم يعد دور بريطانيا التاريخي كجسر بين القارات قابلا للتطبيق بالنظر إلى السياسة الداخلية المتطورة في أمريكا.. وإن رفض الاعتراف بهذا يقوض مكانة بريطانيا العالمية ويجعل البلاد عرضة للاستغلال من قبل قوى معادية لمصالحها على المدى الطويل.
وأضاف:أن الاختيار الذي تواجهه بريطانيا ليس فقط جيوسياسيا بل داخليا أيضا. هناك تمرد شعبي من اليمين المتطرف، يقوده حزب "إصلاح المملكة المتحدة" ونايجل فاراج، وينتظر استغلال عواقب أخطاء حزب العمال. ويجب على حزب العمال تجنب تكرار تجارب التقشف الكارثية في الماضي، التي هيأت الطريق بالفعل لظهور أمثال ترامب وفاراج.. إن المعاناة الاقتصادية، وعدم المساواة، والتجزئة الاجتماعية - التي تفاقمت بسبب التقشف - تغذي السياسات اليمينية المتطرفة".
وأكد أنه يجب على بريطانيا أن تتبع فورا نهج ألمانيا. يجب على حزب العمال رفض مقترحات التقشف بشكل حاسم وبدلا من ذلك اتباع استراتيجية شاملة للنمو المستدام والمرونة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستحصن بريطانيا ضد صعود اليمين المتطرف.
وحذر من أن الفشل في التحرك بشكل حاسم سيبعث برسالة كارثية، مما يعزز السرد الذي يفيد بأن حزب العمال بعيد عن الواقع، ويعطي الأولوية للمناورات الجيوسياسية على حساب الاحتياجات الحقيقية للمواطنين.
واعتبر أن أمن بريطانيا وازدهارها الاقتصادي ومرونتها الديمقراطية يعتمد على هذا الاختيار.
وختم قائلا: يجب على حزب العمال أن يرفض بشكل عاجل وحاسم التقشف، ويقاوم التأثير اليميني المتطرف الأمريكي، ويعتمد رؤية اقتصادية وجيوسياسية موجهة نحو أوروبا. إن الغموض الآن ليس مرونة استراتيجية - بل هو إهمال سياسي مع عواقب كارثية محتملة.