أجاب الأزهر الشريف عن مجموعة من الأسئلة التي تشغل الصائمين في شهر رمضان المبارك، مؤكدًا إجابته بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، بالإضافة إلى الآراء الفقهية.
فتاوي الصائمين
وبسؤاله على ما حكم تقبيل الزوجة في الصيام؟، أجاب الأزهر، بأن قبلة الصائم لزوجته مباحة لا شيء فيها، ما دامت لا تحرك الشهوة؛ لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «إِنْ كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ»، ثُمَّ ضَحِكَتْ.
وتابع:وروى مسلم أيضًا عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِأَرْبَتِكُمْ»، وروى البيهقي عن عائشة فقالت: أَرَادَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُقَبِّلَنِي فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «وَأَنَا صَائِمٌ» ثُمَّ قَبَّلَنِي.
وبيّن أنه إن كان بقصد الشهوة واللذة كانت مكروهة عند جمهور الفقهاء؛ لما قد يجر إليه من فساد الصوم، وإن ترتب عليها نزول المني فسد الصوم ووجب القضاء. وأوضح أنه لا يكره التقبيل إن كان بقصد الرحمة والوداع، بل قال ابن حزم: "هي سنة مستحبة".
ما حكم الاستمناء (العادة السرية) في نهار رمضان؟
وفي إجابة على ذلك، قال الأزهر، إن الصحيح الذي عليه جماهير العلماء، هو أن الاستمناء باليد يبطل الصيام، وعلى فاعله القضاء.
وأضاف: ذهب ابن حزم من الظاهرية، وأبو بكر بن الإسكاف، وأبو القاسم من الحنفية إلى أنه لا يبطل الصوم، ولكن الصحيح هو قول الجمهور؛ لأن الإيلاج من غير إنزال مفطر، فالإنزال بشهوة أولى.
وأكمل فتواه: قال ابن قدامة: "وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِهِ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ، فَإِنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقُبْلَةِ فِي إِثَارَةِ الشَّهْوَةِ"، وعليه الكفارة عند المالكية والحنفية.
ما حكم الاحتلام في رمضان؟
أكد الأزهر، أن الاحتلام في النوم أثناء الصوم لا يفسده، وكل ما على الإنسان إذا استيقظ أن يغتسل حتى يصلي، ولو أخر الاغتسال حتى أذن المغرب فصومه صحيح أيضًا، والمبادرة إلى الغسل أولى وأحوط.
واستشهد بما رواه الإمام مسلم عن عائشة أنها قالت: "أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ، وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُدْرِكْنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-"وَأَنَا تُدْرِكْنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ...".
ما حكم الجماع في نهار رمضان؟
يعتبر الجماع أحد مبطلات الصوم، ويوضح الأزهر، أن هناك إجماعًا بين الأئمة على أن الجماع في نهار رمضان يوجب القضاء والكفارة، بشرط أن يكون المسلم متعمدًا مختارًا عالمًا بالتحريم، بخلاف الإمام أحمد، فإنه يرى أن الجماع موجب للقضاء والكفارة مطلقًا، سواء كان الصائم عامدًا أم ناسيًا، جاهلًا أم مختارًا، مكرهاً أم مخطئاً.
وعن أداء الكفارة، يبيّن أن ذلك أولًا يكون بعتق رقبة، وذلك غير متوفر في زماننا، فيلجأ إلى ما بعده، وهو صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكينًا من أوسط ما يطعم أهله.