الأربعاء 16 ابريل 2025

سيدتي

بعد قرار المحكمة الدستورية.. إنهاء حق المرأة في مسكن الحضانة يعيد الجدل حول "الكد والسعاية"| خاص

  • 16-4-2025 | 09:59

الأستاذ أحمد مختار المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية

طباعة
  • فاطمة الحسيني

بعد صدور قرار المحكمة الدستورية العليا بشأن انتهاء حق المرأة في مسكن الحضانة بمجرد بلوغ الأطفال السن القانوني، عاد الجدل مجددًا حول حقوق النساء بعد الطلاق، خاصة من قدمن سنوات طويلة من الكد والعمل المشترك مع أزواجهن في بناء حياة مشتركة، دون وجود تشريع يحفظ لهن ما ساهمن به من عوائد أو ممتلكات.

ومن جهته، قال الأستاذ أحمد مختار، المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن هناك العديد من النساء تعاني بعد انتهاء فترة الحضانة، خاصة في ظل غياب قانون ينص على تقسيم العوائد المشتركة بين الزوجين بعد الطلاق، والمعروف فقهيًا بـ"الكد والسعاية"، والذى دعي إليه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لحفظ هذا الحق للزوجة في ثروة زوجها، خاصة وأن هذا القانون يعود أصله الفقهي إلى أدلة الشريعة الإسلامية الواردة في حفظ الحقوق، والمقررة لاستقلالية ذمة المرأة المالية، والتي منها قوله سبحانه وتعالى: «لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ».

وأضاف المحامي بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن هناك إحدى الحالات التي عانت بسبب ضعف وعيها القانوني عن حقوقها المالية، حيث تزوجت منذ أكثر من 20 عامًا، وعملت مع زوجها في كشك صغير، وساهمت بجزء كبير من دخلها في تأسيس حياة مستقرة، حتى استطاعت، من خلال جمعية ادخارية، أن توفر مبلغ 80 ألف جنيه، وقامت بشراء شقة بهذا المبلغ، ولكن زوجها أصر على أن تسجل الشقة باسمه بحجة أنها امرأة ولا يصح أن تسجل الشقة باسمها، وهو ما فعلته بالفعل بسبب ضعف وعيها القانوني، ثم لم تمر سنوات قليلة حتى استولى الزوج على الشقة التي بنيت من مالها وجهدها، ولأن الأولاد قد تجاوزوا سن الحضانة، فقدت حقها في الإقامة بمسكن الحضانة، وبالتالي خرجت من مسكنها دون أن تحصل على أي مقابل لما قدمته خلال سنوات زواجها الطويلة، وهذا الوضع المؤلم تعاني منه الكثيرات، ويسلط الضوء على عدم وجود قوانين لحل تلك المشاكل حتى الآن.

وأكمل مختار، أن هناك بعض النساء يعانين من فراغ قانوني كبير بعد انتهاء سن الحضانة، حيث لا يحق لهن الاستمرار في مسكن الحضانة، وفي المقابل لا توجد قوانين تتيح لهن الحصول على نصيبهن من العوائد المشتركة التي تم تكوينها خلال سنوات الزواج، وبالنسبة "الكد والسعاية"، والذي يعرف شرعًا بمشاركة الزوجة في العوائد الناتجة عن الجهد المشترك بينها وبين زوجها أثناء العلاقة الأسرية، ولكن من الناحية القانونية، لا يوجد في القانون المصري الحالي ما ينص على تقسيم العوائد المشتركة بين الزوجين بعد الطلاق، فلا تستطيع المرأة، بحسب الوضع القانوني القائم، رفع أي دعوى تطالب فيها بالحصول على جزء من الأموال أو الممتلكات التي تم تكوينها أثناء الزواج نتيجة جهد مشترك بينها وبين شريكها.

وأكد، أن الكد والسعاية يشبه إلى حد ما نفقة المتعة، والتي تمنح للزوجة في حالة الطلاق الغيابي بدون علمها، وتقدر بحد أدنى سنتين من نفقة الزوجية الشهرية، مع صلاحية القاضي لتقدير مبلغ أكبر حسب ظروف الزواج، على سبيل المثال، إذا كانت النفقة الشهرية ألف جنيه، تمنح الزوجة 24 ألف جنيه كحد أدنى، ويحق للقاضي زيادتها حسب عدد سنوات الزواج، أما بخصوص مسكن الحضانة، فقد نص القانون على أن يظل في حوزة الأم حتى بلوغ أصغر الأطفال سن 15 عامًا، وبعد ذلك تسقط عنها صفة الحاضن، ويسقط معها حق الإقامة في المسكن، سواء قرر الأولاد الإقامة معها أو مع والدهم، وإذا قرر الأطفال الإقامة مع والدتهم بعد سن الحضانة، فعليهم أن يسكنوا في مسكن خارجي ويتحملوا أجر الحضانة بأنفسهم، ويرفعوه على والدهم، أما إذا فضلوا الإقامة مع الأب، فإن الأم تجبر على مغادرة المسكن، وتبقى بلا مأوى، لا سيما إن لم يكن لديها مصدر دخل أو خبرة تؤهلها للعمل.

واختتم أن هناك العديد من المقترحات المقدمة أمام القضاء، لإيجاد حلا لتلك المشاكل الأسرية، ومن أهم تلك الحلول العملية ما يلي:

-تضمين بند في عقد الزواج ينص على أن يتم تقاسم أي عوائد مالية أو ممتلكات، يتم تكوينها أثناء الزواج بشكل متساوٍ بين الزوجين، وكذلك الالتزامات المادية، بحيث يتحمل الطرفان معًا المسؤوليات والحقوق بشكل عادل، مما يقلل من النزاعات بعد الطلاق.

-أن يتم النص على التزام الزوج بتوفير مسكن ملائم لطليقته في حال استمر الزواج لأكثر من 15 أو 20 سنة، وذلك بغض النظر عن وجود أولاد أو سن الحضانة، فالمرأة التي أمضت سنوات طويلة في خدمة بيتها وتربية أطفالها دون أن تعمل أو تكتسب مهارات مهنية تجد نفسها في النهاية بلا مأوى أو مصدر رزق.

واختتم مختار حديثه قائلًا، أن القانون الحالي لا يعترف بمبدأ الكد والسعاية أو العوائد المشتركة، ولا توجد نصوص قانونية تمنح المرأة حق المطالبة بجزء مما ساهمت فيه خلال سنوات زواجها، ولهذا نأمل أن يتم النظر في هذه المقترحات، من أجل تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية وحماية للمرأة من الوقوع في فخ الفقر والتهميش بعد الطلاق.

الاكثر قراءة