الثلاثاء 15 ابريل 2025

مقالات

الوضع القانوني للعملات الرقمية في مصر بين التجريم والإباحة

  • 13-4-2025 | 19:41
طباعة

في ضوء العديد من الاستفسارات التي تعرض علينا بكثرة خلال الفترات القليلة الماضية بشأن قانونية ‏العملات الرقمية ( بيتكوين‎. |BTC · ‎إيثريوم. ‏‎|ETH · ‎تيثر. ‏‎|USDT  ‎ريبل. ‏‎|XRP · ‎‏ بينانس كوين. ‏‎|BNB‏ وغيرها ) والسياسة المالية لجمهورية مصر العربية بشأنها كونها أحد الحلول المالية في السنوات القليلة ‏الماضية :‏

نجد أن مصر نظرا لتطور الأنظمة والحلول المالية حول العالم بعد التطور التكنولوجي والرقمي الذي طرأ ‏على العالم أسره فقد تعرضت مصر من خلال تشريعات قانونية تسعى من خلالها لحماية الاقتصاد المصري ‏والثروات المملوكة للمصريين واتخذت عدد من التدابير الاحترازية الكفيلة للحد من الأخطار المالية التي تترتب ‏على ذلك النظام الرقمي الجديد والذي أدى بعد رقمنة الأنظمة الإدارية إلى التوجه لرقمنة الأموال من خلال ‏عملات رقمية متعددة ومتنوعة يصعب التحكم فيها وحمايتها لعدم وجود ضمانات تواجه المخاطر المتعددة ‏التي قد تواجهها نظرا لحداثة النظام المالي الرقمي وصعوبة حماية المخاطر المترتبة عليه .‏

فقد اتبعت مصر نهجًا أكثر تقييدًا، حيث حظرت تداول العملات الرقمية وإصدارها والترويج لها دون ‏الحصول على موافقة مسبقة . هذا النهج يعكس أولويات الحكومة في النقاط التالية‏‎:‎

السيادة النقدية‎: ‎‏ الطبيعة اللامركزية للعملات الرقمية قد تهدد استقرار الجنيه المصري من خلال إدخال ‏أشكال بديلة للقيمة يمكن أن تؤثر على سياسات النقد التي تديرها الدولة

مكافحة الجرائم المالية‎: ‎توفر المعاملات بالعملات الرقمية درجة من الخصوصية تجعلها جاذبة للأنشطة ‏غير المشروعة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن هنا، تهدف مصر إلى منع هذا النوع من المخاطر

الحفاظ على ثقة الجمهور في النظام المالي‎: ‎‏ من خلال الحد من التعاملات المالية غير المنظمة، تسعى ‏الحكومة إلى حماية المواطنين من المخاطر المرتبطة بأسواق العملات الرقمية التي تتسم بالتقلب والمضاربة .‏

وهذه التدابير التي اتخذتها مصر تمت مواجهتها من قبل عدد من أصحاب المصالح تارة وتارة أخرى من ‏أنصار الحداثة المطلقة في شتى المجالات . ‏

ومن التحديات التي تواجه داعمين العملات الرقمية والشركات في مصر

رغم القيود المفروضة، يظل الاهتمام بالعملات الرقمية قويًا بين المصريين، لا سيما الشباب الملمين ‏بالتكنولوجيا والجاذبين إلى الاتجاهات العالمية. وفيما يلي أبرز التحديات التي يوجهها عشاق العملات الرقمية ‏والشركات داخل البلاد ‏‎:‎

غياب الحماية القانونية‎: ‎‏ في ظل عدم وجود إطار تنظيمي يحمي الاستثمارات، يواجه المستخدمون ‏مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسائر فادحة‎.‎

الوصول المحدود إلى المنصات‎: ‎‏ غالبًا ما تتجنب منصات العملات الرقمية العالمية الشهيرة دخول ‏الأسواق مثل مصر بسبب عدم وضوح اللوائح التنظيمية‎.‎

الخوف من التداعيات القانونية‎: ‎‏ الحظر الصريح بموجب المادة 206 يثني الأفراد والشركات عن ‏استكشاف التقنيات القائمة على البلوك شين خوفًا من التعرض للمساءلة القانونية‎.‎

الوضع القانوني للعملات الرقمية في مصر

العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم أحدثت تحولًا كبيرًا في النظام المالي العالمي، حيث قدمت تقنيات ‏لا مركزية تتجاوز الوسطاء التقليديين مثل البنوك. لكن في مصر، أثار صعود هذه العملات الكثير من ‏الالتباس   وسوء الفهم. فالبعض يراها طريقًا سريعًا لتحقيق الثراء، والبعض الآخر يربطها بأنشطة غير ‏قانونية، بينما هناك من يسيء فهم فكرة اللامركزية، وهي الأساس لتقنية البلوك شين (‏Blockchain‏) .‏

اللامركزية تعني أن العملات الرقمية(المشفرة) لا تخضع لسلطة مركزية مثل البنوك أو الحكومات، بل تعمل ‏عبر شبكات موزعة تعتمد على تقنيات تشفير لضمان الأمان. على المستوى العالمي، يُنظر إلى هذا الابتكار ‏كوسيلة لتحرير الأفراد ماليًا، لكنه يثير في مصر مخاوف تتعلق بالاستقرار الوطني والأمن المالي اذ حيث ‏تنظر الحكومة إلى الأنظمة المالية غير المنظمة على أنها تهديدات للاستقرار والأمن الوطنيين.‏

في هذا السياق، تبنى البنك المركزي المصري موقفًا صارمًا تجاه العملات المشفرة، حيث حظر استخدامها ‏دون موافقة مسبقة؛ ويعكس هذا النهج الأوسع الذي تنتهجه الدولة في التحكم في التقنيات المالية لضمان ‏الامتثال للقوانين الوطنية، ومنع إساءة استخدامها في الأنشطة غير المشروعة، وحماية استقرار الجنيه ‏المصري.‏

الإطار القانوني الذي يحكم العملات المشفرة في مصر

قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (القانون رقم 194 لسنة 2020)‏

في مصر، يكون اساس النهج التنظيمي للعملات المشفرة هو قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي. تحظر ‏المادة 206 من هذا القانون صراحة إصدار، أو تداول، أو الترويج للعملات المشفرة أو الوحدات المشفرة دون ‏موافقة مسبقة من البنك المركزي المصري. يمكن أن يؤدي انتهاك هذا الحكم إلى عقوبات شديدة، بما في ذلك ‏الغرامات والسجن.‏

 

ويرتكز منطق البنك المركزي المصري على حماية النظام المالي من المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة، ‏مثل : ‏

 

التقلب وعدم الاستقرار : المشفرة مثل البيتكوين غير مستقرة بشكل سيئ السمعة، حيث تتقلب الأسعار بشكل ‏كبير في فترات قصيرة .‏

تزايد احتمالية الاحتيال والنصب : إن غياب التنظيم يجعل من السهل على المخططات الاحتيالية استغلال ‏المستخدمين غير المطمئنين..‏

الأنشطة غير المشروعة : يمكن استخدام العملات المشفرة لتمويل الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك غسل ‏الأموال والإرهاب.‏

ومن خلال فرض ترخيص صريح لأي نشاط مرتبط بالعملات المشفرة، يضمن القانون احتفاظ الحكومة ‏بالسيطرة على التقنيات المالية التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد.‏

وأكدت السلطة المالية في مصر ذلك من خلال بيان رسمي من البنك المركزي المصري (2021)‏

في يناير 2021، كرر البنك المركزي المصري موقفه بشأن العملات المشفرة من خلال بيان رسمي. حذر ‏البيان الجمهور من تداول أو استخدام العملات الرقمية، مسلطًا الضوء على عدم وجود حماية قانونية ‏للمستخدمين. وأكد أن أي خسائر مالية يتكبدها الناس بسبب تداول العملات المشفرة لن يتم تعويضها بموجب ‏القانون المصري.‏

يتماشى هذا الموقف الحذر مع المخاوف العالمية بشأن العملات الرقمية، لا سيما طبيعتها المضاربة وقدرتها ‏على تجاوز الأنظمة المالية التقليدية.‏

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة