انتشر في الفترة الأخيرة اهتمام عدد ليس بالقليل من الشباب المراهقين بالمظهر، واتباع صيحات العناية بالبشرة، والذهاب إلى صالونات التجميل، بل وصل الأمر إلى استخدام منتجات المكياج والمناكير كجزء من روتين بعض الأولاد، خصوصًا في مرحلة المراهقة وبداية العشرينات، الأمر الذي جعلنا نتساءل عن كيفية حدوث هذا التحول، وهل هو مجرد موضة عابرة أم مؤشر على أزمة هوية لدى بعض الشباب؟ وكيف يمكن للأم أن تتعامل مع ابنها حين تلاحظ انجرافه وراء هذه المعايير الشكلية الجديدة؟
من جهتها، أكدت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الممارسات كانت تعد غريبة أو منافية للرجولة في عرف الأجيال السابقة، لكنها أصبحت مألوفة في بعض الأوساط الشبابية، الأمر الذي جعلنا نقف أمام تحدٍّ ثقافي واجتماعي كبير، تغذيه منصات التواصل الاجتماعي وبعض رموز الفن والمشاهير الذين يظهرون بصورة تجميلية ملفتة، بعيدًا عن الصورة التقليدية للرجل الشرقي.
وأضافت أستاذ علم النفس الاجتماعي أن الأمر لا يتعلق فقط بالمظهر الخارجي، بل يمتد إلى أبعاد نفسية عميقة، حيث يشعر الشباب أن الهوس بالجاذبية الشكلية هو الوسيلة الوحيدة للشعور بالقبول أو الجاذبية، ويغيب التركيز على القيم الحقيقية مثل تحمل المسؤولية، والثقة، والطموح، والنضج العاطفي، لأن هؤلاء الأولاد يعانون من ضعف الثقة بالنفس، ويحاولون تعويض ذلك بالشكل الخارجي، وكأنهم يرددون: "لا أكذب، ولكني أتجمل".
وأكملت أن البيت لم يعد هو المصدر الوحيد للتربية، بل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ذات التأثير الأكبر اليوم، من خلال تقديم نماذج جاذبة لكنها مشوهة في معايير الجمال والرجولة، خاصة في ظل غياب محتوى إعلامي يرسخ المفاهيم الصحيحة للرجولة. كما أن عددًا منهم يتعرض لاختراق ثقافي من خلال صور وأفكار تمس هوية الرجل الشرقي، وتقدم مفاهيم سطحية قد تدفعهم إلى اتباع سلوكيات بعيدة كل البعد عن الجوهر الحقيقي للرجل.
وقدمت مجموعة من النصائح للأمهات لأجل توعية الأبناء المراهقين وتحصينهم من الانسياق خلف هوس المظهر الخارجي، وأجملتها في النقاط الآتية:
-
لابد من تعليم ابنك أن الجاذبية الحقيقية تبدأ من الثقة بالنفس، وحب الذات كما هي، وأن الشخص الناضج هو من يمتلك شخصية قوية ومبادئ، لا من يعتمد فقط على مظهره الخارجي.
-
يجب أن توضحي للأبناء أن الجمال ليس فقط في البشرة أو الشعر أو الملابس، بل في الأخلاق، والكرم، والاحترام، والشهامة، وهذا ما يميز الإنسان ويجعل له مكانة في قلوب الآخرين.
-
من الممكن مشاركة الأبناء قصص رجال ناجحين لم يعتمدوا على المظهر الخارجي، بل على الاجتهاد والنجاحات العملية، مثل علماء أو قادة أو حتى أفراد من العائلة يمثلون القدوة الطيبة.
-
يجب توضيح أن العناية بالنظافة والمظهر سلوك صحي ومطلوب، ولكن ينبغي أن تكون باعتدال، وألا تتحول إلى هوس أو وسيلة لتعويض نقص داخلي أو لجذب القبول من الآخرين.
-
يجب مناقشتهم حول مخاطر تقليد الآخرين لمجرد مواكبة الموضة أو لفت الأنظار، خاصةً عندما لا يكون هذا نابعًا من قناعة شخصية أو هوية واضحة.