نحتفل اليوم بشم النسيم، الذي يعد من أقدم الأعياد المصرية التي ترتبط بأذهاننا منذ عصور الفراعنة بمظاهر البهجة، والخروج إلى الطبيعة، وتلوين البيض، وتناول الفسيخ، والبصل، والخس، ولذلك نستعرض في السطور التالية أصل عيد شم النسيم عبر العصور المختلفة، بداية من الحضارة المصرية القديمة، حتى وصوله إلى العهدين المسيحي والإسلامي.
أصل عيد شم النسيم في الحضارة المصرية القديمة:
قسم المصريون القدماء سنتهم إلى ثلاثة فصول رئيسية، وهما الفيضان، الإنبات، والحصاد، وكان الانتقال من موسم الإنبات إلى موسم الحصاد لحظة مفصلية في تقويمهم الزراعي، حيث كان يبشر بنضج المحاصيل ووفرة الخير، لذلك أطلقوا عليه اسم "شوم إن سيم"، والتي تعني تحاريق الزرع، في إشارة إلى تغير لون القمح من الأخضر إلى الأصفر الذهبي.
وكان الاحتفال يبدأ بنهاية شهر أبريل، ويتواصل حتى مطلع يوليو، بالتزامن مع انتهاء موسم الزراعة وبداية موسم الفيضان، وكان الملك يقود احتفالًا ضخمًا يجوب خلاله الأراضي الزراعية بصحبة تماثيل الآلهة، ويقوم بحصاد أولى الثمار كتقليد رمزي لتقديمها للآلهة طلبًا للبركة، وهو ما يمثل جوهر أصل عيد شم النسيم في الحضارة الفرعونية.
أصل عيد شم النسيم في العصر الروماني:
عندما دخل الرومان مصر، تزامن موعد عيد شم النسيم مع احتفالهم بعيد الربيع، الذي يقام بأوروبا مع نهاية فصل الشتاء، ومع تقاطع التوقيتات والتقاليد، اندمج العيدان ليصبح الاحتفال المصري بعيد الحصاد متداخلًا مع طقوس عيد الربيع الروماني، مما أضاف طابعًا احتفاليًا بالطبيعة والخصوبة وتجدد الحياة إلى أصل عيد شم النسيم.
أصل عيد شم النسيم عند اليهود:
يرتبط عيد شم النسيم كذلك بخروج بني إسرائيل من مصر، حيث وافق يوم الخروج بقيادة النبي موسى عليه السلام موعد احتفال المصريين القدماء بعيدهم، فنقل اليهود تلك المناسبة وسموها "عيد الفصح"، ليصبح بذلك أصل عيد شم النسيم جزءًا من تاريخهم الديني، ثم تزامن عيد الفصح مع عيد القيامة المجيد في المسيحية، لتستمر العادة متوارثة باختلاف الأديان.
أصل عيد شم النسيم في العهد المسيحي:
مع دخول المسيحية إلى مصر، صادف موعد عيد شم النسيم فترة الصيام الكبير، وهو ما حال دون الاحتفال به مباشرة، فقام الأقباط بترحيله إلى اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، كما شهدت هذه الفترة تحور التسمية الأصلية من "شوم إن سيم" إلى "شم النسيم"، وهي التسمية التي استقرت حتى اليوم.
أصل عيد شم النسيم في الإسلام:
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الاحتفال بشم النسيم لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فهو مناسبة اجتماعية ذات طابع مصري خالص لا تتصل بطقوس دينية مخالفة، بل تشتمل على أمور محمودة مثل صلة الأرحام، الترفيه عن النفس، وزيارة الحدائق.