استعرضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت، لمحة مختصرة عن أبرز القرارات والتصريحات التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول مئة يوم من ولايته، مشيرة إلى التأثير الكبير لهذه السياسات في إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة في تقرير تحليلي أن الرئيس ترامب اتخذ قرارات مثيرة للجدل تجاه العديد من الدول، الصديقة منها وغير الصديقة، حيث لوّح بضم جزيرة جرينلاند، وهدّد بمهاجمة بنما، كما تحدث عن ضم كندا إلى الولايات المتحدة، في الوقت الذي زعزع فيه تحالفات أمريكا التقليدية مع أوروبا، وبدأ بإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي. كما تعهد بالتفاوض على اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وطرح خطة جريئة للاستحواذ على قطاع غزة. ولفت التقرير إلى أن كل هذه التحركات حدثت في أول مئة يوم فقط من عودته إلى المكتب البيضاوي.
وفيما يتعلق بالمكسيك، أوضح التقرير أن ترامب دخل ولايته الثانية مستعدًا لخوض مواجهة تجارية، معلنًا نيته فرض رسوم جمركية جديدة، بل واقترح تغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا".
ورغم التوترات، تمكّن ترامب من بناء علاقة قوية مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، التي نشرت قوات من الحرس الوطني على الحدود مع الولايات المتحدة بناءً على طلبه، وسلّمت 29 مطلوبًا في قضايا مخدرات.
لكن ترامب صرّح في 27 فبراير: "لا تزال المخدرات تتدفق من المكسيك... وإلى أن يتوقف ذلك أو يُحد منه بشكل جدي، ستُفرض التعريفات الجمركية الجديدة المقررة في 4 مارس."
ورغم هذا التهديد، استثنى ترامب لاحقًا بعض المنتجات المكسيكية المتوافقة مع اتفاقية "نافتا"، مفضلًا التفاوض على المواجهة الصريحة مع شينباوم التي لم تتردد في الرد عند الاختلاف معه.
أما عن كندا، فأشار التقرير إلى تحول حاد في العلاقة التقليدية الوثيقة مع الولايات المتحدة، حيث قال ترامب في 13 مارس: "كندا تعمل فقط كدولة، لسنا بحاجة إلى شيء منهم."
ورأى محللون أن فرضه رسومًا جمركية على الواردات الكندية كان محاولة لإظهار سيطرته على الاقتصاد الكندي، مما دفع كندا إلى تشديد إجراءاتها الحدودية. وبحلول منتصف مارس، أعلن ترامب مرارًا رغبته في "استيعاب" كندا ضمن الولايات المتحدة، ما أدى إلى تصاعد النزعة القومية الكندية وساهم في فوز الليبراليين في الانتخابات الفيدرالية.
وفي ما يخص بنما، انتقد ترامب مرارًا ما وصفه بـ"النفوذ الصيني على قناة بنما"، وقال في 4 مارس: "سوف تستعيد إدارتي قناة بنما، وقد بدأنا بالفعل في ذلك".
ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه شركة "سي كي هاتشيسون" من هونغ كونغ بيع حصتها المسيطرة في ميناءين بالقناة إلى اتحاد بقيادة شركة "بلاك روك" الأمريكية.
وذكر التقرير أيضًا أن ترامب وجد في الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي شريكًا رئيسيًا، خاصة في حملته ضد الهجرة غير الشرعية. ووجّه ترامب الشكر لبوكيلي على "استقباله مجرمين سُمح لهم بدخول أمريكا بغباء"، كما أُرسل نحو 260 مهاجرًا — معظمهم من فنزويلا — إلى السجون السلفادورية بموجب قانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798، رغم اعتراضات قضائية على بعض حالات الترحيل.
وفيما يتعلق بأوكرانيا وروسيا، تعهد ترامب بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة من توليه الرئاسة، ونجحت إدارته في التوصل إلى وقف إطلاق نار محدود.
وقال ترامب في 12 فبراير: "أعتقد أن بوتين وزيلينسكي يريدان السلام، وأنا كذلك".
رغم ذلك، لم تُحرز مفاوضاته أي تقدم يُذكر، في حين وقّعت أمريكا وأوكرانيا اتفاقية لتطوير الثروات المعدنية النادرة في أوكرانيا بعد اجتماع في الفاتيكان.
وشن ترامب هجومًا اقتصاديًا على الاتحاد الأوروبي، فانسحب من اتفاق باريس للمناخ، وفرض رسومًا جمركية على الصلب والألومنيوم وقطع غيار السيارات الأوروبية. ورد الاتحاد بالمثل، مستهدفًا منتجات أمريكية مثل البوربون والجينز. وفي أبريل، تراجع ترامب عن جزء من هذه الرسوم لفتح الباب أمام مفاوضات.
وأصرّ ترامب على ضرورة أن تسيطر الولايات المتحدة على جرينلاند، مشيرًا إلى موقعها الاستراتيجي ومواردها المحتملة. وأثار هذا التصريح غضب السلطات في جرينلاند والدنمارك، اللتين أكدتا أن الجزيرة ليست للبيع.
وعد ترامب بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ونسب لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، إلا أنه أثار جدلاً واسعًا حين اقترح إخلاء قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، ما أثار غضبًا عربيًا واسعًا.
وفي سياسته تجاه إيران، انسحب ترامب من الاتفاق النووي في ولايته الأولى، ويخوض الآن مفاوضات جديدة لتقييد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات، بينما لوّح باستخدام القوة العسكرية إذا لم توافق طهران.
واجهت الصين أعلى رسوم جمركية فرضتها الولايات المتحدة على أي دولة، وردت بكين بالمثل. وبدأت الحرب التجارية برفع الرسوم إلى 145% من الجانب الأمريكي، و125% من الجانب الصيني. ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود مؤشرات نحو التفاوض.