تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.
والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.
خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.
واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "اللي خدته القرعة.. تاخده أم الشعور"
يعود أصل هذا المثل إلى امرأة كانت فائقة الجمال، تزوجت من رجل فقير الحال، رث الثياب وقبيح المظهر، كان هذا الرجل سيئ المعاملة، فتحملت فقره وعيوبه وسوء معاملته بصبر.
وفي أحد الأيام، أخبرها بأنه قرر الزواج من فتاة أخرى تصغرها سنًا وتتمتع بجمال يفوقها، أصابها هذا الخبر بحزن شديد، وملأت قلبها الحسرة على أجمل أيام عمرها التي ضاعت بجواره، وجمالها الذي أهدرته في حياة قاسية، وشبابها الذي ذبل وسط المعيشة الضنكة التي عاشتها معه.
وفي لحظة من الغضب واليأس، واجهته قائلة: "اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور"، كانت واثقة بأن الزوجة الجديدة ستلقى نفس مصيرها، وأن حالها وجمالها سيتغيران سريعًا تحت وطأة الظروف والمعاملة التي عانتها هي.
هذا المثل يعبّر عن فكرة أن التجارب القاسية والمعاناة قد تطال الجميع، مهما كانت البداية مختلفة.