أكد الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي، أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن توحيد الرسوم الحكومية المفروضة على المستثمرين واستبدالها بضريبة موحدة تُحسب على أساس صافي الربح، تمثل خطوة محورية لتعزيز بيئة الاستثمار في مصر، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، في توقيت بالغ الأهمية وسط التغيرات الاقتصادية العالمية والحرب التجارية الدائرة، التي تدفع المستثمرين للبحث عن أسواق جديدة، مشيرًا إلى أن مصر ستكون من أبرز تلك الأسواق.
وأوضح مصطفى، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن تعدد وتنوع الرسوم الحكومية كان يمثل عبئًا ثقيلًا على الشركات، خاصة المصدرة منها، مما أثر سلبًا على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، وعلى تحقيق هدف الدولة بالوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030.
وأضاف أن هذا التوجيه الرئاسي، بالتزامن مع قرار البنك المركزي المصري الأخير بخفض أسعار الفائدة، يعزز مناخ الاستثمار، مؤكدًا أن المستثمرين طالما اشتكوا من غموض بعض مواد القوانين الضريبية وتعدد التفسيرات داخل مصلحة الضرائب، ما كان يفتح المجال لاجتهادات في التقدير الضريبي، وتأخير الفحص الضريبي، وزيادة الغرامات المالية، مما خلق بيئة طاردة للاستثمار.
وأشار مصطفى إلى أن التحديات أمام المستثمرين لم تكن تقتصر على الغموض الضريبي، بل شملت كذلك الحجز الإداري الشامل على أموال الشركات، والمغالاة في تقدير أسعار الأراضي والمنشآت الصناعية، وعدم الاعتداد أحيانًا باتفاقيات منع الازدواج الضريبي، وتعقيدات استرداد ضريبة القيمة المضافة، وغيرها من المعوقات البيروقراطية التي أثرت على استدامة الأعمال.
وأشاد الخبير الاقتصادي بالخطوات التي بدأتها وزارة المالية لمعالجة تلك الإشكاليات، عبر رفع الحد الأدنى لتسجيل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطبيق الضريبة القطعية، والبدء في التحول الرقمي الكامل لمصلحة الضرائب، وفقًا لأحدث المعايير الدولية، بما يسهم في تبسيط الإجراءات، ورفع كفاءة التحصيل، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتعزيز ثقة المستثمرين.
وشدد مصطفى على أن تطبيق ضريبة موحدة على صافي الأرباح سيربط العبء الضريبي بالقدرة الفعلية للمشروع، ما يعني أن من يحقق أرباحًا أعلى يدفع ضرائب أعلى، بينما لا تُثقل كاهل المشروعات المتعثرة برسوم ثابتة، مما يرسخ مبدأ العدالة الضريبية ويعيد بناء الثقة بين الدولة والمستثمرين، ويشجع على تدفق استثمارات جديدة تبحث عن منظومة ضريبية مستقرة وواضحة.
وأكد أن الاستقرار التشريعي والضريبي هو العنصر الأهم الذي يبحث عنه المستثمرون، أكثر من الحوافز المالية المؤقتة، حيث إن الوضوح والشفافية في منظومة الضرائب تتيح للمستثمرين التفرغ للإنتاج والتوسع والتصدير، بما يدعم أهداف التنمية الاقتصادية للدولة المصرية.