في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية، تترقب أسواق المال قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس المقبل، 17 أبريل 2025، بشأن أسعار الفائدة، وسط تباين في توقعات الخبراء حول المسار الذي قد تتخذه اللجنة لمواجهة التحديات الحالية، خصوصًا مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار المحروقات.
خفض محدود أم تثبيت حذر؟
الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أكد في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال" أن اجتماع لجنة السياسة النقدية يأتي في توقيت حرج، مع ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 13.6% في مارس مقابل 12.8% في فبراير، مدفوعًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان، خاصة الفاكهة التي قفزت بنسبة 23.6%.
وأشار إلى سيناريوهين متوقعين، الأول خفض الفائدة بين 100 و200 نقطة أساس، بدعم من تباطؤ التضخم الأساسي إلى 9.4% وارتفاع الفائدة الحقيقية إلى 13.65%، ما يمنح المركزي مساحة للحركة، أما الثاني سيكون تثبيت الفائدة عند المستويات الحالية (27.25% للإيداع، 28.25% للإقراض)، بسبب مخاوف من خروج الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع أسعار المحروقات، وارتفاع الدولار إلى 51.3 جنيهًا.
وأوضح أبو الفتوح أن التحدي الأكبر أمام المركزي يكمن في الموازنة بين كبح التضخم وتحفيز الاستثمار، وسط استمرار أعباء خدمة الدين التي تستهلك نحو 58% من الإيرادات العامة للدولة.
دعم النمو في مقابل الحذر من المخاطر العالمية
من جانبه، رجّح الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف غراب أن تتجه اللجنة إلى خفض الفائدة بين 100 إلى 200 نقطة أساس، معتبرًا أن الارتفاع الطفيف في التضخم لا يعكس اتجاهًا تصاعديًا مستمرًا، بل هو نتيجة للطلب الموسمي في رمضان.
وأكد غراب أن الفارق الواسع بين معدل التضخم وسعر الفائدة الحقيقي يمنح المركزي فرصة لدعم النشاط الاقتصادي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى عوامل توجب الحذر، مثل رفع أسعار الوقود، وتوترات التجارة العالمية، ورسوم جمركية أمريكية جديدة، قد تؤدي إلى خروج جزء من الأموال الساخنة.
التثبيت هو الخيار الأنسب حاليًا
أما الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم فذهب إلى أن التثبيت هو القرار الأقرب للواقع، في ظل ارتفاع سعر البنزين بنسبة 12%، وتجاوز الدولار حاجز 51 جنيهًا، مؤكدًا أن هذه العوامل ستؤدي إلى مزيد من التضخم خلال الفترة المقبلة.
وشدد عبد الرحيم على أن رفع الفائدة لن يكون مجديًا، بل سيؤدي إلى زيادة عجز الموازنة وتضييق فرص الاستثمار، مضيفًا أن كل زيادة جديدة تمثل ضغطًا مضاعفًا على المالية العامة، وربما تعيد التضخم للارتفاع من جديد نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل في السوق.
وتوقع عبد الرحيم أن يتم تأجيل خفض الفائدة إلى اجتماع مايو المقبل، مشيرًا إلى أن دورة التيسير النقدي قد تبدأ حين تتراجع الضغوط التضخمية بشكل فعلي.
قرارات مرتقبة في ظل مشهد عالمي متقلب
وجدير بالذكر أن لجنة السياسات النقدية كانت قد ثبتت أسعار الفائدة في اجتماعها الأخير في 20 فبراير، بعد رفعها بنحو 1900 نقطة أساس منذ 2022، في إطار مواجهة موجات التضخم العالمية والمحلية.
ويُذكر أيضًا أن البنوك المركزية الكبرى تتجه تدريجيًا نحو خفض الفائدة، حيث ثبت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في مارس، بينما خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في مارس الماضي للمرة الثانية منذ بدء دورة التيسير النقدي.