حثت مجموعة دولية من علماء الفيروسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ضرورة تكثيف جهوده الولايات المتحدة لمكافحة تفشي إنفلونزا الطيور H5N1 المستمر منذ عام والسيطرة على الخطر الذي قد يُسببه الوباء على البشر.
ويقول علماء فيروسات من 40 دولة إن تفشي إنفلونزا الطيور H5N1 المستمر في الولايات المتحدة يُزيد من خطر انتشار الفيروس بين البشر.. وفقًا لما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم /الثلاثاء/.
ويشير ارتفاع المعدل التاريخي للوفيات البشرية بسبب فيروس H5N1 إلى "العواقب الوخيمة للتهاون في مواجهة التهديدات الحالية"، وفقًا لعلماء الفيروسات البشرية والحيوانية في الشبكة العالمية للفيروسات التي تغطي أكثر من 40 دولة.
وبحسب "فاينانشيال تايمز" فإن هذا التحذير الذي صدر صباح اليوم يسلط الضوء على القلق المتزايد داخل الأوساط العلمية إزاء انتشار مسبب مرض الطيور H5N1 الذي تم اكتشافه في الدواجن في جميع الولايات الأمريكية الخمسين، حيث أصاب عشرات الأشخاص وتسبب في حالة وفاة واحدة مؤكدة على الأقل.
كما أثار العلماء مخاوف بشأن تأثير الاضطرابات في المؤسسات العلمية الأمريكية على جهود مراقبة فيروس H5N1، لاسيما في ظل سعي إدارة ترامب لخفض الإنفاق وتقييد الاتصالات .. وفي مقال نُشر في مجلة "ذا لانسيت ريجيونال هيلث-أميريكاس"، دعا العديد من العلماء الحكومات حول العالم إلى تعزيز المراقبة وتطبيق تدابير الأمن الحيوي والاستعداد لاحتمال انتشار الفيروس بين البشر.
وقالت البروفيسورة ماريون كوبمانز، المؤلفة المشاركة في مقال "ذا لانسيت" ورئيسة قسم علوم الفيروسات في مركز إيراسموس الطبي الهولندي:" حاليًا، يُعد خطر عدم تعامل البشر مع الحيوانات المصابة منخفضًا، لأن الفيروسات غير قادرة على الانتقال بين البشر".
وأضافت:" مع ذلك، يمكن أن تطرأ تغييرات مفاجئة إذا التقط الفيروس طفرات، وهو ما قد يحدث إذا استمر في الانتشار بين الثدييات .. عندها سنواجه سيناريو وبائيًا جديدًا محتملًا".
وانتشر تفشي المرض في الولايات المتحدة على مستوى البلاد منذ مارس 2024، مما أثر على أكثر من 1000 قطيع من الأبقار الحلوب، وأدى إلى نفوق أو إعدام عشرات الملايين من الدواجن.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، تم تحديد ما لا يقل عن 70 حالة إصابة بشرية، مع وفاة شخص واحد في لويزيانا .. وتعرضت كل من الإدارة الأمريكية السابقة لجو بايدن والحكومة الحالية للرئيس دونالد ترامب لانتقادات لفشلهما في بذل المزيد من الجهود لوقف انتشار المرض.. حسب قول الصحيفة.
وأضافت "فاينانشيال تايمز" نقلًا عن علماء مختصين قولهم إنه كلما طال أمد تفشي المرض واتسع نطاقه، زاد خطر اختلاط المادة الوراثية لمسببات الأمراض H5N1 بفيروسات أخرى، مما يجعلها أكثر قابلية للانتقال بين الأنواع .. ففي الشهر الماضي، أبلغت المملكة المتحدة عن أول حالة إصابة معروفة بفيروس H5N1 في خروف.
ودعا علماء الشبكة العالمية للفيروسات إلى سرعة تبادل معلومات التسلسل الجينومي الأمريكي والبيانات الوصفية المرتبطة به، مثل وقت ومكان أخذ العينات .. وقالوا: إن البيانات الجينومية الأمريكية الحالية تشير إلى "طفرات مستمرة" لفيروسات H5N1 شديدة الإعياء وحالات مشتبه بها في الثدييات مثل أسود البحر والمنك.
وأضافوا أنه إذا تبادلت مسببات الأمراض المادة الوراثية مع فيروسات إنفلونزا الخنازير أو البشر الموسمية، فقد يجعلها ذلك قابلة للانتقال بين البشر.
في المقابل، قيّدت إدارة ترامب اتصالات مختلف الهيئات العلمية، سعيًا منها لقمع الأبحاث في مجالات تشمل التنوع واللقاحات وتغير المناخ.
وتعليقًا على ذلك، أعرب علماء الفيروسات عن أسفهم "للقيود المفروضة على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وغيرها من هيئات الصحة العامة نتيجةً للمناخ السياسي الأمريكي الحالي".. وقالوا: إن مثل هذه الإجراءات تُعيق فعالية التنفيذ الكامل لتدابير الصحة العامة الوقائية".
وتابع العلماء أن اختبارات إنفلونزا الطيور الحالية غير كافية لوقف انتشارها، مما "أبقى أسعار البيض في الولايات المتحدة عند أعلى مستوياتها على الإطلاق" بسبب تأثيرها على قطاع الدواجن .. وأكدوا أن اختبار الحليب الذي تفرضه الحكومة هو "خطوة أولى حاسمة" في المراقبة، ولكنه "ليس واسع الانتشار بما يكفي" لأن التنفيذ يختلف باختلاف الولاية.