في ضوء العديد من الاستفسارات التي تعرض علينا بكثرة خلال الفترات القليلة الماضية بشأن قانونية العملات الرقمية ( بيتكوين. |BTC · إيثريوم. |ETH · تيثر. |USDT ريبل. |XRP · بينانس كوين. |BNB وغيرها ) والسياسة المالية لجمهورية مصر العربية بشأنها كونها أحد الحلول المالية في السنوات القليلة الماضية :
نجد أن مصر نظرا لتطور الأنظمة والحلول المالية حول العالم بعد التطور التكنولوجي والرقمي الذي طرأ على العالم أسره فقد تعرضت مصر من خلال تشريعات قانونية تسعى من خلالها لحماية الاقتصاد المصري والثروات المملوكة للمصريين واتخذت عدد من التدابير الاحترازية الكفيلة للحد من الأخطار المالية التي تترتب على ذلك النظام الرقمي الجديد والذي أدى بعد رقمنة الأنظمة الإدارية إلى التوجه لرقمنة الأموال من خلال عملات رقمية متعددة ومتنوعة يصعب التحكم فيها وحمايتها لعدم وجود ضمانات تواجه المخاطر المتعددة التي قد تواجهها نظرا لحداثة النظام المالي الرقمي وصعوبة حماية المخاطر المترتبة عليه .
فقد اتبعت مصر نهجًا أكثر تقييدًا، حيث حظرت تداول العملات الرقمية وإصدارها والترويج لها دون الحصول على موافقة مسبقة . هذا النهج يعكس أولويات الحكومة في النقاط التالية:
السيادة النقدية: الطبيعة اللامركزية للعملات الرقمية قد تهدد استقرار الجنيه المصري من خلال إدخال أشكال بديلة للقيمة يمكن أن تؤثر على سياسات النقد التي تديرها الدولة
مكافحة الجرائم المالية: توفر المعاملات بالعملات الرقمية درجة من الخصوصية تجعلها جاذبة للأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن هنا، تهدف مصر إلى منع هذا النوع من المخاطر
الحفاظ على ثقة الجمهور في النظام المالي: من خلال الحد من التعاملات المالية غير المنظمة، تسعى الحكومة إلى حماية المواطنين من المخاطر المرتبطة بأسواق العملات الرقمية التي تتسم بالتقلب والمضاربة .
وهذه التدابير التي اتخذتها مصر تمت مواجهتها من قبل عدد من أصحاب المصالح تارة وتارة أخرى من أنصار الحداثة المطلقة في شتى المجالات .
ومن التحديات التي تواجه داعمين العملات الرقمية والشركات في مصر
رغم القيود المفروضة، يظل الاهتمام بالعملات الرقمية قويًا بين المصريين، لا سيما الشباب الملمين بالتكنولوجيا والجاذبين إلى الاتجاهات العالمية. وفيما يلي أبرز التحديات التي يوجهها عشاق العملات الرقمية والشركات داخل البلاد :
• غياب الحماية القانونية: في ظل عدم وجود إطار تنظيمي يحمي الاستثمارات، يواجه المستخدمون مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسائر فادحة.
• الوصول المحدود إلى المنصات: غالبًا ما تتجنب منصات العملات الرقمية العالمية الشهيرة دخول الأسواق مثل مصر بسبب عدم وضوح اللوائح التنظيمية.
• الخوف من التداعيات القانونية: الحظر الصريح بموجب المادة 206 يثني الأفراد والشركات عن استكشاف التقنيات القائمة على البلوك شين خوفًا من التعرض للمساءلة القانونية.
الوضع القانوني للعملات الرقمية في مصر
العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم أحدثت تحولًا كبيرًا في النظام المالي العالمي، حيث قدمت تقنيات لا مركزية تتجاوز الوسطاء التقليديين مثل البنوك. لكن في مصر، أثار صعود هذه العملات الكثير من الالتباس وسوء الفهم. فالبعض يراها طريقًا سريعًا لتحقيق الثراء، والبعض الآخر يربطها بأنشطة غير قانونية، بينما هناك من يسيء فهم فكرة اللامركزية، وهي الأساس لتقنية البلوك شين (Blockchain) .
اللامركزية تعني أن العملات الرقمية(المشفرة) لا تخضع لسلطة مركزية مثل البنوك أو الحكومات، بل تعمل عبر شبكات موزعة تعتمد على تقنيات تشفير لضمان الأمان. على المستوى العالمي، يُنظر إلى هذا الابتكار كوسيلة لتحرير الأفراد ماليًا، لكنه يثير في مصر مخاوف تتعلق بالاستقرار الوطني والأمن المالي اذ حيث تنظر الحكومة إلى الأنظمة المالية غير المنظمة على أنها تهديدات للاستقرار والأمن الوطنيين.
في هذا السياق، تبنى البنك المركزي المصري موقفًا صارمًا تجاه العملات المشفرة، حيث حظر استخدامها دون موافقة مسبقة؛ ويعكس هذا النهج الأوسع الذي تنتهجه الدولة في التحكم في التقنيات المالية لضمان الامتثال للقوانين الوطنية، ومنع إساءة استخدامها في الأنشطة غير المشروعة، وحماية استقرار الجنيه المصري.
الإطار القانوني الذي يحكم العملات المشفرة في مصر
قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (القانون رقم 194 لسنة 2020)
في مصر، يكون اساس النهج التنظيمي للعملات المشفرة هو قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي. تحظر المادة 206 من هذا القانون صراحة إصدار، أو تداول، أو الترويج للعملات المشفرة أو الوحدات المشفرة دون موافقة مسبقة من البنك المركزي المصري. يمكن أن يؤدي انتهاك هذا الحكم إلى عقوبات شديدة، بما في ذلك الغرامات والسجن.
ويرتكز منطق البنك المركزي المصري على حماية النظام المالي من المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة، مثل :
التقلب وعدم الاستقرار : المشفرة مثل البيتكوين غير مستقرة بشكل سيئ السمعة، حيث تتقلب الأسعار بشكل كبير في فترات قصيرة .
تزايد احتمالية الاحتيال والنصب : إن غياب التنظيم يجعل من السهل على المخططات الاحتيالية استغلال المستخدمين غير المطمئنين..
الأنشطة غير المشروعة : يمكن استخدام العملات المشفرة لتمويل الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك غسل الأموال والإرهاب.
ومن خلال فرض ترخيص صريح لأي نشاط مرتبط بالعملات المشفرة، يضمن القانون احتفاظ الحكومة بالسيطرة على التقنيات المالية التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد.
وأكدت السلطة المالية في مصر ذلك من خلال بيان رسمي من البنك المركزي المصري (2021)
في يناير 2021، كرر البنك المركزي المصري موقفه بشأن العملات المشفرة من خلال بيان رسمي. حذر البيان الجمهور من تداول أو استخدام العملات الرقمية، مسلطًا الضوء على عدم وجود حماية قانونية للمستخدمين. وأكد أن أي خسائر مالية يتكبدها الناس بسبب تداول العملات المشفرة لن يتم تعويضها بموجب القانون المصري.
يتماشى هذا الموقف الحذر مع المخاوف العالمية بشأن العملات الرقمية، لا سيما طبيعتها المضاربة وقدرتها على تجاوز الأنظمة المالية التقليدية.